قال نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في حديث الى «الحياة» إن الحوار الوطني في سورية يرمي الى «تغيير» المناخ العام والتأثير الإيجابي في مزاج المواطنين وبحث المشاركين تطوير «البنية» السياسية والاقتصادية والاجتماعية وصولاً الى «نظام تعددي ديموقراطي، يكون لصناديق الاقتراع والانتخابات النزيهة الدور البارز». وكان الرئيس بشار الأسد شكل قبل أسابيع «هيئة الحوار الوطني» من تسعة شخصيات هم: الشرع وعضوا القيادة القطرية لحزب «البعث» الحاكم الدكتور هيثم سطايحي وياسر حورية، وممثلا «الجبهة الوطنية التقدمية» حنين نمر وصفوان القدسي، إضافة الى الخبيرين الاقتصادي منير الحمش والقانوني إبراهيم الدراجي والديبلوماسي عبد الله الخاني والكاتب وليد إخلاصي. وقال الشرع في حديثه الى «الحياة» قبل انعقاد اللقاء التشاوري يومي الأحد والاثنين المقبلين، إن إطلاق الحوار الوطني «تم بقرار من رئيس الجمهورية خلال الأزمة في سورية، والحوار اكتسب زخماً متسارعاً بحيث أصبح مطلباً شعبياً وحاجة وطنية يمكن أن تساهم في حل هذه الأزمة، بحيث إن مختلف أطياف الشعب السوري وتياراته وأحزابه السياسية وفعالياته الاقتصادية والاجتماعية وشخصياته الفكرية من مختلف الاتجاهات والميول، تستطيع أن تعرب عن آرائها تحت سقف الوطن وتشارك في صياغة مستقبل سورية الوطني». ووجهت «هيئة الحوار» دعوات الى نحو 200 شخصية لحضور «التشاوري». وشملت القائمة شخصيات معارضة، من الداخل والخارج، ومستقلة ومن أحزاب «الجبهة الوطنية التقدمية» التي تضم ائتلاف أحزاب سياسية بقيادة «البعث» الحاكم. ويتضمن برنامج هذا اللقاء خطاباً للشرع قبل فتح المجال للحضور بإلقاء مداخلات بعد إقرار برنامج اللقاء وتشمل ثلاث نقاط: أولاً، دور الحوار الوطني في المعالجة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأزمة الراهنة والآفاق المستقبلية. ثانياً، تعديل بعض مواد الدستور بما في ذلك المادة الثامنة منه لعرضها على أول جلسة لمجلس الشعب (البرلمان) وعدم استبعاد وضع دستور جديد للبلاد وفق آليات يتم الاتفاق عليها (تنص المادة الثامنة على أن «البعث» الحزب «القائد في المجتمع والدولة»). ثالثاً، مناقشة مشاريع قوانين الأحزاب السياسية والانتخابات والإعلام». وأوضح نائب الرئيس أنه «يجب أن لا ننسى» أن اللقاء التشاوري سيتيح المجال للاستماع الى مختلف وجهات نظر المتحاورين ب «روح إيجابية للوصول الى قواسم مشتركة والعمل على تقريب الآراء، وخصوصاً في ورشات العمل. كل موضوع مدرج سيحتاج الى مجموعة عمل يحق للمحاورين من دون استثناء المشاركة بمناقشة مضمونه: فهناك ورشة عمل خاصة بقانون الأحزاب، وثانية بقانون الانتخابات وثالثة بقانون الإعلام». ومن المقرر أن يتسلم المدعوون الى اللقاء، نسخاً من مسودات القوانين التي أعدتها لجان كلفت في هذه المهمة خلال الفترة الأخيرة. وفيما بحثت مجموعة من الخبراء الدستور الحالي والاحتمالات الممكنة بين تعديله أو صوغ دستور جديد، يتوقع أن تشكل رسمياً لجنة لهذا الغرض. وطرحت فكرة إقرار مسودات القوانين في جلسة يعقدها مجلس الشعب (البرلمان) في 6 الشهر المقبل، ما يعني التمديد للبرلمان الحالي باعتبار أن المادة 58 من الدستور تنص على أنه في حال لم تجر انتخابات برلمانية بعد 90 يوماً من انتهاء المجلس «يعود المجلس القائم إلى الانعقاد حكماً ويبقى قائماً حتى يتم انتخاب مجلس جديد». وأوضح الشرع أن الحوار يرمي الى تحقيق هدفين: «الأول، آني ومباشر، يساهم -كما نأمل- في تغيير المناخ العام في سورية والتأثير على مزاج المواطنين بصورة إيجابية. الثاني، هو الأساس لأنه يعنى بتغيير وتطوير البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد من خلال المراسيم التشريعية والقوانين المطروحة والمؤسسات التشريعية المنتخبة لإقامة نظام تعددي ديموقراطي