تظاهر العشرات من أهالي الأسرى الفلسطينيين في قطاع غزة، مطالبين بالإفراج عن أسراهم في السجون الإسرائيلية، في وقت تعهدت «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، بأن الجندي الإسرائيلي الأسير غلعاد شاليت «لن يرى النور» قبل أن تطلق إسرائيل نحو ألف أسير فلسطيني في صفقة تبادل، فيما اعتبرت لجان المقاومة الشعبية أن اعتقاله مدة خمس سنوات متواصلة «دليل على عجز العدو الإسرائيلي وفشله في مساومة المقاومة على مطالبها العادلة». وبثت «كتائب القسام» أمس شريط فيديو مدته 59 ثانية تزامناً مع ذكرى أسر شاليت في عملية فدائية غير مسبوقة نفذها ثمانية مقاتلون من ثلاثة فصائل فلسطينية في موقع كرم أبو سالم العسكري الإسرائيلي جنوب شرقي مدينة رفح جنوب قطاع غزة أطلقت عليها «الوهم المتبدد» قُتل خلالها ضابط وجنديان إسرائيليان. وقالت «القسام» في شريط الفيديو الذي نشرته على موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت: «أيها الصهاينة الجبناء، ألم يكفكم جندي واحد لإنهاء القضية، نقسم أنه لن يرى النور قبل أسرانا». وتضمن الفيديو صوراً لأسرى وأسيرات مرفقاً بتسجيل صوتي بعدم «نسيان عذاباتهم». وخلا الشريط الذي كُتب فيه عبارة «نقسم أنه لن يرى النور قبل أسرانا» باللغتين العبرية والعربية، من صور جديدة لشاليت باستثناء صورة قديمة له. واعتبر «أبو مجاهد»، الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية التي شاركت مع «حماس» و«جيش الإسلام في أسر شاليت، أن «الفشل في الحصول على معلومة واحدة عن (شاليت) على رغم جيوش العملاء واستخدام كل الوسائل التكنولوجية المتقدمة، لم يبق أمامه (بنيامين نتانياهو) إلا تلبية مطالب المقاومة والرضوخ إليها في تنفيذ صفقة التبادل». واعتبر أن «الإجراءات التعسفية التي أقرها نتانياهو ضد الأسرى ستزيدنا إصراراً وثباتاً على مطالبنا ولن تفلح في النيل من عزائم أسرانا الأبطال الذين سننتزع حق حريتهم على رغم أنف الاحتلال». وحمل حكومة نتانياهو «المسؤولية الكاملة عن عدم إنجاز صفقة تبادل الأسرى، ووضع عراقيل واضحة أمامها، وهذا يعكس عدم وجود نية لإنهاء هذا الملف». وجدد التأكيد أن «المقاومة لديها إستراتيجية واضحة للإفراج عن الأسرى والقائمة بالأساس على أسر الجنود الصهاينة، وأن عملية الوهم المتبدد لن تكون الأخيرة وسوف تتوالى عمليات الأسر حتى تحرير آخر أسير في السجون الصهيونية». وأحيت عائلات الأسرى ذكرى أسر شاليت على طريقتها الخاصة، خصوصاً عائلات 7 أسرى أمضوا اكثر من 15 سنة في سجون إسرائيل من بينهم محمد الشراتحة (القسام -22 سنة في الأسر) ومحمد زقوت (فتح - 23 سنة في الأسر)، إذ اعد منظمو الاعتصام في مركز وسط مخيم جباليا في قطاع غزة قطعة حلوى كبيرة رسمت عليها خمس ورود ترمز إلى سنوات اسر شاليت وجلس قربها شاب «غزي» يحمل ملامح قريبة من شاليت بالزي العسكري في زنزانة رمزية كُتب على بوابتها «السجين الرقم واحد»، وعلى جدرانها باللغة العبرية: «ذكرى رون أراد (الأسير في لبنان منذ أكثر من 25 سنة) لا تفارقني، أولمرت نسيني، ونتانياهو خذلني، وتعاقبت الحكومات وما زلت أسيراً، أنقذوني». وأظهر المشهد التمثيلي شاليت وهو ينظر إلى صورة الطيار أراد «خائفاً من المصير ذاته». في الوقت نفسه، اعد المنظمون قالب حلوى زينوه بصور الأسرى السبعة، وإلى جانبه لافتة كتب عليها: «إلى الصليب الأحمر الذي يحرص على