مرت «جمعة الإنذار الأخير» في مصر أمس هادئة، في ما واصل شباب الثورة اعتصامهم في ميدان التحرير وفي محافظات أخرى. واحتشد الآلاف في الميدان أمس رافعين لافتات تدعو إلى تحقيق مطالب الثورة من تطهير لمؤسسات الدولة والإسراع في محاكمة رموز النظام السابق. ولوحظ رفع شعارات تعترض على حركة التنقلات التي أعلنتها وزارة الداخلية قبل أيام وأقصي فيها مئات من قيادات الوزارة منهم متهمون بقتل الثوار ونقل ضباط من رتب أدنى إلى أعمال إدارية، إذ انتقد المتظاهرون عدم توقيف الضباط المتهمين بقتل الثوار عن أعمالهم وتوقيفهم حتى انتهاء التحقيقات. وغاب الإسلاميون عن تظاهرات أمس وبررت جماعة «الإخوان المسلمين» هذا الغياب بإعطاء المجلس العسكري، الذي يدير شؤون البلاد ورئيس الوزراء عصام شرف، الفرصة لتلبية مطالب الثورة. ولاحت في الأفق بوادر حلحلة «أزمة الاعتصامات» المتواصلة منذ أكثر من 10 أيام، إذ بادر شرف إلى إشراك شباب الثورة في مشاورات تشكيل الحكومة المقبلة المقرر أو تؤدي اليمين الدستورية أمام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الاثنين المقبل على أقصى تقدير، وفق تعهدات شرف نفسه. وذكر أن شرف سيضمن تشكيله الحكومي مجموعة من شباب الثورة، وسيعين منهم نواباً للوزراء. كما لجأ شرف إلى تعيين نائبين توافقيين له هما الخبير الاقتصادي حازم الببلاوي والقيادي في حزب الوفد علي السلمي بعد استقالة نائبه السابق يحيى الجمل الذي كثيراً ما أثار جدلاً. وبدا أن شكل التشكيل الحكومي الجديد سيكون حاسماً لجهة مصير الاعتصامات، بعدما رهنت 34 ائتلافاً وحزباً من المشاركين في الاعتصام فضه بشروط جاء على رأسها «تشكيل حكومة ثورية حقيقية» بعيدة الصلة تماماً عن أي عنصر من عناصر الحزب الوطني المنحل، وتضم عناصر ثورية سياسية متفقاً عليها من قوى الثورة، ومعروفة بتاريخها النضالي وامتيازها المهني في مجالها، وأن تمنح هذه الحكومة صلاحيات سياسية كاملة لإدارة البلاد. ومن بين الشروط بقاء المجلس العسكري «ضامناً سياسياً أعلى كما وكلته الثورة»، فضلاً عن التشكيل الفوري لدائرة جنائية مدنية واحدة لمحاكمة قتلة شهداء الثورة، وأن تكون المحاكمة ناجزة وعلنية، والتطهير الكامل وإعادة هيكلة حقيقية وجذرية لوزارة الداخلية، ووقف محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وإلغاء مرسوم تجريم التظاهر والاعتصام. وسعى الجيش إلى تهدئة التوتر في علاقته مع الثوار. وخرج عضو المجلس العسكري اللواء حسن الرويني مبرراً لهجة التصعيد التي تحدث بها عضو المجلس اللواء محسن الفنجري في بيانه الأخير بانزعاج المجلس من تهديدات متزامنة بغلق البورصة وطرق ومنشآت حيوية خصوصاً قناة السويس. وقال الرويني «ما جرى في هذا اليوم أزعج الجيش لأنه ارتبط في مخيلتنا بما جرى في 1956 قبل التدخل الأجنبي لاحتلال قناة السويس عندما تم الدفع بإسرائيل لمناوشة مصر ومطالبة بريطانيا وفرنسا لمصر بترك حماية وتأمين القناة لهم «. وأمر رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي الملحق العسكري في ألمانيا بسرعة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لاستكمال علاج أحد مصابي الثورة في ألمانيا على نفقة القوات المسلحة، فضلاً عن صرف شيكات التعويض لأهالي مئات من شهداء الثورة، وتأكيد رئيس هيئة القضاء العسكري اللواء عادل المرسي أنه لم يسبق أن تمت محاكمة أي ثائر مدني أو معتصم سلمي داخل المحاكم العسكرية، مشدداً على احترام القوات المسلحة الكامل لحرية الرأي والتعبير طالما كانت في إطار القانون وأنه لم يسبق أيضاً محاكمة أي صاحب فكر أو رأي داخل القضاء العسكري.