تحتضن مدينة أصيلة الأطلسية تنوع ثقافات العالم، كما عادتها منذ أكثر من ثلاثة عقود، مستقبلة حتى 22 من الشهر الجاري عشرات الدول ومئات الشخصيات، في مجالات الفكر والثقافة والسياسة والاقتصاد والإعلام والفن وفعاليات المجتمع المدني، وذلك في رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس. وتحتفي الدورة ال33 لمهرجان أصيلة بدولة الكويت كضيفة شرف هذه السنة، تزامناً مع احتفالها بالذكرى الخمسين للاستقلال. ورسخ هذا التقليد منذ أربع سنوات، وكانت دولة الإمارات ضيفة الشرف الموسم الماضي. وعلى مدى أسابيع، يجتمع في شمال المغرب أكثر من 400 سياسي ومفكر وشاعر وأديب وسينمائي وموسيقي ورسام وإعلامي، أتوا من أكثر من 40 بلداً، حول أنشطة وملتقيات ثقافية وفنية عديدة، استُهلت يوم الانطلاق، في الثاني من الشهر الجاري بندوة استغرقت ثلاثة أيام بعنوان «الهجرة بين الهوية الوطنية والهجرة الكونية»، طرحت طبيعة التحديات الإقليمية والدولية التي تواجه الفضاء المتوسطي الذي يجمع بين ثلاث قارات في عمقه الإستراتيجي، والإسهامات الحضارية للهجرة والالتزامات المشتركة والحوار بين الحضارات. وأشرف على التنسيق لهذه الندوة الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة الثقافي محمد بن عيسى، بمشاركة شخصيات سياسية عربية وإفريقية وأوروبية مرموقة، من أمثال الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان، ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية دولة الكويت محمد صباح السالم الصباح، ووزير الإعلام اللبناني السابق طارق متري، ورئيس جمهورية غانا السابق جون أجيكيم كوفور، ووزراء خارجية السنغال ومالي، ووزير الخارجية الإسباني ميغيل آنخيل موراتينوس، وثلة من الشخصيات المغربية والعربية والدولية. وتحتضن جامعة المعتمد بن عباد عدداً من ندوات موسم أصيلة، وعلى رأسها ندوة «النخبة والسلطة والديموقراطية في الوطن العربي» (11 و12 الجاري)، كمحاولة لفهم الحراك المجتمعي العارم في الشارع العربي. وتعقد ندوة «الإعلام العربي والإفريقي: صورة الواحد في إعلام الآخر» (14 و15 الجاري)، و«السينما والتلفزيون السياسي في الوطن العربي» (21 إلى 23 الجاري)، وندوتان في المحور الاقتصادي والبيئي، وأخرى عن «إصلاح الأممالمتحدة ومستقبل التعاون مع الجنوب» (8 الجاري) ويتوقع أن يترأسها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والرئيس السنغالي عبد الله واد. وتساهم الكويت بزخم كبير من الأنشطة للتعريف بتراثها الفني والاجتماعي والفكري، بحضور 200 شخصية كويتية أو يزيد، في ثلاث ندوات موضوعها الكويت: «الكويت: نصف قرن من العطاء الثقافي العربي» ( 5 و6 الجاري)، و«الحركة الأدبية في الكويت خلال نصف قرن» (19 و20 الجاري)، و «فن الخط العربي في الكويت» (7 الجاري). إضافة إلى معرض للفن التشكيلي الكويتي المعاصر، فضلاً عن مساهمة تشكيليين كويتيين في تلوين الجداريات في أزقة المدينة القديمة، ومعرض صور عن منجزات الكويت خلال السنوات الخمسين الماضية، ومعرض للكتاب الكويتي يقدم تاريخ الإصدارات الكويتية خلال نصف قرن، ومعرض خاص لمجلة «العربي» الكويتية بمناسبة يوبيلها الذهبي، وعرض أزياء مشترك مغربي كويتي، وعروض موسيقية وغنائية بمشاركة فرقة الفنون الشعبية الكويتية. كما تشارك الفنانة الكويتية أماني حجي بعرض للفن الأوبرالي، وتختتم الفعاليات الموسيقية في أصيلة بسهرة غنائية يحييها الفنانان الكويتيان بشار الشطي ومحمد البلوشي، مع فرقة الكويت الوطنية للموسيقى. ويتضمن برنامج موسم أصيلة جوائز للإبداع الأدبي (جائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الافريقي، وجائزة محمد زفزاف للرواية العربية، وجائزة بلند الحيدري للشعراء الشباب)، إضافة إلى عروض وأمسيات فنية وشعرية وتظاهرة متميزة للرسم والتشكيل على جدران المدينة العتيقة، التي تصير كل سنة معرضاً فنياً في الهواء الطلق بمشاركة 16 فناناً تشكيلياً من المغرب والكويت واليابان وإسبانيا، وورشة فنية أخرى للحفر بمشاركة فنانين من المغرب والأرجنتين واليابان والبرتغال. تأسس مهرجان أصيلة في العام 1978، على يد وزير الخارجية السابق ورئيس بلدية أصيلة محمد بن عيسى، بهدف دعم بلدة الصيادين التي كانت مغمورة وترميمها. وبمر السنين، صارت بلدة الصيادين مدينة عالمية، بفضل هذا المهرجان الذي يعد اليوم واحداً من أهم المهرجانات الفنية في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، لعمله على تعزيز قيم السلام والتسامح والحوار والتبادل والتضامن الثقافي.