يقضي أهالي مدن محافظتي النجف وكربلاء في جنوب العراق صيفهم اللاهب بصعوبة، فدرجات الحرارة المرتفعة والعواصف الترابية المتواصلة تحول أيام الصيف إلى جحيم مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة قد تصل إلى 16 ساعة يومياً، فيما يعاني بعضهم حالات تسمم واختناق من أدخنة معامل صناعة الطابوق (الطوب) القريبة من المدن. ويقول مسؤول المجلس الاستشاري في قضاء الكوفة أياد النعمة ل «الحياة» إن «المجلس طالب الحكومة المحلية بوقف كل معامل الطابوق البدائية عن العمل في الصيف لأنها تهدد حياة السكان». وأضاف أن المجلس تسلم «آلاف الشكاوى من الأهالي في النجف ضد هذه المعامل التي تبث سمومها في صيف العراق الحار المترب»، مشيراً إلى أن «الإجراءات الرادعة التي تحمي السكان لا يمكن تطبيقها بسبب انتشار الفساد المالي وتعاطي الرشى». وكانت هيئة البيئة في النجف قررت أخيراً وقف معامل الطابوق عن العمل نظراً إلى تأثيراتها السلبية في البيئة لكن القرار لم يجد من يطبقه. ويقول مسؤول «اتحاد الصناعات العراقية» في النجف علي ناجي إن «الاتحاد مع قرار بيئة النجف القاضي بضرورة رفع معامل الطابوق البدائية من أماكنها ووقفها عن العمل باعتبارها المصدر الرئيس للتلوث وبسبب اثرها الصحي السيئ على السكان والثروة الحيوانية والنباتية». وتمتد المشكلة إلى محافظة كربلاء القريبة. ويقول رحيم الموسوي من سكان كربلاء إنه تعرض للإصابة بمرض قلبي جراء العواصف الترابية والدخان المنبعث من المعامل الإنشائية القريبة من المناطق السكنية. ويضيف: «ليس هناك مفر أو ملجأ، فمن جهة لا تتوافر الطاقة الكهربائية، ومن جهة أخرى ترتفع حرارة الصيف في شكل لا يصدق وتتواصل العواصف الترابية وسموم معامل الطابوق. نصحنا الطبيب بالسفر خارج العراق أو على الأقل إلى إقليم كردستان طوال موسم الصيف، لكن هذا أمر مستحيل لأنني أعيل عائلة كبيرة». ويحمّل مدير «جميعة حماية البيئة» في كربلاء ليث الخفاجي وزارة البيئة مسؤولية التلوث في المدينة. ويقول: «قدمنا دراسات ومشاريع عمل لوزارة البيئة وبموازنات بسيطة جداً تقضي على ظاهرة العواصف الترابية، لكنهم تركوها مركونة على الرف. طالبنا ببيانات رسمية بردم معامل الطابوق ومعامل الإسفلت لأننا شخصنا أمراضاً سرطانية جراء الدخان الأسود المملوء بالزيوت المحترقة المنبعث من تلك الأماكن ولم نتلق الرد أيضاً، والحال باق منذ سنوات». وتغطي سماء كربلاء والنجف في هذه الأيام غيمة سوداء جراء الدخان المنبعث من معامل الطابوق والإسفلت. وتقول رئيس لجنة البيئة في مجلس محافظة كربلاء سهيلة شنو إن «لجاناً عدة كانت باشرت حملة لهدم معامل الطابوق البدائية في المحافظة وقامت بهدم نحو عشرين معملاً، وهي ماضية في هدم الباقي»، محذرة في الوقت نفسه من أن «اللجنة ستقوم باعتقال أصحاب المعامل في حال بنائها من جديد». لكن أصحاب هذه المعامل البدائية يعودون إلى بناء معاملهم الطينية في الغالب بعد أيام من هدمها.