سيكون لصناديق الاقتراع والانتخابات النزيهة، الدور البارز لها في صوغ مستقبل سورية الوطني». وسئل عن المعايير التي على أساسها دعي المشاركون الى «التشاوري»، فأجاب الشرع أن «هيئة الحوار» عقدت بعد تشكيلها اجتماعات عدة معظمها غير معلن لأن «ما يعني المواطن هو نتائج هذه الاجتماعات»، وأن «الهيئة» أجرت اتصالات مكثفة حيثما تطلب الأمر ذلك الى أن تم الأمر على أن يكون المدعوون تحت ثلاثة عناوين ب «توازن افتراض أقرب ما يكون للواقع: ثلث يضم حزب «البعث» و أحزاب «الجبهة الوطنية التقدمية»، وثلث يضم المعارضة من مختلف الشرائح الاجتماعية التيارات والأطياف، وثلث يضم المستقلين». وأوضح رداً على سؤال آخر أن المستقلين في الحوار»ازدادوا عدداً، لكن الصورة العامة المتوخاة لن تتغير لأن قسماً من المستقلين سيكون أقرب الى أفكار واهتمامات المعارضة، والقسم الآخر سيكون أقرب الى فكر الحزب (البعث) و «الجبهة الوطنية»، آخذين في الاعتبار مشاركة الشباب وأخذ هواجسهم باهتمام كبير». وأوضح رداً على سؤال: «لو كانت قناعة الرئيس الأسد خلاف ذلك، لكان قد أصدر كل ما هو مطلوب بتوقيع منه من دون انتظار ما سيصدر عن الحوار». وفسر مراقبون دعوة الشباب رغبة في عكس توجهات الشارع. وسئل نائب الرئيس السوري عن الاتصالات غير الرسمية التي أجريت مع شخصيات معارضة تمهيداً للقاء، فأوضح: «كان من الطبيعي أن تحصل لقاءات تمهيدية غير معلنة بين بعض أعضاء هيئة الحوار وبين الشخصيات المعارضة، مباشرة أو عبر الانترنت». وأوضح رداً على سؤال آخر يتعلق بمطالب وضعها معارضون للمشاركة في الحوار: «أكدنا عدم وجود شروط مسبقة من قبل أي طرف. لكن كل شيء مطروح على طاولة الحوار المستديرة بمضمون واحد وتحت سقف الوطن وبلغة مهذبة بعيدة عن التجريح والاتهام والتخوين». وزاد إن الهدف من الحوار هو «طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة باتجاه المستقبل. فالوطن الموحد القوي الآمن الديموقراطي التعددي هو وطن جميع السوريين والدعوات تمت على أساس حزبي وفردي، وهذا هو قرار هيئة الحوار». وكانت «هيئة الحوار» دعت معارضين بصفتهم الحزبية مثل الدعوات التي وجهت الى حسن عبد العظيم بصفته المنسق العام ل «هيئة التنسيق للتغير الوطني الديموقراطي» ولؤي حسين منسق لقاء «سورية للجميع في ظل دولة ديموقراطية مدنية» ليحضرا اللقاء التشاوري أو يرسلا من يمثل الجهتين، ما اعتبره مراقبون اعترافاً بالمعارضة. وسئل الشرع عن أسباب عدم دعوة شخصيات في «الإخوان المسلمين» الى الحوار وعن رأيه بالحركات الإسلامية، فأوضح أن «الإسلام دين عظيم للبشرية جمعاء منتشر على امتداد المعمورة يتبنى حقوق الإنسان الأساسية التي تبنتها أوروبا وأميركا منذ مائتي عام فقط. دين لا يستطيع أحد احتكاره أو الاستئثار به أو تطويبه على ملكيته الخاصة. لكن أميركا وإسرائيل حاولتا منذ ثمانيات القرن الماضي ربط الإسلام بالإرهاب والمقاومة الإسلامية ضد الاحتلال الإسرائيلي بالإرهاب. بالتالي نحن نرى أن الإسلام الحقيقي لا يقبل الانجرار للأجنبي وراء خدمة أهداف العدو، ولا يقبل الاستقواء بالأجنبي. لذلك لم يكن غريباً أن تكون علاقاتنا مع «إخوان» مصر في عهد (الرئيس المصري السابق حسني) مبارك جيدة، على رغم أنها كانت سيئة مع النظام (المصري). كما كانت علاقاتنا مع «إخوان» الأردن قائمة على الحرص المشترك في دعم المقاومة في فلسطين، على رغم سوء تفاهم بين «حماس» والمملكة (الأردنية)». وعن تقويمه للقاءات المعارضين والمستقلين التي أجريت أخيراً في دمشق مثل لقاء «سورية للجميع» ومؤتمر النواب المستقلين، قال الشرع ل«الحياة»: «أرى، ويرى كثيرون في الداخل والخارج أن لقاءات المعارضين الأخيرة، ومن بينهم مستقلون أو حياديون، كانت إيجابية أو فيها نقاط إيجابية وخصوصاً تلك التي ركزت على وحدة الوطن ورفض الاستقواء بالخارج».