يتوجه حوالى 180 شخصية «جبهوية» و «بعثيية» ومعارضة ومستقلة وشبابية، صباحَ اليوم الى فندق «صحارى» قرب دمشق للجلوس الى «طاولة مستديرة»، في لقاء تشاوري للحوار الوطني يستمر يومين، وذلك لتقديم مقترحات وتوصيات تتعلق بمستقبل الدستور السوري والصيغ الأفضل لمسوَّدات قوانين الأحزاب والانتخابات والإعلام. وقال احد اعضاء «هيئة الحوار الوطني» ل «الحياة»، إنه كان هناك «اهتمام بحضور الهيئات المعارضة، لكن اللقاء سيمضي قُدُماً للوصول الى توصيات من المشاركين ووضعها امام هيئة الحوار والقيادة السياسية»، ما يعني ان اللقاء التشاوري قائم بجدول اعماله وبرنامجه، على رغم اعتذار شخصيات معارضة عن عدم الحضور. وأعلن رئيس»اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين» قدري جميل وجناح في «الحزب القومي السوري الاجتماعي» علي حيدر ل «الحياة» مساء امس، تشكيلَ «الجبهة الشعبية للتغيير» المعارِضة، عشية مشاركتهما في «التشاوري» اليوم. ويبدأ اليوم الاول للّقاء التشاوري الذي دعت اليه «هيئة الحوار» التي شكلها الرئيس بشار الأسد قبل اسابيع، بدقيقة صمت على ارواح الشهداء، ثم عزف النشيد الوطني، قبل ان يلقي نائب الرئيس فاروق الشرع خطاباً بالحاضرين، الذين سيجلسون جنباً الى جنب على «طاولة مستديرة»، تقابلها طاولة يجلس عليها اعضاء «هيئة الحوار» التسعة، وبينهم عضوا القيادة القطرية ل «البعث» الدكتور هثيم سطايحي وياسر حورية، وعضوا «الجبهة الوطنية التقدمية» (ائتلاف سياسي يضم الأحزاب المرخصة بقيادة «البعث» الحاكم) صفوان القدسي وحنين نمر، وأربعة آخرين. كما دعيت الى حضور قسم من فعاليات اللقاء التشاوري شخصياتٌ اعلامية وثقافية من دول عربية، بينها لبنان. وبحسب المعلومات المتوافرة ل «الحياة»، فإن الجلسة الافتتاحية التي تستمر نحو ساعتين، تتضمن ايضا إلقاء مداخلات تعبر عن اطياف المشاركين ووجهات نظر «البعثيين» و «الجبهويين» والمعارضين والمستقلين والشباب، على ان تُعقد جلسة اخرى مساء، تتضمن قيام رئيس كل لجنة من اللجان المختصة بتقديم موجز عن مسوَّدات القوانين الى الحاضرين، وفتح المجال للمداخلات. غير ان الموضوع الذي سيثير الكثير من المناقشات، بحسب جدول الاعمال، هو الذي يتعلق بالدستور، سواء «تعديل» بعض مواده، بما فيها المادة الثامنة (التي تنص على ان «البعث» هو الحزب «القائد في المجتمع والدولة»)، لعرضها على اول جلسة لمجلس الشعب (البرلمان)، او «عدم استبعاد وضع دستور جديد للبلاد وفق آليات يُتفق عليها». ومن غير المستبعد ان تُعقد جلسات حوارية بين المشاركين بعيداً من الاعلام. ويتضمن برنامج اليوم الثاني (الإثنين) جلستين، صباحية ومسائية، لاستكمال مداخلات المشاركين إزاء مسوَّدات القوانين، على ان ينتهي «اللقاء التشاوري» بتوصيات ومقترحات محددة توضع في بيان ختامي. وأوضح احد اعضاء «هيئة الحوار»، ان التوصيات ستُقدم الى «الهيئة» لدرسها وعرضها على القيادة السياسية لترجمتها الى واقع. وكانت مصادر مطلعة قالت ل»الحياة» إن مجلس الشعب (البرلمان) الذي انتهت ولايته في 5 أيار (مايو) الماضي سيعقد جلسة في 6 الشهر المقبل، باعتبار ان الدستور ينص على عودته الى الانعقاد في حال لم تجر الانتخابات البرلمانية خلال 90 يوماً. ويتوقع ان تصدر جميع القوانين قبل نهاية ايلول (سبتمبر) المقبل. وأكد يوم امس عدد اضافي من المدعوين حضورهم «التشاوري»، ويتوقع ان يتجاوز عددهم 180 شخصية، علما ان هيئات معارضة اعتذرت عن عدم الحضور، كما ان ثلاثة معارضين، بينهم سليم خير بك، ابلغوا يوم امس عضو «هيئة الحوار» منير الحمش اعتذارهم، وجاء في رسالة الاعتذار:»لا شك في أن الحوار على المستوى الوطني هو الوسيلة الناجحة للوصول إلى التوافق وإيجاد الحلول المناسبة للأزمات التي تمر بها البلاد، شرطَ توافر المناخ الملائم. هذا الحوار دَعَوْنا ولا نزال ندعو له»، مقترحة وقف ما يسمى «الحل الأمني» واعتماد «الحل السياسي كحل وحيد ناجع لها» واطلاق المعتقلين والسماح بالتظاهر السلمي وتطبيق وقف العمل بقانون الطوارئ. وكان هذا موقفاً مشابهاً لموقفي «هيئة التنسيق لقوى التغيير الديموقراطي» ومنسقها العام حسن عبد العظيم وهيئة متابعة تنفيذ لقاء «سورية للجميع في ظل دولة ديموقراطية مدنية» لؤي حسين، اللذين اعتذرا عن عدم المشاركة. وكان الشرع كشف ل «الحياة» قبل يومين حصول اتصالات تمهيدية مع المعارضة، قائلاً: «أكدنا عدم وجود شروط مسبقة من قبل أي طرف، لكن كل شيء مطروح على طاولة الحوار المستديرة بمضمون واحد وتحت سقف الوطن وبلغة مهذبة بعيدة من التجريح والاتهام والتخوين». وزاد أن الهدف من الحوار هو «طيّ صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة باتجاه المستقبل، فالوطن الموحد القوي الآمن الديموقراطي التعددي هو وطن جميع السوريين، والدعوات تمت على أساس حزبي وفردي، وهذا هو قرار هيئة الحوار». كما ان «الوكالة السورية للانباء» (سانا) نقلت عن المستشارة السياسية والاعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان قولَها، إن مَن رَفَضَ الحوار هم «بعض الاشخاص، وهذا شأنهم، وهذه لحظة وطنية، وفي اللحظات الوطنية الحادة يجب أن تكون المعارضة والحكومة وكل شرائح الشعب يداً واحدة لخدمة البلد ولانقاذه والتوجه به إلى المسار الصحيح»، مشيرة إلى أن هناك «الكثير من المعارضين الوطنيين وكل شرائح المجتمع السوري ستحضر هذا الحوار». وزادت ان القادمين إلى الحوار من «كل الشرائح ومن كل الأطياف لهم التمثيل الحقيقي في الشارع السوري، وهم الذين سيسيرون بهذا الوطن قدماً إلى الأمام بالتوجه الديموقراطي والتعددي الذي تحدّث عنه الرئيس بشار الأسد بالتفصيل». وأوضحت ل «الحياة» مصادر قريبة من «هيئة الحوار»، بعضَ ما جرى في الاتصالات مع المعارضين، قائلة انهم قالوا في البداية: كيف نتحاور مع السلطة التي لا تعترف ان هناك أزمة؟ فكان الرد ان الدعوة للحوار هي من اجل العمل على معالجة الأزمة. ثم قالوا: كيف نأتي والسلطة لا تعترف بنا كقوى سياسية؟ فأرسلت اليهم دعوات بصفاتهم، هيئاتٍ وتجمعاتٍ حزبية. وزادت انهم «تذرعوا أخيراً بوجوب إلغاء جميع المظاهر الأمنية والعسكرية، فقيل لهم: هل انتم قادرون على ضبط الشارع؟ فقالوا: نحن مع ما يقرره الشارع، عندها وُجِّه إليهم السؤال: هل انتم تقودون مَن يدَّعون تمثيل ما يسمى بالشارع، ام منقادون لهم؟ ثم جاء قرارهم أخيرا بالاعتذار» عن عدم الحضور. وأشارت الى ان «هيئة الحوار» اتخذت قرارها ب «المضي في اللقاء التشاوري الذي سيشارك فيه الكثير من الشخصيات الوطنية والحزبية ذات التوجهات المعارضة والمستقلة». وأشارت المصادر إلى ان الباب تُرك مفتوحاً، و «اليد ممدودة لمن يريد ان يشارك لاحقاً، خاصة ان اللقاء التشاوري هو بداية الطريق وليس نهايته».