اعتبرت موسكو التطورات الجارية في إيران «شأناً داخلياً»، وأعلنت لدى استقبالها الرئيس محمود أحمدي نجاد «ترحيبها بالرئيس المنتخب». في حين حمل الأخير على الولاياتالمتحدة واعتبر أن مصائب العالم سببها «النظام الآحادي القطبية». وتحول نجاد أمس، إلى نجم قمة «شنغهاي للتعاون» التي عقدت في مدينة يكاتيرنبورغ عاصمة إقليم الأورال، خصوصاً بعدما أجّل يوماً واحداً موعد وصوله إلى روسيا الذي كان مقرراً أول من أمس، وثارت تكهنات حول احتمال إلغاء مشاركته في القمة. لكن وصول نجاد صباح أمس مع موعد افتتاح أعمال القمة والإعلان عن نيته عقد مؤتمر صحافي بعدها، أثارا شهية الصحافيين الذين انتظروا طويلاً قبل أن يعلن عن إلغاء المؤتمر، وأيضاً إلغاء اللقاءات الثنائية التي كانت مرتبة في السابق مع قادة بلدان منظمة «شنغهاي». واقتصرت محادثات نجاد خارج أعمال القمة على لقاء قصير مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، خرجت بعده الناطقة باسم الكرملين ناتاليا تيموكوفا لتعلن أن الرئيسين اتفقا على «مواصلة التعاون الاقتصادي والإنساني، وكذلك الاتصالات بينهما». وتجنّب نجاد، الذي كانت وسائل الإعلام الروسية قبل يومين أفادت بأنه سيأتي إلى روسيا «محتفلاً بانتصاره الكاسح» الإشارة في كلمته خلال القمة إلى الإنتخابات الرئاسية في بلاده ونتائجها، وركّز هجومه على الولاياتالمتحدة معتبراً أن «الأزمة السياسية والاقتصادية تؤكد فشل النظام العالمي الآحادي القطب». وزاد أنه «من الواضح أن عصر الإمبراطوريات يوشك على الافول، وفي المستقبل لن يتم إنعاش تلك الإمبراطوريات». وأوضح نجاد إن «العراق لا يزال محتلاً، وتتنامى الفوضى في أفغانستان وتتسع، وتبقى القضية الفلسطينية مستعصية، وعمت العالم أزمة سياسية واقتصادية، ولا يوجد أمل في حل هذه القضايا». وأضاف أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها «لا يستطيعون معالجة هذه الأزمات، والمرحلة الراهنة تدلّ الى حلول نهاية النظام العالمي الحالي». وكانت روسيا رحبت بوصول نجاد بتجاهل التطورات الجارية في ايران، وقال نائب وزير الخارجية سيرغي ريابوكوف ان موسكو «تعتبر الانتخابات الرئاسية في إيران شأناً داخلياً، وترحّب بزيارة الرئيس محمود أحمدي نجاد المنتخب مجدداً الى روسيا». واعتبر ريابوكوف أن «اختيار روسيا لتكون أول محطة خارجية يزورها الرئيس الإيراني بعد إعادة انتخابه أمر له مدلولات مهمة، ويشكّل إنعكاساً لعمق الشراكة والصداقة بين البلدين». إلى ذلك، أنهت قمة «شنغهاي» أعمالها أمس، بتوقيع إعلان مشترك أكد عزم البلدان الأعضاء على تعزيز التنسيق بينها في المجالات كلها خصوصاً على الصعيدين الأمني والإقتصادي. وشدّد المشاركون على ضرورة الانتقال إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب. وركّزوا على أهمية دعم أفغانستان في بناء اقتصاد وبنى سياسية متطورة. ودعا الرئيس الأفغاني حامد كارزاي القمة إلى الإفادة من الخبرة الإيرانية في مجال مكافحة تجارة المخدرات وهو ملف أولته القمة إهتماماً كبيراً. كما شهدت القمة تنظيم أول لقاء يجمع الرئيس الباكستاني عاصف علي زرداري ورئيس الوزراء الهندي منموهان سينغ منذ الأحداث الدامية في بومباي. كوريا الشمالية وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده ميدفيديف في اختتام القمة (يو بي آي)، أوضح أن المؤتمرين اعتبروا تهديدات كوريا الشمالية الأخيرة غير مقبولة، ودعوا في الإعلان المشترك إلى استئناف المفاوضات مع بيونغيانغ. وزاد: «أكدنا أيضاً أن المجتمع الدولي لم يكن لديه خيار آخر سوى الرد (على تصرفات كوريا الشمالية) من خلال تبنّي قرار مناسب من قبل مجلس الأمن». كما دعت البلدان الأعضاء في المنظمة «إلى التحلي بضبط النفس، ومواصلة البحث عن حلول مقبولة لدى الجميع على أساس الاتفاقات التي تم التوصل إليها سابقاً». وتضم منظمة شنغهاي للتعاون، التي تأسست عام 2001، روسيا وكازاخستان وقرغيزيا والصين وطاجيكستان وأوزبكستان. وتتمتع الهند وإيران ومنغوليا وباكستان بصفة مراقب. وكان الرئيس الروسي يعتزم، بحسب مصادر مقرّبة من الكرملين، الحصول على موافقة البلدان الأعضاء في المنظمة منح إيران عضوية كاملة، لكن الملف لم يطرح في شكل مباشر أمس. واكتفت القمة بإجراء تعديل على النظام الداخلي للمنظمة يمنح الدول التي تتمتع بصفة مراقب صلاحيات أوسع في أنشطة المنظمة. الهند - باكستان وعلى هامش القمة، أبلغ سينغ زرداري، ان اراضي باكستان يجب الا تستخدم في الإرهاب. وقال سينغ لزرداري: «انا سعيد بلقائك لكني مفوض بأن ابلغك بأن أراضي باكستان يجب الا تستخدم في الإرهاب». في المقابل، أعلن وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي ان كبار مسؤولي وزارة الخارجية في الهند وباكستان سيلتقون قريباً، وأن قادتهم السياسيين سيستكملون ذلك بجولة من المحادثات. وقال قرشي: «اتفق الجانبان على ان يجتمع قريباً وكيلا وزارة الخارجية وسيتبادل الإثنان المعلومات الجديدة ووجهات النظر في شأن قضية الإرهاب.» وأضاف: «في ضوء هذه المحادثات ستلتقي القيادة السياسية (للبلدين) في شرم الشيخ»، مشيراً الى اجتماع دول حركة عدم الانحياز الذي يعقد في المنتجع المصري في منتصف تموز (يوليو) المقبل.