يحضر عروض الموضة الباريسية الموسمية، في العادة، الإعلاميون المتخصصون، والزبائن المعتادون اقتناء ثيابهم من الدار صاحبة العرض، إضافة إلى كبار نجوم السينما والفنون. أما الجمهور العادي، فلا يحق له، في الغالب، الدخول إلى هذه الأماكن التي يراقبها عشرات الحراس، إضافة إلى مئات كاميرات الفيديو ورجال الشرطة. لكن المبتكر الباريسي فرانك سوربييه كسر القاعدة أخيراً، فافتتح عرضه الخاص بتشكيلة خريف 2011 - شتاء 2012، لكل من يريد أن يرى نتاجه الفني، مقابل31 يورو يدفعها الراغب عبر الإنترنت لحجز مقعد في صالة العرض. وعرض سوربييه 200 تذكرة للبيع على الإنترنت، وقد نفدت خلال 24 ساعة، ما يؤكد لهفة الجمهور العريض لمشاهدة عروض الأزياء في شكل مباشر، بعدما اعتاد متابعتها عبر التلفزيون والمجلات المتخصصة. وقد تكون هذه اللهفة نابعة من حب الناس لرؤية عارضات الأزياء اللواتي أصبحن يتمتعن بشهرة تضاهي شهرة نجمات السينما. وتأتي خطوة سوربييه، المقدام في عالم الموضة، «تماشياً مع متغيرات العصر الحالي»، كما يقول. ويوضح: «حتى نهاية القرن العشرين، كانت الموضة تحظى بممولين، كان يطلق عليهم لقب الرعاة، لكونهم لا يبتغون الربح، بل هدفهم الشهرة التي يستمدونها من أسماء نجوم الموضة التي تجاور أسماءهم في وسائل الإعلام. وكان الرعاة يكتشفون موهبة فذة ويساهمون في إطلاقها في سماء الابتكار. وإذا أتى الربح، فلا مانع، إلا أنه ليس ضمن الأولويات». ويضيف سوربييه أن «عهد الرعاة ولّى الآن، وأصبح الممولون تجاراً يستثمرون أموالهم في الأزياء كما يفعلون في مجالات أخرى، وكل ما يسعون إليه هو الربح الوفير». ويبدو أن هذا التغيير الجذري في عالم صناعة الموضة، تسبّب في اختفاء عدد لا بأس به من دور الأزياء الصغيرة ومتوسطة الحجم التي تعجز عن تحمل نفقات هائلة لتضمن الاستمرارية ونوعية الإنتاج التي تفرضها الأناقة الباريسية الراقية على كل من يختار العمل في هذا المجال. هكذا، اختار سوربييه تجربة طريقة جديدة في تمويل عمله الإبداعي، محوّلاً الجمهور من متفرّج إلى «راعٍ» لموضته، مقابل 31 يورو للعرض الواحد. ولعل نجاح هذه الخطوة يحوّل عروض الموضة في المستقبل، من مناسبة مغلقة تماماً، وحصرية لفئة من المحظوظين، إلى استعراض فني مفتوح أمام عموم الجمهور مقابل شراء بطاقة، أسوة بالمسرح والسينما والعروض الفنية المختلفة. لكن السؤال الذي يُطرح هنا هو: هل سيستمرّ النجوم الهوليووديين، وغيرهم من الشخصيات الاجتماعية المعتادة خصوصية عروض الموضة، في حضورها، إذا وجدت نفسها محاطة ب «العامة»؟ لا بد أنها معادلة سيأخذها فرانك سوربييه وغيره من أهل الموضة في الاعتبار.