ليس هناك قضية أكثر تداولاً في الدواوين والاستراحات والمقاهي بين عامة الناس ممن لهم اهتمامات رياضية، غير الحديث عن ياسر القحطاني وسعد الحارثي، وربما أخذهم الحديث إلى مالك معاذ - ثالث الثلاثة. كان هذا الثالوث في أحد المواسم يمثل ميلاد «ثروة بشرية كروية»، لكرة القدم السعودية، فجاء ظهورهم في وقت واحد، وفي مركز واحد، هو خط الهجوم، ومن غرائب الصدف أيضاً أن يأتي ابتعادهم في موسم واحد! لكن مالك معاذ - مهاجم الأهلي - اختار منذ بداية هذا الموسم المنتهي أخيراً، أن يكون خارج قائمة فريقه، بل وخارج اهتمامات ناديه وجماهيره، وهو الذي كان أحد أهم أعمدته وأركانه الأساسية! حتى بطولة كأس الملك للأندية الأبطال التي حققها الأهلي الجمعة الماضية برعاية ملكية ومن أمام فريق الاتحاد المنافس التقليدي، جاءت في غياب «مالك» المبعد عن الفريق بقرار إداري من أجل إبعاده عن الضغوط. أما سعد الحارثي، وياسر القحطاني، فقد تحول الذابح إلى مذبوح، والكاسر إلى مكسور، ولا يمكن هنا أن ألوم إدارة النادي، أو جهاز إدارة الكرة، أو أي مدرب أشرف على الفريق، لأن المسؤولية هي مسؤولية اللاعب لوحده، وهو من يفرض نفسه على الجميع وعلى تشكيلة الفريق. تلك هي مسؤولية اللاعب المحترف «سعد، ياسر، مالك»، وكل من كان لاعباً محترفاً، فمن غير المعقول أن نربط الاحتراف الذي نريد تطبيقه، بنوع من المجاملة، أو المحاباة، أو العلاقات الشخصية، أو المشاعر الخاصة. إذا أردنا أن نطبق احترافاً واضحاً ونموذجياً، فيجب أولاً أن نتخلى عن العاطفة، وهذا الأمر يخص في المقام الأول أنديتنا الكبيرة - وللأسف الكبيرة - فهذا الثلاثي برز في ثلاثة أندية كبرى، وهاهو يخرج من البوابة الخلفية لذات الأندية. لكن المشكلة الأكبر تقع على اللاعبين الثلاثة، فالأندية قد تجامل، ورئيس النادي ربما «يطنش» عن خطأ وقع من اللاعب، كونه يملك جماهيرية، غير أنه لن يكون في مقدوره أن يلعب مكانه، وأن يسجل أهدافاً بدلاً عنه، وقد لا يستطيع فرضه على التشكيلة، وإن فعل مرة، فلن يستطيع بعد ذلك. ما أجمل أن نفرح بميلاد موهبة كروية، وما أقسى أن نفقدها بسرعة، وما أصعب أن يكون ثلاثة ممن أحببناهم وأسعدتنا موهبتهم، ووصلوا إلى مكانة الفئة الأولى للنجوم، أن يتحولوا إلى غير مرغوبين في أنديتهم. إنه السؤال الذي لم أجد له إجابة منذ عقدين من الزمن، هي بداية نظام الاحتراف، خسرنا فيها الكثير من النجوم، وها نحن الآن في طريقنا لخسارة ثلاثة من نجوم الشباك.. فمتى نتخلص من هذه الفوضى؟ ومتى يكون النظام سيد الموقف؟ ومتى يشعر اللاعب أنه موظف مسؤول له حقوق وعليه واجبات؟ [email protected]