تفاوتت ردود أفعال إزاء دعوة «هيئة الحوار الوطني» إلى الاجتماع التشاوري يومي الأحد والاثنين المقبلين تمهيداً لمؤتمر الحوار الوطني المقرر لاحقاً. وفيما أبدى مستقلون «ترحيباً» والاستعداد للمشاركة في «لحظة تاريخية» تمر بها سورية. تحدث معارضون عن «توفير الظروف المناسبة» للحوار، فيما اكد آخرون المشاركة وطرح مواقفهم داخل قاعة «التشاوري». أما المعارضون، الذي دعوا بصفتهم الحزبية وممثلي الهيئات التي تشكلت في الأيام الأخيرة، فإنهم فضلوا بحث الدعوة «جدياً وإيجابياً» قبل تقديم موقف نهائي. إذ سيعقد المكتب التنفيذي ل «هيئة التنسيق لقوى التغير الوطني الديمقراطي» اجتماعاً يوم غد (الأربعاء) لتقديم جواب خطي، فيما دعا لؤي حسين مساء امس لجنة المتابعة المنبثقة من لقاء «سورية للجميع في ظل دولة ديموقراطية مدنية»، الذي عقد قبل أسبوع في احد فنادق دمشق، إلى اجتماع لصوغ موقف. وكانت «هيئة الحوار الوطني» بدأت امس بتوجيه الدعوات لنحو 140 شخصية معارضة ومستقلة إلى لقاء تشاوري في فندق صحارى قرب دمشق، بحيث يفتتحه نائب الرئيس فاروق الشرع قبل تشكيل لجان لمناقشة جدول الأعمال بعد إقراره من المشاركين. واطلع الشرع امس القيادة المركزية ل «الجبهة الوطنية التقدمية» على الترتيبات الخاصة بعقد اللقاء الذي اعلن عنه الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير تمهيداً للمؤتمر الوطني. وأفادت مصادر رسمية أن القيادة أكدت في اجتماع ترأسه نائب رئيس «الجبهة التقدمية» سليمان قداح امس، على أن «الإصلاح حاجة وطنية، وأن الحوار تحت سقف الوطن هو الذي يفتح الأبواب واسعة وعريضة أمام جميع الأطياف السياسية في المجتمع للمشاركة في معالجة الوضع الراهن وتحديد رؤية مستقبلية لتطور سورية». ووفق المعلومات المتوافرة ل «الحياة» فإن الدعوة تضمنت جدول أعمال اللقاء التشاوري بما في ذلك دور الحوار الوطني في المعالجة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأزمة الراهنة والآفاق المستقبلية، اضافة إلى «تعديل بعض مواد الدستور، بما في ذلك المادة الثامنة منه لعرضها على اول جلسة لمجلس الشعب (البرلمان) وعدم استبعاد وضع دستور جديد للبلاد وفق آليات يتم الاتفاق عليها». يشار إلى أن ولاية البرلمان انتهت في بداية أيار (مايو) الماضي، وإن المادة الثامنة تنص على أن حزب «البعث» الحاكم هو «القائد في الدولة والمجتمع». كما يتضمن جدول أعمال اللقاء التشاوري مناقشة مشاريع قوانين الأحزاب السياسية والانتخابات والإعلام، ذلك أن اللجان المكلفة صوغ مسودات القوانين انتهت من أعمالها وسلمت نتائج أعمالها إلى القيمين على ذلك. وعلم أن الدعوات تتضمن أيضاً أعضاء هذه اللجان للمشاركة في مناقشة المسودات وصولاً إلى افضل صيغه لها. وكان بين المدعوين شخصيات مستقلة، سياسية واقتصادية وثقافية، وشخصيات معارضة وطنية في داخل البلاد وخارجها. وكان لافتاً أن «هيئة الحوار» وجهت الدعوة إلى معارضين في سورية بصفتهم الحزبية وليس الفردية أو الشخصية، ذلك أن عضو هيئة الحوار الدكتور منير الحمش نقل إلى حسن عبد العظيم بصفته المنسق العام ل «هيئة التنسيق للتغير الديموقراطي» التي شكلت يوم الخميس الماضي من أحزاب ناصرية وشيوعية وكردية وطنية غير مرخصة. كما نقل أيضاً دعوة إلى لؤي حسين في لجنة متابعة مؤتمر «سورية للجميع». وقال عبد العظيم ل «الحياة» إن الدعوة وجهت إلى «هيئة التنسيق» أو من يمثلها الأمر الذي يعتبر «مبادرة