شكا استشاري الطب النفسي ونائب رئيس الجمعية السعودية للطب النفسي الدكتور محمد شاوش ما يعانيه هذا القطاع في السعودية من أخطاء في الفهم والتطبيق، مرجعاً ذلك إلى عمر تطبيقه في المملكة الذي لا يتجاوز 40 عاماً. وقال شاوش ل «الحياة»: «إن ممارسة الطب النفسي بدأت بشكل ضعيف وخاطئ، إذ بدأ كمستشفى في الطائف وهو شهار، وكان يستخدم لحجز المرضى العقليين لعزلهم عن المجتمع، ولم تكن تعالج فيه الحالات النفسية». مؤكداً في الوقت ذاته أن وعي المجتمع بالنسبة للأمراض النفسية وأسبابها وطرق التعامل معها لا يزال قاصراً ويحمل مفهوم الوصمة المجتمعية بشكل يتجاوز ما يوجد في المجتمعات الأخرى في العالم. وأوضح أن المريض النفسي يصبح منبوذاً، يخشاه الناس ولا يزوجونه ولا يتيحون له الوظيفة. وقال: «حين نرى الدراسات في العالم نجد أن سدس سكان العالم يعانون من مشكلات نفسية، إذ إن الدراسات إن من 20 إلى 30 في المئة من أي مجتمع يمكن أن تعاني أمراضاً أو أعراضاً نفسية كالوساوس أو اضطراب النوم والكآبة والحزن». وأضاف: «لو ركزنا على مرض الاكتئاب بحد ذاته، فإنه يعد المرض السادس في الانتشار بين مختلف الأمراض، وفي عام 2020 سيكون مرض الاكتئاب الأول في الانتشار بين النساء والرابع في الرجال، لأن الظروف الاجتماعية والتحولات والضغوط الموجودة في العالم والحروب والتفكك الاجتماعي كلها تعد أسباباً مباشرة لزيادة الأمراض النفسية». وشدد شاوش على أهمية التوعية، خصوصاً لمن يذهب إلى الرقية الشرعية، إذ إن غالبيتهم يعانون من أمراض نفسية لكنهم لا يريدون الاعتراف، فيسهل عليهم تقبل كلمات من نوع معيون أو فيه سحر أو شعوذة ولا يرضى أن يقال عنه مريض نفسي، مشيراً إلى أهمية أن يعمل الجميع أن لا أحد محصن من الأمراض النفسية. ولفت إلى ارتفاع نسبة الأمراض النفسية لدى الأطفال، والتي منها فرط الحركة وتشتت الانتباه حتى وصلت إلى سبعة في المئة، معتبراً في الوقت ذاته أن ضغوطات الحياة اليومية ذات تأثير كامل وشديد على الإنسان. وتطرق إلى المفارقة في التعامل مع المرض النفسي بين المجتمع المحلي والمجتمعات الأخرى التي يعتبر فيها نوعاً من الرفاهية والترف، فيما لا يزال في البلاد وصمة عار، مطالباً بالتثقيف وتفعيل دور الإعلام في هذا الخصوص، بمساندة وزارة الصحة وعلماء الدين الذين يتحملون جزءاَ من المسؤولية في توعية المجتمع. واتفق مع شاوش المدير العام للشؤون الصحية في منطقة حائل استشاري الطب النفسي الدكتور نواف الحارثي، مضيفاً: «بالفعل نجد الكثير من السعوديين يتقبل بكل أريحية أن يقال عنه معيون أو مصاب بالسحر ولا يتقبل أن يقال له مريض نفسي، ولو حصرنا الشريحة التي تأتي إلينا فهي من المثقفين، وعلى العموم نحن متأخرون كثيراً في هذا المجال مقارنة بالدول الأخرى». وطالب الحارثي بتصحيح ثقافة المرض النفسي في الإعلام قائلاً: «في بعض المسلسلات يقومون بنقل صورة خاطئة عن المريض النفسي وكأنه شيء مرفوض وسيئ»، مشيراً إلى تفوق الإعلام المكتوب عن المرئي بنقل الصورة الصحيحة.