تعتبر برامج المسابقات الترفيهية من أبرز البرامج التي يقبل الجمهور على مشاهدتها، خصوصاً المشاهد العادي، لأنها «تبنى على الإثارة التي أصبحت إحدى الدعائم النفسية التي يعتمد عليها هذا النوع من البرامج في شد الانتباه إليه»، كما يذهب إلى ذلك الباحث سيرج حليمي. ولعل هذا ما دفع تلفزيونات كثيرة في العالم للاهتمام بهذا النوع من البرامج، بل إن بعضاً منها، خصوصاً تلك المقدمة على التلفزيون الفرنسي بمختلف قنواته، استطاع أن يمتد سنوات طويلة، وأن يحظى طيلة هذه السنوات، بمشاهدة كبيرة مثل برنامج «أسئلة من أجل بطل». بالنسبة إلى التلفزيون المغربي نجد أنه سار في الاتجاه ذاته من خلال الاهتمام بهذا النوع من البرامج الترفيهية المبنية على طرح الأسئلة على عينة مختارة من المرشحين، والدفع بهم إلى التباري في ما بينهم بغية الوصول إلى تحديد فائز من بينهم، تُخصص له جائزة معينة. وفي الغالب تكون هذه الجائزة ذات قيمة مادية مشجعة، كي يستطيع البرنامج أن يستمر في إغراء المرشحين لجوائزه والمشاهدين على حد سواء. ومن بين البرامج التلفزيونية المغربية التي نحت منحى المسابقات الترفيهية، ونجحت في اقتناص المشاهد، يطل برنامج «الجدار» الذي تعرضه القناة التلفزيونية المغربية «ميدي 1 تي في»، ويقدمه المذيع التلفزيوني المعروف المهدي الوزاني. تستند فكرة البرنامج إلى مسابقة بين ثلاثة متبارين للإجابة عن أسئلة يطرحها عليهم مقدم البرنامج، وهي أسئلة متنوعة، تشمل الثقافة العامة والتاريخ والآداب والفنون والرياضة. وتمر اللعبة عبر ثلاث مراحل، ففي الأولى يتم إقصاء احد المتسابقين، ثم يليه مشترك ثان، ليواجه الثالث وحده الجدار، جدار الأسئلة الصعبة. ولا شك في أن «الجدار» أعاد بريق برامج المسابقات في المغرب، خصوصاً أن مقدمه يتمتع بتجربة تلفزيونية كبيرة، كما أنه وجه سينمائي مغربي معروف، ما ساعده على التحكم في سيرورة البرنامج مع تقديم نوع من المرح الضروري، بغية إرضاء المشاهد وجعله يتابع الحلقة حتى النهاية. واللافت أن البرنامج يعرض من الاثنين إلى الجمعة، وليس من السهل إبقاء المشاهدين على الوفاء لمتابعته إن هو لم يستطع أن يقدم لهم فرجة تلفزيونية متكاملة تجمع بين الترفيه والإثارة، مع الحرص على تقديم أسئلة تقدم الجديد لهم في مختلف الميادين المرتبطة باهتماماتهم الثقافية والرياضية والفنية. الأكيد أن هذا البرنامج وجد مكانه المناسب ضمن البرمجة الخاصة بهذه القناة التلفزيونية، كما وجد جمهوراً يتابعه ويحرص على مشاهدته يومياً. وعلى رغم كل هذه الإيجابيات، لا بد من التذكير بأن أي برنامج عليه أن يحرص على تطوير آليات العمل فيه، إن أراد الاستمرار. من هنا ضرورة تحفيز المتبارين أكثر وجعلهم يندمجون في لعبة التباري في ما بينهم، كما نشاهد في البرامج الفرنسية أو الأميركية، وهو أمر مناط بالمقدم الوزاني ذي التجربة العميقة في هذا المجال. فهو قادر على تحقيق هذه المعادلة، كما عليه أن يحرص على اختيار الأسئلة وعملية التنويع فيها، وهو أمر يبدو في المتناول.