إيجابية، تحصل للمرة الأولى، بحيث نعامل كأحزاب معارضة وليس أفراداً». لكنه قال إن البحث في موضوع الدعوة سيكون في اجتماع يعقده يوم غد، المكتب التنفيذي الذي يضم 18 عضواً برئاسته (عبد العظيم) ونيابة حسين العودات عن الداخل وبرهان غليون من الخارج. وزاد:»سندرس الأمر بجدية واهتمام وإيجابية، لكن القرار سيكون ديموقراطياً»، مع الإشارة إلى أن «هيئة التنسيق» أكدت يوم الخميس على جملة من المبادئ والأسس للحوار بينها إطلاق سراح معتقلين وحق التظاهر السلمي. وفيما اقترحت شخصية معارضة ل «الحياة» أن يشارك معارضون في اللقاء التشاوري لتقديم تصورهم ل «البيئة الصحية للحوار» وإعطاء فرصة لتحقيق ذلك قبل انعقاد المؤتمر الوطني على أساس التمييز بين «التشاوري» و»المؤتمر» باعتبار أن هدف الأول الإعداد للثاني مع ضرورة «التعاطي الإيجابي» مع مبادرات الدولة، قال المفكر طيب تيزيني ل «الحياة» انه سيشارك في لقاء يومي الأحد والاثنين لطرح ثلاث أفكار، هي: إيقاف أي مظهر للعنف، ضد الرصاص من أي سوري ضد أي سوري، اقتراح تشكيل لجنة للحوار الوطني الديموقراطي من جميع الأطياف، ضبط المظاهرات لتكون سلمية. وفي المقابل، أبدى عشرات المدعوين المستقلين استعدادهم للمشاركة. وقال الخبير الاقتصادي نبيل سكر ل «الحياة» انه سيشارك لأنه يرى أن هناك «جدية للإصلاح السياسي لتترافق مع الانفتاح الاقتصادي المطلوب ويعزز استمراريته». ورأى الأكاديمي والمحلل السياسي سامي مبيض الذي سيحضر اللقاء أن سورية «تمر بلحظة تاريخية، وهناك ضرورة أن تشارك كل الفعاليات وتحديداً المستقلة في صنع مستقبل جديد ديموقراطي لهذا البلد». وكانت نحو 120 شخصية مستقلة أصدرت امس في ختام اجتماع لها اول امس في احد فنادق دمشق تحت عنوان «مبادرة وطنية من اجل مستقبل سورية»، بياناً يلخص أعمالها. وجاء فيه أن المشاركين اتفقوا على «إيجاد الوسائل الممكنة لوقف العنف وانتهاج لغة الحوار ومحاربة أعمال كل العصابات المسلحة، والمطالبة بالتحقيق الفوري العلني مع كل الجهات المسؤولة عن تردي الأوضاع الأمنية وممارسة أعمال القتل وتخريب الممتلكات العامة والخاصة ونشر الذعر بين المواطنين الآمنين والتوجه إلى المؤسسة الأمنية لتحمل مسؤولياتها في حماية وحراسة المنشآت الوطنية الرسمية والبنى التحتية من الأذى والدمار»، اضافة إلى نقاط أخرى بينها العفو عن معتقلي الرأي وطرح مسودات القوانين على طاولة النقاش وتعديل الدستور لاسيما المادة الثامنة و»رفض أنواع الممارسات الخارجية ضد سورية بدءاً من العقوبات الاقتصادية وانتهاء بالتدخل الخارجي». كما شكل المشاركون نواة لجنة المبادرة بمشاركة النائبين محمد حبش وزهير غنوم، ذلك بعد مشاركة أربعة محاور بدءاً من بناء الثقة وصولاً إلى العدالة الاجتماعية والتنمية ومروراً بآليات الانتقال السلمي إلى الدولة الديموقراطية المدنية وتشريعها. وكان بعض المدعوين انسحب بعد جدل مع إدارة فندق «سميراميس» إزاء وجود الموافقة من «هيئة الحوار». غير أن المشاركين دافعوا عن انعقاده باعتبار يمثل «طريقاً ثالثاً» بين السلطة والمعارضة ويدعم الإصلاحات الجارية في البلاد. ويتوقع أن يعقد عدد من النواب المستقلين مؤتمراً آخر قريباً. وواصل شباب لقاءات حوارية في جامعات مختلفة في البلاد إزاء «التطورات التي تشهدها سورية وتطلعات ورؤى الشباب حول برنامج الإصلاح الشامل وتوقعاتهم من انعكاساته على حياتهم»، وفق «الوكالة السورية للأنباء»(سانا).