هناك جديد يخص جوليان أسانج، الذي وقف وراء اكبر عملية كشف وفضح للبرقيات الرسمية المرسلة من دبلوماسيين اميركيين وتخص اوضاع العالم وملفاته الساخنة، الظاهرة التي عُرفت بتسريبات «ويكيليكس». أسانج الذي تلاحقه الولاياتالمتحدة والقضاء في السويد بتهمة اخلاقية تم الادعاء عليه بموجبها، وهي اغتصاب امرأة، وهو ما ينفيه محاموه، هذه التفاصيل الدراماتيكية جعلت منه الاشهَرَ حتى الآن في الألفية الجديدة، خصوصاً عندما يقول إنه ليس برجل سياسة، بل «رجل يهجس بالحقيقة». ولا عجب اذاً أن تؤلف حوله مسرحية تجري التمارين حالياً، ويقال إن هناك مشروع فيلم، هذا اضافة الى الندوات الفكرية لمناقشة ظاهرته التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ. ومَن أَوْلى بسيدني عاصمة أستراليا باحتضان بعض هذه المشاريع التي كان آخرها مسرحية «فأر الستانلس ستيل»! المسرحية مأخوذة عن نص للكاتب المسرحي الأسترالي رون إليشا، وتجري أحداثها نهاية العام الماضي، عندما نشرت آلاف البرقيات الدبلوماسية الأميركية على موقع «ويكيليكس» بالتعاون مع بعض الصحف العالمية، مثل «ذي غارديان» البريطانية و»ديرشبيغل» الألمانية. ترتكز فكرة المسرحية على ان مخرجاً سينمائياً يحضّر لمشروع فيلم عن بروز أسانج كشخصية عالمية، ويقوم بمقابلة الممثلين المرشحين للأدوار المختلفة التي سيظهر فيها الرئيس الاميركي أوباما والرئيس الروسي ديمتري مدفيديف ورئيسة الوزراء الاسترالية جوليا جيلارد وأسانج نفسه. وتمتحن المسرحية كذلك مسألة تحول جهات عديدة ضدّ أسانج بسبب كشفه لتلك الأوراق، ومن هم الأشخاص والجهات الذين سيقفون معه في محنته، التي لا تخصه بصفته الفردية بالطبع ولكن تخص فكرة الدفاع عن رجل أراد كشف المستور وهناك من يلفق التهم. يقوم بالدور للمرة الأولى على المسرح وفي السينما، الممثل الاسترالي دارن ويللر، المعروف بأدواره المتميزة، مثل أدائه دور «هاملت» لشكسبير. ويللر صبغ شعره بلون ابيض قبل العروض حتى يدخل في الدور، وراح يدرس طريقة كلام أسانج، ويلاحظ «النبرة» البطيئة في طريقة كلامه، وأنه لا يحرك شفتيه كثيراً عند الكلام. دخوله في حالة الرجل الذي سيمثل شخصيته، جعلت بعضهم يوقفه في الشارع، معتقدين انه أسانج نفسه. مخرج المسرحية اموين هوريسون، صرح ان العرض سيركز على حياة أسانج في أستراليا، خصوصاً السنوات الأولى عندما كان يصحب والدته وزوج والدته الممثلين المسرحيين في جولاتهما داخل البلاد، اضافة الى فترة شبابه في مدينة ملبورن، عندما انشغل باقتحام المواقع الإلكترونية، وكان أبرز «هاكر» في أستراليا. في تلك الفترة، استخدم اسماً مستعاراً في موقع المواعدة (اوكي كيوبيد) هو هاري هاريسون، بطل رواية الخيال العلمي «فأر الستانلس ستيل» الصادرة عام 1961، وفيها ينضم بطل الرواية الى وكالة استخبارات. جوليان أسانج لا يلهم الاعمال الإبداعية فقط، فهو كان موضوع بحث في مهرجان سيدني الأدبي في أيار/ مايو الماضي، وخصصت ندوة فكرية لمناقشة تأثير ظاهرته في حكومات العالم والميديا بصورة عامة، ومن بينهم الباحثة سوليت دريفوس التي درست ظاهرة اقتحام المواقع الإلكترونية في الثمانينات والتسعينات في استراليا في كتابها الشهير «تحت الارض: حكايات الاقتحام، جنون ووساوس على الجهة الإلكترونية». الكتاب أنجزته بالتعاون مع أسانج نفسه، ويبحث في الخطوات التي قادت الى نتيجة ويكيليكس في النهاية، والتي تمت بالطبع بالتعاون مع المجند الاميركي ماننغ. الكتاب باع عشرة آلاف نسخة بعد صدوره عام 1997، ولكن بعد ان وضعت نسخته الإلكترونية على الانترنت عام 2001، فإن ما يقارب 400 ألف نسخة تم الدخول اليها عبر الموقع من شتى أنحاء العالم. دريفوس صرحت لموقع (ايج) أن أسانج لا يتحرك أبدا من منطلق سياسي، بل هو شخص يهجس بالحقيقة ويستقصي عنها بكل الوسائل. أسانج هو رابع شخص يحصل على جائزة «السلام للعدالة» بعد مانديلا والدلاي لاما ورجل الدين الياباني البوذي دايساكو ايكدو. يقول مدير معهد السلام إن هذا الشاب يتحدى قروناً من هيمنة رجال السياسة على حق الناس في معرفة الحقيقة، وخلق بذلك اسلوباً جديداً في الصحافة وحرية تدفق المعلومات.