سعى رئيس الحكومة المصرية الدكتور عصام شرف إلى تقديم «تنازلات» لحل مشكلة الاعتصامات وفي المقابل أصر المعتصمون في ميدان التحرير وغيره على تلبية طلباتهم كاملة. ومع انشغال الجيش بترتيبات الشهور الباقية من المرحلة الانتقالية، والإعداد للتعديل الوزاري المنتظر إعلانه قبل الاثنين المقبل، سعى شرف إلى تجاوز مرحلة الشقاق مع الثوار من خلال إشراكهم في مداولات تشكيل الحكومة وإقصاء عدد كبير من قيادات وزارة الداخلية، منهم متهمون بقتل الثوار، في أكبر حركة تنقلات تعلنها الوزارة في تاريخها، اقترب المجلس العسكري خطوة من رغبة المطالبين بإرجاء الانتخابات البرلمانية ولو ضمنياً عبر التصريح بأنها ستجري في تشرين الأول (أكتوبر) أو تشرين الثاني (نوفمبر) المقبلين مع بدء الإجراءات الفعلية لها في أيلول (سبتمبر) المقبل التزاماً بالإعلان الدستوري الذي أقر في آذار (مارس) الماضي. وواصل الشباب لقاءاتهم مع شرف لعرض آرائهم بخصوص الحكومة الجديدة بالموازاة مع الإعداد لتظاهرات حاشدة غداً أطلقوا عليها «جمعة الإنذار الأخير». وأحاط رئيس الحكومة مداولاته بسرية تامة على عكس الأجواء التي صاحبت تشكيل حكومته الحالية. وأكدت مصادر حكومية أن المجلس العسكري منح شرف صلاحيات مطلقة في اختيار أعضاء حكومته وكذلك المحافظين الجدد. ورجحت استبعاد من 8 إلى 11 وزيراً غالبيتهم من المحسوبين على النظام السابق، فيما أشارت إلى أنه من المخطط أن تضم الوزارة الجديدة عدداً من الوجوه الجديدة البعيدة عن العمل السياسي فضلاً عن شباب من ائتلافات الثورة. وقال منسق حركة «شباب 6 أبريل» محمد عادل ل «الحياة» إن الحركة قدمت قائمتين لرئيس الوزراء الأولى تضم الأسماء المرغوب في استبعادها من التشكيل الحكومي والثانية تضم الأسماء المرغوب في ضمها للحكومة الجديدة. مؤكداً أن الاعتصام سيتواصل في ميدان التحرير بعد تظاهرات الغد. ورهن فضه «بإعلان المجلس العسكري ضمانات بعدم التدخل في تشكيل الحكومة الجديدة وإقرار قانون السطة القضائية الذي قدمه رئيس نادي القضاة السابق المستشار زكريا عبد العزيز وإلغاء قانون منع التظاهر وإقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار جودت الملط». ولم تقرر جماعة الإخوان موقفاً من المشاركة في تظاهرات الجمعة. وقال نائب المرشد الدكتور رشاد بيومي ل «الحياة» إن الجماعة لم تقرر شيئاً بخصوص المشاركة في التظاهرات، مضيفاً: «نؤكد أننا في حاجة إلى العودة إلى الحياة الطبيعية، وحين يكون هناك نوع من القصور نحتج وهناك وسائل عدة لتبليغ الاحتجاج غير الاعتصامات»، مشيراً إلى أن هناك وعوداً بإنجاز المطالب وبوادر للاستجابة «ولذلك لا نريد الضغط على الحكم لدرجة تفقده الأمل في استقرار البلاد». واقترب المجلس العسكري خطوة أخرى من المطالبين بإرجاء الانتخابات البرلمانية بعدما كان أعلن أنه سيتم إعداد وثيقة مبادئ حاكمة لاختيار أعضاء لجنة وضع الدستور لتهدئة مخاوف الليبراليين من سيطرة الإسلاميين على اللجنة. وأعلن المجلس أمس أنه تقرر إجراء الانتخابات البرلمانية بين تشرين الأول وتشرين الثاني. وقال مصدر عسكري مسؤول إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة ملتزم بما قرره في الإعلان الدستوري بأن تبدأ إجراءات انتخابات مجلسي الشعب والشورى خلال ستة شهور من تاريخ العمل بالإعلان ما يعني بدء الإجراءات الخاصة بانتخابات مجلسي الشعب والشورى قبل نهاية أيلول. وأضاف المصدر أنه سيتم بالتالي إجراء الانتخابات بعد الإعلان عن بدء الإجراءات الخاصة بالانتخابات بفترة لا تقل عن 30 يوماً، قد تصل إلى 50 أو 60 يوماً، ما يعنى إجراء الانتخابات خلال تشرين الأول أو تشرين الثاني المقبلين. وأوضح أن تحديد مواعيد بدء إجراءات انتخابات مجلسي الشعب والشورى ثم موعد الانتخابات يخضع لاعتبارات أمنية وتنظيمية والظروف التي تمر بها البلاد بداية من شهر رمضان ثم عيد الفطر ومن بعده موسم الحج وعيد الأضحى. وأعلن وزير الداخلية منصور العيسوي أمس أكبر حركة تنقلات وترقيات في تاريخ وزارة الداخلية شملت إقصاء 505 لواءات و82 ضابطاً برتبة عميد، منهم 18 لواء و 9 عمداء متهمين بقتل الثوار و82 ضابطاً برتبة عقيد بينهم متهمون بقتل الثوار. وشملت الحركة إقصاء 10 من مساعدي الوزير، ونائب رئيس قطاع واحد، و8 من مديري أمن، و55 مدير إدارة ومصلحة، و93 نائب مدير أمن ووكيل إدارة أو مصلحة، و92 مساعد مدير أمن ومساعد فرقة.