دخلت أنقرة في خلاف مع باريس إلى جانب خلافها مع واشنطن في شأن عملياتها العسكرية في شمال سورية، حيث لوح الرئيس التركي إلى أن القوات الفرنسية «قد تصبح هدفاً مثل الإرهابيين». قال بكر بوزداج نائب رئيس الوزراء التركي يوم الجمعة، إن تعهد فرنسا بالمساعدة على تحقيق الاستقرار في منطقة بشمال سورية تهيمن عليها قوات يقودها الأكراد يعادل دعم الإرهاب وقد يجعل من فرنسا «هدفاً لتركياً». وأثار الدعم الفرنسي لقوات سورية الديموقراطية (قسد)، التي يهيمن عليها مقاتلو «وحدات حماية الشعب» الكردية، غضب أنقرة التي تحارب الوحدات في شمال سورية وتعتبرها منظمة إرهابية. وقال الرئيس التركي طيب أردوغان إن فرنسا تبنت «نهجاً خاطئاً تماماً» في سورية، مضيفاً أنه تبادل حواراً حاداً مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون مطلع الأسبوع الجاري. والخلاف مع فرنسا هو الأحدث بين تركيا في ظل رئاسة أردوغان وحلفائها في الغرب وفي حلف شمال الأطلسي «ناتو». وتشكو تركيا منذ فترة طويلة من دعم الولاياتالمتحدة ل «الوحدات» باعتباره أحد عوامل توتر العلاقات مع واشنطن. وقال البيت الأبيض إن الرئيس دونالد ترامب تحدث مع أردوغان يوم الجمعة «لبحث التطورات الإقليمية والشراكة الاستراتيجية بين الولاياتالمتحدةوتركيا». وقال بيان للبيت الأبيض إن «الزعيمين أبديا دعمها لاستمرار الجهود الرامية إلى زيادة التعاون بين بلديهما وتعزيز المصالح المشتركة كحليفين في (ناتو) والعمل على حل المسائل التي تؤثر في العلاقات بينهما». وأفادت مصادر ديبلوماسية تركية، أمس السبت، بأن مستشار وزارة الخارجية التركية أوميت يالتشين، بحث مع نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان، الوضع الراهن للعلاقات بين البلدين. وذكرت المصادر لوكالة الأناضول للأنباء التركية، أن يالتشين، تناول خلال الاجتماع في مقر الخارجية الأميركية، بحث المخاوف المشتركة لدى أنقرةوواشنطن الحليفتين ضمن «ناتو»، في إطار روح الشراكة بين البلدين. ولفتت إلى أن اللقاء بحث موضوع مدينة منبج السورية الخاضعة لسيطرة الأكراد، في إطار المحادثات التي أجريت سابقاً بين البلدين، وأن الطرفين أكدا مواصلة المضي قدماً في هذا الخصوص. وشدد الجانبان على سبل التعاون مع تركيا للقضاء في شكل كامل على تنظيم «داعش» الإرهابي، وعلى أهمية بذل جهود مشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار في المناطق المحررة من «داعش» في سورية. وقال بوزداج إن الموقف الفرنسي يضع باريس على مسار تصادم مع أنقرة. وكتب على «تويتر» قائلاً: «من يتعاونون مع الجماعات الإرهابية ويتضامنون معها ضد تركيا... سيصبحون هدفاً لتركيا مثل الإرهابيين». وأضاف: «نأمل ألا تتخذ فرنسا مثل هذه الخطوة غير المنطقية». والتقى ماكرون مع وفد من قوات «قسد» يوم الخميس وأكد له الدعم الفرنسي للاستقرار في شمال سورية. وقال مصدر رئاسي في ما بعد إن فرنسا يمكن أن تزيد من مشاركتها العسكرية في التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة الذي يقاتل، بالتعاون مع «قسد»، تنظيم داعش في سورية. وأثارت عملية عفرين بالفعل انتقادات دولية خاصة من ماكرون. وقالت أنقرة إنها تتوقع من حلفائها إبعاد قواتهم عن طريق التقدم التركي. وقال أردوغان: «لا ننوي إيذاء جنود من دول حليفة لكن لا يمكننا أن نسمح للإرهابيين بالتنقل بحرية (في شمال سورية)». وقتل جنديان من قوات التحالف أحدهما أميركي والآخر بريطاني في انفجار قنبلة في سورية خلال الليل وهما أول جنديين يقتلان في هجوم هذا العام. ولم تؤكد الرئاسة الفرنسية بعد اللقاء على تعهد ماكرون بإرسال قوات إضافية. لكن مصدراً في الرئاسة قال يوم الجمعة إن فرنسا قد تعزز تدخلها العسكري في سورية «في نطاق إطار العمل القائم» مع التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة. وفي الوقت ذاته، تلقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس اتصالاً هاتفياً من نظيره التركي مولود جاويش أوغلو . وأفادت وزارة الخارجية الروسية في بيان، بأن الاتصال تركز على مناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين في سياق المحادثات الروسية- التركية المقبلة.