لم يشكل إيقاف سيدات قدن سيارات في شوارع رئيسة في مدن سعودية عدة، مصدر «قلق» لأخريات، أو يشكل ذلك مانعاً لهن من عدم تعلم القيادة، وعلى حد تعبيرهن «لم نفقد الأمل في أن نقود السيارة في يوم ما، وإن طال صدور القرار الذي يسمح لنا بذلك». وتعددت أوقات وأماكن القيادة للسيدات، إلا أن الليل هو الوقت المناسب لهن، ففي الهزيع الأخير منه، تخرج أم محمد (45 سنة)، وابنها الأكبر البالغ من العمر 19 سنة، في رحلة تعلم القيادة الليلية، حتى باتت قيادة السيارة أمراً «سهلا». وتقول: «لا أعتقد أن البر مكان مناسب لتتعلم فيه المرأة قيادة السيارة، بحكم طبيعة المكان، ومعظم السيدات يخترن المخططات السكنية الجديدة، فهناك الإنارة، والشوارع المسفلتة، وهو مكان أنسب من البر». ولثلاثة أشهر على التوالي، تخرج أم محمد مع ابنها إلى أحد المخططات القريبة من منزلها، حتى تعلمت قيادة السيارة، وصارت تخرج ليلاً إلى منازل جاراتها، ويلمحها المارة، إلا أن ذلك «لم يُعد مستغرباً»، مؤكدة «المرة الأولى هي الأصعب، وما بعدها سهل يسير». وخاضت ناهد حسين (35 سنة)، غمار التجربة بتشجيع من زوجها، في خطوة اعتبرها «تمهيدية». وفي حال تم إفساح المجال للمرأة لأن تقود، تكون زوجته «مستعدة». وتروي «قدت السيارة ليلاً برفقة زوجي في أماكن عدة. في البداية كانت نظرات المارة تصوب علي مباشرة، وتستغرب خطوتي. إلا انه مع تكرار محاولات من قبل سيدات على مستوى المملكة، أصبح الأمر مسلماً به في محيطي. وكأن المجتمع اعتاد على ذلك، فكثرة عدد الحالات جعلت المجتمع لا يستنكر ذلك، ويعتبره من عظائم الأمور، كما كان يرى الأمر سابقاً»، مؤكدة ثقتها بان «اليوم الذي تقود فيه المرأة السيارة آت لا محالة، لذا وبعد أن أتقنت القيادة، أصبحت أخرج مع جاراتي، لأعلمهن في المخطط السكني الجديد القريب من المنزل». وأن تكون المرأة فوق السبعين، وان تحصل على موافقة أحفادها، لتقود السيارة، إحدى «النكات» التي أطلقت، لتكون قراراً وهمياً ضمن القرارات الكثيرة التي تداولها السعوديون. وتقول مناهل اليوسف، وهي أرملة، وتعمل ممرضة في أحد المراكز الصحية: «بعد وفاة زوجي، وبسبب ظروف عملي، استقدمت سائقاً، كان يتعامل معي بكل وقاحة. وكأنني من يعمل لديه، لعلمه بحاجتي الماسة إلى وجوده»، مضيفة «لا يكاد يمر أسبوع، دون أن تصلني رسالة، على الموبايل، أو البريد الالكتروني، حول قوانين قيادة المرأة للسيارة، فاعتقد أن ما قرأت صحيح. وأبدأ في قراءة القرارات، لأرى أنها لا تتعدى نكات. والأغلب أن مطلقيها ممن يعارضون قيادة المرأة السيارة. وآخر ما وصلني انه «على المرأة أن لا تستعمل بوق السيارة، لأنه عورة بما أن السيارة لسيدة، ولا تشتري سيارتها إلا باللون الأسود، لعدم لفت الانتباه إليها، على أن يكون عمرها فوق السبعين». وشكل قرار المنع، وإيقاف سيدات بسبب قيادتهن السيارة، بيئة خصبة في مواقع الإنترنت، لتصبح المرأة السعودية على حد تعبير سعوديات «محط سخرية». فيما يخطط البعض إلى مشاريع مع انطلاقة قرار السماح، بافتتاح ورش نسائية، ثابتة أو متنقلة على الطرقات، تصل في حال الاتصال مع صاحبتها.