في محاولة لمنع آلاف المحتجين المناهضين للحكومة من إستعراض قوة ضد رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق، أعتقل أكثر من 1400 شخص في العاصمة الماليزية كوالالمبور قبل تظاهرة غير مرخص لها أمس للمطالبة باصلاحات انتخابية، بينهم معارضتان هما ماريا شين وأمبيغا سترينفاسان (55 سنة) زعيمة إئتلاف «برسيه» (نظيف) الذي نظم التظاهرة، وفق الشرطة والمنظمين. وجرح حوالى 10 أشخاص في المواجهات بينهم الزعيم المعارض أنور إبراهيم، وأفاد محللون أن الشرطة كانت تتصرف في شكل مبالغ فيه وانها ستضر بصورة نجيب. وانضم إبراهيم، الذي يرأس إئتلافاً معارضاً من ثلاثة أحزاب، إلى الحشود وكان يرتدي هو وزوجته وابنته قمصاناً صفراء هي العلامة المميزة للحركة الاحتجاجية. واعتبر التظاهرة «رسالة واضحة جداً مفادها أننا لا نريد عملية انتخابية إحتيالية». وزاد: «نحن لسنا متأكدين ما إذا كنا سنصل إلى وجهتنا. لكن العرض سيستمر». وكانت سترينفاسان تلقت في العام 2009 جائزة وزارة الخارجية الأميركية التي تُكافئ على شجاعة النساء اللواتي ينشطن من أجل العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. وقالت لصحافيين قبل إعتقالها «نحن نقاتل من أجل انتخابات حرة ونزيهة. الحكومة تستخدم القوة ونحن نستخدم حقنا. حقنا سينتصر في النهاية». ونظمت التظاهرة التي أعلنت منذ أسابيع عدة نحو 60 منظمة تنضوي تحت راية «برسيه» ومدعومة من أحزاب المعارضة. وهي تطالب بأن تكون الإنتخابات العامة المقبلة المرتقبة بحلول 2013 «حرة وشفافة». واعتقلت الشرطة حوالى 150 شخصاً خلال الأسبوعين الماضيين بتهمة الدعوة إلى التظاهر في الوقت الذي تحظر فيه التجمعات السياسية في ماليزيا من دون إذن مسبق. لكن أطلق سراح معظمهم لاحقاً. وأوردت الشرطة على صفحتها على موقع «فايسبوك» اعتقال مئات الأشخاص، اعتباراً من منتصف ليل الجمعة - السبت في أماكن مختلفة من العاصمة. وأفاد شهود أن صدامات وقعت عندما أقتيد أشخاص كانوا يقاومون في سيارات الشرطة. وأوضح ناطق باسم الشرطة رملي محمد يوسف «إنهم أوقفوا بمعظمهم بسبب تجمعات غير قانونية في أماكن مختلفة من العاصمة». وزاد: «لقد اعتقلوا خصوصاً بسبب تجمعات غير قانونية»، مؤكداً أنه لم يحصل أي عنف أثناء هذه الاعتقالات. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على حوالى ألفي متظاهر تجمعوا في ساحة مرديكا، بينما هتفت حشود «يعيش الشعب» و «الإصلاح». وكان تجمّع حوالى 300 متظاهر قرب محطة للباصات حيث فرقتهم الشرطة. كما استخدم رجال الأمن الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه في محاولة لتفريق حوالى 8 آلاف متظاهر تمكنوا من الإلتفاف على حواجز الشرطة للتجمع أمام محطة للحافلات في بودورايا. وقال المنظمون انهم كانوا ينوون الوصول إلى استاد مرديكا فيما كان الحشد يتكاثر. ودافع محرز مهاتير وهو عضو نافذ في الحزب الحاكم عن موقف السلطات واتهم المتظاهرين باستفزاز الشرطة لإرغامها على استخدام الغاز المسيل للدموع بهدف إتهامها بعد ذلك بالبطش. وماليزيا هي اتحاد يضم 28 مليون نسمة، وتقودها منذ استقلالها في عام 1957 الجبهة الوطنية المؤلفة من إئتلاف متعدد الأتنيات من 14 حزباً. لكن المعارضة التي حققت اختراقاً في الإنتخابات الأخيرة التي أجريت عام 2008، تتولى رئاسة ولايات عدة من الاتحاد. واحتجاجات الشوارع نادرة في الدولة الواقعة في جنوب شرقي آسيا، ويشعر المستثمرون الأجانب بالقلق من أن الإضطرابات السياسية قد تؤجل الإصلاحات السياسية التي تعتبر ضرورية لجذب الاستثمارات. وربما يفكر نجيب إذا وضع تحت ضغط شعبي في إجراء انتخابات مبكرة، ما سيؤخر الإصلاحات مثل خفض دعم الوقود أو تقليص برنامج عمل إيجابي لغالبية سكان البلاد من عرق الملايو، علماً أن النمو الإقتصادي بلغ العام الماضي أعلى مستوى له منذ 10 سنوات. وتعهّد تجمّع «برسيه» بجمع عشرات الآلاف من المؤيدين وحشد أكبر تظاهرة مناهضة للحكومة منذ أدى عزل أنور إبراهيم من منصبه كنائب لرئيس الوزراء عام 1998 إلى احتجاجات عنيفة في الشوارع.