واشنطن، سنغافورة - أ ف ب، رويترز - نجحت أوروبا مجدداً ومن دون صعوبة في إيصال الشخصية التي تدعمها لإدارة صندوق النقد، مع تعيين وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد، المرأة الأولى التي تتولى هذا المنصب، عبر الطريقة ذاتها التي أثبتت نجاعتها في الماضي، وهي الحصول على «توافق» حول مرشحها في مجلس إدارة المؤسسة لتفادي اللجوء إلى تصويت غير مضمون النتائج. وتبدأ لاغارد شغل منصب المدير العام للصندوق في الخامس من تموز (يوليو) المقبل ولولاية تمتد خمس سنوات، وستجد نفسها منغمسة في جهود رامية إلى تفادي تعثّر اليونان عن تسديد ديونها، ما يمكن أن يقود إلى أزمة دولية. وأعلن الصندوق، الذي يواجه أزمة اقتصادية عميقة في اليونان، في بيان، أن مجلس إدارته اختار لاغارد (55 عاماً) ب «التوافق» من دون تحديد ما إذا كان القرار اتخذ بالإجماع. وقالت لاغارد: «يشرّفني ويسعدني اختياري لهذا المنصب»، مؤكدة «السير على خطى سلفها». وشددت في رسالة عبر موقع «تويتر»، على أن «هدفي الأول على رأس مؤسستنا سيكون العمل على استمرارها في هذا الاتجاه مع التصميم والالتزام ذاتهما». ولم يشهد السباق الذي انتهى أول من أمس بفوز لاغارد، تنافساً كبيراً، إذ بعد يومين على استقالة دومينيك ستروس - كان، قرر مجلس إدارة الصندوق المكلف تعيين المدير العام بحسب قوانين المؤسسة، اللجوء إلى طريقة «التوافق» التي كانت دائماً تؤدي إلى انتخاب أوروبي مديراً للمؤسسة منذ العام 1946. وبهذه الطريقة التي تتفادى اللجوء إلى التصويت، من الصعب جداً ألاّ تنتصر القارة العجوز عندما يكون لها مرشح، خصوصاً أن الاتحاد الأوروبي يسيطر على سبعة مقاعد من أصل 24 ، وبالتالي لا يمكن التوصل إلى «إجماع» من دونه. وتعقيباً على هذا التعيين، توالت ردود فعل ومواقف منه، فاعتبر ارفيند سوبرامانيان الاقتصادي السابق في صندوق النقد، أن «قواعد اللعبة غير سليمة»، مؤكداً ضرورة أن «يصبح النظام أكثر عدلاً وألا تنطلق أي مجموعة بتفوق في السباق إلى منصب المدير العام للصندوق، وهذا يقتضي الحد من الأصوات التي يتمتع بها الأوروبيون». واقترح المرشح المكسيكي كارستنس إصلاحاً يهدف الى تغيير المعطيات ووضع حد للتفوق الأوروبي في عدد المقاعد في مجلس الإدارة (سبعة او ثمانية للاتحاد الأوروبي بحسب السنوات، يُضاف إليها مقعد آخر لسويسرا). وتؤيد الولاياتالمتحدة إعادة توزيع الأوراق منذ سنوات، إلى حد أنها حاولت تغيير الخطوط العامة في صيف العام الماضي، عندما رفضت تجديد المصادقة على مجلس من 24 عضواً في حين ينص القانون على عشرين. ورفض الاوروبيون حينها أي تغيير وحصلوا على إرجاء المناقشة إلى عام 2012. وستوكل إلى لاغارد مهمة إقناعهم بالموافقة على إصلاح بعدما وعدت الخميس مجلس إدارة الصندوق «بتعديل تمثيل الدول في الصندوق لتتماشى مع تطور الوقائع الاقتصادية». وتضع الاقتصادات السريعة النمو في آسيا نصب عينيها تأمين حصولها على مناصب مهمة في الصندوق مع تولي لاغارد ادارته، أملاً في أن «تكون الشخص الذي يفي بوعود ترددت كثيراً بمنح الأسواق الناشئة دوراً أكبر». وكانت لاغارد رددت كل ما تريد الدول الآسيوية سماعه خلال جولتها الأخيرة في آسيا، لكسب التأييد لتوليها المنصب. واعترفت بأن «دولاً مثل الصين والهند جديرة بحقوق تصويت أكبر تتناسب مع تنامي مكانتها الاقتصادية وفرصة عادلة لتولي مناصب قيادية في المؤسسة». وأكد مصدر بارز في الحكومة الهندية، أن لاغارد «صديقة للهند»، وقال: «لم نستطع شغل منصب المدير العام للصندوق حالياً، لكن على الاقل يمكن حصول الهند على بعض المناصب الرفيعة فيه خلال ولايتها، ونحن نعمل على ذلك». ورأى نائب محافظ البنك المركزي الاندونيسي هارتادي سارونو، في تصريح إلى وكالة «رويترز»، أن لاغارد «حققت نجاحاً أكبر في الوصول إلى توافق لتنجز تقارباً في العلاقات بين الدول المتقدمة والأسواق الناشئة». وستحتاج لاغارد إلى هذه المهارة في اتخاذ قرارات صعبة في شأن التعيينات. وتدرس الولاياتالمتحدة ترشيح مسؤول في وزارة الخزانة لشغل ثاني أهم منصب في الصندوق والذي يحتله أميركي عادة. وأعلن مصدر في الرئاسة الفرنسية لوكالة «فرانس برس»، أن اختيار لاغارد «هو انتصار لفرنسا»، مضيفاً أن «الرئاسة الفرنسية تعبر عن سعادتها بتولي سيدة هذه المهمة الدولية المهمة». وأشار إلى أن الرئيس نيكولا ساركوزي «اتصل بلاغارد هاتفياً لتهنئتها». وفي لندن، اعتبر وزير المال البريطاني جورج اوزبورن، أن تعيين لاغارد في هذا المنصب «خبر جيد للاقتصاد العالمي ولبريطانيا»، فهي «الشخص الأنسب لهذا المنصب». ووصف وزير المال الألماني فولغانغ شويبل، تعيين لاغارد بال «خيار الممتاز». كما رحب رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رامبوي بتعيين لاغارد، وأوضح في بيان أنه «قرار جيد للصندوق، ونبأ سار جداً لأوروبا». وأكد رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو في بيان، أن تعيين لاغارد «اختيار ممتاز انحاز للتجربة والخبرة والكفاءة العالية».