انتهت في واشنطن اجتماعات اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، من دون الوصول إلى اتفاق على موقف موحد إزاء استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ما عزاه مسؤول أميركي رفيع المستوى إلى «خلافات وفجوات بين الجانبين»، فيما رأى الرئيس الفلسطيني محمود عباس عدم الاتفاق «مؤشراً سيئاً»، مذكراً بأن الخيار الوحيد أمام الفلسطينيين هو التوجه إلى الأممالمتحدة. وبعد اجتماع استمر ساعتين وربع الساعة، امتنعت اللجنة عن إصدار بيان مشترك عن أعضائها الأربعة (الأمانة العامة للأمم المتحدة، روسيا، الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي). وأقر مسؤول أميركي رفيع المستوى، بوجود خلافات بين الجانبين تعيق استئناف المفاوضات. وأوضح أن هناك «فجوات عدة ما زال من المطلوب العمل عليها». وأشار إلى أن اللجنة أعادت تأكيد «دعم» ما ورد في خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في أيار (مايو) الماضي، واعتبار حدود العام 1967 مع تبادلات متفق عليها للأراضي أساساً للمفاوضات. ورغم انه لم يوضح ماهية الخلافات، فإن استمرار رفض إسرائيل لصيغة حدود العام 1967 يقف عائقاً رئيسياً أمام استئناف المفاوضات. وفي حين أن هناك استعداداً من روسيا والاتحاد الأوروبي لتبني هذه الصيغة رسمياً والضغط على إسرائيل، فإن واشنطن ليست في هذا الموقع بعد. ورداً على سؤال عن تأثير هذه الخلافات على توجه السلطة الفلسطينية إلى الأممالمتحدة لنيل اعترافها، أكد المسؤول أنه «من غير الواضح كلياً في هذه المرحلة ما سيسعى إليه الفلسطينيون في أيلول (سبتمبر)... سمعنا تصريحات مختلفة». لكن الرئيس الفلسطيني كرر أمس أن «الخيار الآخر» أمام الفلسطينيين في حال عدم استئناف المفاوضات هو التوجه إلى الأممالمتحدة. ورأى أن عدم صدور بيان من الرباعية «مؤشر سيء». وقال عباس إثر لقائه الرئيس اليوناني كارلوس بابولياس في مقر الرئاسة في رام الله: «كنا نتمنى صدور بيان من الرباعية لكن عدم صدور بيان مؤشر سيء يدل على أنهم مختلفون ونحن نريد أن يتفقوا، من أجل العودة إلى خيارنا الأساسي وهو المفاوضات على أساس حدود العام 1967». وشدد على أنه «إذا استنفدت كل الفرص ولم يتم استئناف المفاوضات، فإن أمامنا الخيار الآخر وهو التوجه إلى الأممالمتحدة... سنذهب إلى الأممالمتحدة، ونتمنى ألا تستخدم الولاياتالمتحدة الأميركية الفيتو ونتمنى أن نذهب متوافقين مع أميركا». وأكد أن اجتماع لجنة المتابعة العربية في القاهرة هذا الأسبوع ما زال قائماً. وقال: «يهمنا أن نعرف ما هو الموقف العربي سواء كانت هناك مفاوضات أو لم تكن، كذلك هناك قضية الذهاب إلى الأممالمتحدة». وأضاف: «ما زال مبرر اجتماع لجنة المتابعة العربية قائماً رغم فشل الرباعية في إصدار بيان مشترك وسنبحث في التوجه إلى الأممالمتحدة من خلال موقف عربي مشترك». وفي ما يخص اتفاق المصالحة بين حركتي «فتح» و «حماس»، قال عباس: «نحن ماضون في طريق المصالحة الفلسطينية وسنبذل كل جهد ممكن للتوصل إلى المصالحة، ونحن واثقون رغم كل الصعوبات المالية التي تواجهنا أنه بمقدورنا تخطي هذه الأزمة»، مجدداً مطالبة المجتمع الدولي بالسعي إلى رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة. وعلمت «الحياة» في القاهرة أن عباس سيجري محادثات بعد غدٍ مع كبار المسؤولين المصريين تتناول عملية السلام وملف المصالحة. ومن المقرر أن يلتقي كلاً من رئيس المجلس العسكري ووزير الدفاع المشير محمد حسنين طنطاوي ورئيس الاستخبارات اللواء مراد موافي ووزير الخارجية محمد العرابي والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي. وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قال أمس إنه «لم يعد هناك خيار» أمام الأسرة الدولية سوى دعم طلب عضوية فلسطين الكاملة في الأممالمتحدة بعد فشل اجتماع اللجنة الرباعية. وأضاف: «آن الأوان للمجتمع الدولي أن يعلن تأييده للمسعى الفلسطيني في الحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين على حدود العام 1967 لأن هذا التوجه الفلسطيني يحفظ عملية السلام ومبدأ حل الدولتين الذي تدمره إسرائيل». ورأى أن «محاولة المساواة بين الضحية الفلسطيني والجلاد الإسرائيلي الذي يحتل ارضنا والقول إن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يتحملان مسؤولية وقف المفاوضات خطأ وغير عادل». واتهم «الطرف الإسرائيلي» بأنه «هو الذي يرفض كل محاولات إحياء عملية السلام»، مؤكداً أن «الطرف الفلسطيني وافق على تنفيذ كل الالتزامات المطلوبة منه». وأضاف: «نحن نقبل مفاوضات على أساس حدود العام 1967 ووقف الاستيطان، لكننا نتحدى أن يعلن (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتانياهو قبوله مبدأ حل الدولتين على حدود العام 1967 وأن هذه الحدود مرجعية المفاوضات». وحمل «إسرائيل مسؤولية فشل وانهيار عملية السلام بالكامل»، داعياً الإدارة الأميركية إلى «وقف التعامل مع إسرائيل كدولة فوق القانون». من جهة أخرى (أ ف ب) عبرت حركة «حماس» أمس عن استيائها الشديد من استقبال عباس للرئيس اليوناني، معتبرة انه «سلوك مهين للموقف الفلسطيني». وقال القيادي في الحركة صلاح البردويل في بيان: «إننا في حماس نرفض سلوك الرئيس عباس المهين للموقف الفلسطيني ونطالبه بالتراجع عن ذلك». ودعا «جماهير الشعب الفلسطيني التي دانت الموقف اليوناني» إلى «استنكار موقف الرئيس الفلسطيني الذي يستقبل المعادين للشعب الفلسطيني ويرفض تطبيق المصالحة التي تم التوقيع عليها». ومنعت اليونان قبل أكثر من أسبوع السفن المشاركة في أسطول الحرية الثاني الذي يهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة، من مغادرة موانئها باتجاه القطاع. وأشار البردويل إلى أن عباس «يفاجئنا» باستقبال الرئيس اليوناني في رام الله «في الوقت الذي ضج الشعب الفلسطيني غضباً بموقف اليونان الرسمي الذي خالف كل الأعراف القانونية والإنسانية باستجابته للضغط الصهيوني، ومنعه أسطول الحرية 2 من الانطلاق إلى غزة من موانئ اليونان». واعتبر أن عباس استقبل بابولياس «رغم رفض الشعب الفلسطيني لهذه الخطوة التي لا تنسجم ومشاعره ورغم إطراء الرئيس الصهيوني شمعون بيريس على الرئيس اليوناني وشكره على موقفه المساند للموقف الصهيوني من منع سفن الحرية».