سلّط حادث انتحار مراهق مصري أخيراً الضوء على خطر لعبة «الحوت الأزرق»، المنتشرة في الفضاء الافتراضي، والتي تفاعلت معها أوساط أمنية وعلمية على نطاق واسع، على أمل وضع حد لانتشارها القاتل على مستوى العالم. وكان خبر انتحار خالد حمدي الفخراني (18 سنة) الاثنين الماضي، وهو نجل برلماني مصري سابق، انتشر على ال «سوشيال ميديا»، بعدما أكدت عائلته أنه انتحر شنقاً تحت تأثير اندماجه التام مع لعبة «الحوت الأزرق»، والتي أدخلته في أيامه الأخيرة في اكتئاب حاد، وهو المعروف بتديّنه. وعلى رغم تحذيرات شديدة تواصلت خلال السنوات الأخيرة من خطر لعبة «الحوت الأزرق»، بعدما حصدت أرواح مئات المراهقين حول العالم، إلا أن اللعبة الإلكترونية ما زالت توقع مزيداً من الضحايا. وأعلنت عائلة الفخراني عبر موقع «فايسبوك»، أن الفتى راح ضحية تلك «اللعبة الشيطانية»، إذ عثرت شقيقته ياسمين على ورقة ألقاها في سلة المهملات تحوي بعض تعليمات اللعبة. «الحوت الأزرق» ليست اللعبة الانتحارية الوحيدة في العالم، لكنها الأكثر شهرة في بلدان كثيرة. وجاء اسمها لارتباطه بظاهرة الانتحار على الشواطئ. وهي تطبيق يُحمَّل على أجهزة الهواتف الذكية، ويتألف من 50 تحدياً، أولها نقش رمز «أف 57» أو رسم الحوت الأزرق على الذراع بآلة حادة، وإرسال صورة اليد إلى المسؤول، قبل أن تتوالى المهمات في أوقات معينة، منها الاستيقاظ في أوقات متقدّمة من الليل لمشاهدة فيلم رعب، أو البقاء 24 ساعة من دون كلام مع أحد. كما قد يُطلب من «المتحدي» أن يصور نفسه في مكان خطر. وبعد مراحل معينة، يظهر شخصٌ من فريق اللعبة ل «الدردشة» مع المتحدي لكسب ثقة تؤهله نفسياً للقيام بمزيد من المهمات الخطرة. وبعد «كسب الثقة»، يُطلب منه المزيد. وتتضمن اللعبة مهمات سرية (مكتوبة في التعليمات البرمجية)، يتخللها جمع معلومات عن المراهق وأسرته ومعارفه ومن هم في دائرة اهتماماته، يجري استخدامها لاحقاً لتهديده بإلحاق الأذى بأيّ من هؤلاء إن فكّر في الانسحاب، فيبدأ بالانصياع للأوامر، إلى أن يصل إلى مرحلة افتداء ذويه بالانتحار طواعية، عبر القفز من مبنى أو الطعن بسكين أو الشنق. وتسببت هذه اللعبة بانتحار المئات من المراهقين حول العالم، ورُصدت حالات في عدد من الدول العربية، بينها السعودية والجزائر وتونس. بدأت لعبة «الحوت الأزرق» في روسيا عام 2013 عبر الشبكة العنكبوتية حين أسس فيليب بودكين، وهو طالب علم نفس، «مجموعة الموت»، ما تسبب بانتحار نحو 16 مراهقاً في بلده. وبعد انكشاف أمره اعتُقل، وبرّر جرمه بأنه يهدف إلى التخلص مِن «النفايات البشرية». وقال أستاذ علم النفس والاجتماع إبراهيم عز الدين ل «الحياة»: «إن افتقار الشباب والمراهقين إلى الثقافة، وغياب التوعية والمراقبة والتنشئة الاجتماعية السليمة، يؤديان إلى انتشار تلك الألعاب الخطيرة»، لافتاً إلى أن الحرية المطلقة مفسدة، ويقتضي الأمر متابعة عائلية تجنباً لمزيد من حالات الانتحار بسبب «ألعاب شيطانية». وأضاف: «تستهدف هذه اللعبة المراهقين لكونهم يميلون إلى التجربة حتى إن كانت مؤلمة، كما أنهم يجنحون إلى التحرر من الأسرة». وشدد على ضرورة وجود رقابة حكومية على تلك الألعاب تجنباً لكوارث.