قال جندي إسرائيلي لزميله: «اقتله برصاصة في الصدر. هل معك رصاصة في المخزن؟». الثاني: «نعم. لكن لا أستطيع بسبب السلك الشائك». الثالث: «تعال أطلق من هنا». الأول: «ابن ال.... دائماً ينحني». وفجأة يصدر صوت إطلاق رصاصة واحدة، ويسقط شاب يرتدي قميصاً زهري اللون على الأرض، فيما يجري عدد من رفاقه ويحملونه بين أيديهم وينطلقون بعيداً. هذا المشهد ليس من فيلم صنعته أيدٍ أميركية محترفة في هوليوود، بل جريمة حقيقية صوّرها أحد الجنود الإسرائيليين على حدود قطاع غزة. ويُظهر الفيديو الصادم، الذي نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية مساء أول من أمس، ثلاثة شبان فلسطينيين عزّل يقفون على مسافة مئاتٍ من الأمتار من السياج الحدودي شرق القطاع، فيما قناصٌ إسرائيلي يوجّه سلاحه نحوهم، وجندي آخر يصوّر للتوثيق. وبدا جلياً من الحوار بين الجنود أنهم أرادوا «التسلية» بالقتل «العمد». وبعد إصابة الشاب وسقوطه أرضاً، هتف الجنود فرحين بتوثيق القتل، ونعتوه وأمه بألفاظ بذيئة، وعبّر أحدهم عن سعادته قائلاً: «إنه شريط فيديو رائع... لم أرَ مثله قط». وانتشر الفيديو البالغة مدته نحو دقيقة ونصف الدقيقة، على نطاق واسع، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية بتعليقات وردود فعل، ووصف ناشطون الجيش الإسرائيلي بأنه «جيش من القتلة»، و «الجيش الأكثر إجراماً في العالم». وأكد الجيش الإسرائيلي أمس صحة الفيديو، مشيراً الى تسجيله في 22 كانون الأول (ديسمبر) الماضي في منطقة «كيسوفيم» قرب مدينة دير البلح شرق قطاع غزة. ولم يجد الوزراء الإسرائيليون أي غضاضة في الشريط، حتى بعد تأكيد الجيش صحة ما ورد فيه، وتأكيده أنه سيفحص ما حصل في شكل جذري. وأشاد وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان بالقناص وبالجيش «الأكثر أخلاقية في العالم»، وقال خلال زيارته قاعدة عسكرية في الجولان السوري المحتل إن «القناص يستحق وسام شرف، فيما مصوّر الفيديو يجب تنزيله إلى أدنى رتبة عسكرية». كما دافع وزير التعليم زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي» نفتالي بينيت بكل قوة عن الجنود المشاركين في الشريط المصوّر، مبرراً مسبقاً فعلتهم بأنهم يدافعون عن حدود إسرائيل ومواطنيها. في المقابل، قال الفلسطينيون إن الجريمة الموثقة تثبت حجم فاشية جيش الاحتلال وتفشي «الكراهية والعنصرية» في صفوفه، وتفضح محاولات المسؤولين الإسرائيليين الهادفة إلى تشويه صورة «مسيرات العودة الكبرى» التي انطلقت في 30 من الشهر الماضي، عبر وصمها ب «الإرهاب». ورأت وزارة الخارجية الفلسطينية أن «صمت الدول على جرائم القتل والتعذيب والتنكيل بالفلسطينيين الموثّقة بالفيديوات، وعدم ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين ومحاسبتهم، مشاركة في تلك الجرائم لا تقل خطورة عن الجريمة نفسها». وأكدت أنها «تواصل متابعتها الحثيثة مع المحكمة الجنائية الدولية من أجل فتح تحقيق دولي في جرائم الاحتلال». واعتبر مدير البحث الميداني في «مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان «بيتسيلم» كريم جبران ل «الحياة»، أن «الفيديو يعكس حقيقة مئات المرات التي تم استهداف فلسطينيين وقنصهم وفقاً لتعليمات من المستويين السياسي والعسكري الإسرائيليين». وشدد على أن «إطلاق النار على مدنيين عزل مخالفة واضحة للقانون الدولي واستهداف للمدنيين وحق التظاهر السلمي». واعتبر أن «ما حصل قد يرقى إلى جريمة حرب».