حياة شاليت، ألم يسمع بسبعة آلاف أسير فلسطيني في سجون إسرائيل بينهم 36 أسيرة و240 طفلاً؟». وتحلق أهالي الأسرى حول الحلوى وهم يرددون هتافات تدعو إلى استمرار الاحتفاظ بشاليت من اجل تأمين الإفراج عن أسراهم. كما طالب مبعدو كنيسة المهد بطرح قضيتهم في صفقة التبادل وإنهاء معاناتهم التي دخلت عامها العاشر من دون وجود افق لحلها. ونقلت وكالة «معا» الفلسطينية عن الناطق باسم المبعدين فهمي كنعان مطالبتهم بطرح قضيتهم في الصفقة منذ اليوم الأول لأسر شاليت، متهماً المجتمع الدولي بالكيل بمكيالين بعد مطالبته بإطلاق شاليت في وقت يتم تجاهل معاناة 7 آلاف أسير فلسطيني. جد شاليت: نتانياهو يقامر بحياة حفيدي كيريم شالوم (اسرائيل)، بروكسيل، باريس - أ ف ب - في الذكرى الخامسة لأسر الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليت، تجمع مئات الإسرائيليين قرب الحدود مع قطاع غزة، حيث أسرته 3 مجموعات فلسطينية في هجوم أوقع قتلى، في وقت تزايدت الدعوات الدولية الى الافراج عنه او تقديم دليل على الأقل على انه لا يزال على قيد الحياة. وتجمع المئات عند معبر «كيريم شالوم»، حيث قرأ المنظمون رسالة من جد الجندي، زفي شاليت، ألقى فيها اللوم على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، لرفضه القبول باتفاق لتبادل الاسرى مع حركة «حماس» لضمان الافراج عن حفيده. وجاء في الرسالة: «من الواضح بالنسبة الينا ان رئيس الوزراء برفضه التوصل الى صفقة، يقامر يومياً بحياة حفيدي». كما زار مئات آخرون خيمة احتجاجية أقام فيها والدا شاليت طيلة العام الماضي خارج مقر اقامة نتانياهو في القدس. وكان منتظراً ان يزور سفير فرنسا لدى اسرائيل كريستوف بيغو الخيمة امس، حاملاً رسالة من الرئيس نيكولا ساركوزي لوالدي الجندي أفيفا ونوام شاليت، علماً ان الجندي الاسير يحمل الجنسية الفرنسية ايضاً. زنزانة رمزية ويتوقع ان تتناوب 24 من الشخصيات الإسرائيلية المعروفة على الدخول في زنزانة ضيقة مظلمة لتمضية ساعة من الوقت فيها، كتعبير رمزي عن الاحتجاج على احتجاز شاليت، داعين الى عملية تبادل للأسرى بين اسرائيل و «حماس» تؤدي الى الافراج عن شاليت. وجاء في بيان لمنظمي الحدث تحت عنوان «مشروع غلعاد شاليت»: «رسالتنا هي نعم للصفقة، لا للامبالاة، علينا إعادة غلعاد الى أهله». وكان مقرراً تصوير الحدث ونقله في بث حي على موقع «فايسبوك» للتواصل الاجتماعي. مطالبات دولية وشهدت الذكرى تزايد المطالبات الدولية للضغط على «حماس» للإفراج عن شاليت بعد خمس سنوات من احتجازه. وقال الناطق باسم البيت الابيض غاي كارني في بيان: «طيلة هذه المدة، تحتجزه حماس رهينة من دون السماح للصليب الاحمر بالوصول اليه، ما يعد انتهاكاً لأدنى معايير اللياقة والمتطلبات الانسانية الدولية». وأضاف: «الولاياتالمتحدة تدين بأشد العبارات الممكنة استمرار احتجازه، وتضم جهودها الى جهود الحكومات والمنظمات الدولية الاخرى عبر العالم لمطالبة حماس بالإفراج عنه فوراً». من جهة أخرى، دعا الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون للإفراج الفوري عن شاليت، مطالباً «حماس بحماية حياته ومعاملته معاملة انسانية وإثبات انه ما زال حياً والسماح لاسرته بالاتصال به». وقال القادة الأوروبيون في بيان مشترك، إن «المجلس الاوروبي (منتدى رؤساء الدول والحكومات في الاتحاد الاوروبي) يعرب عن قلقه البالغ حيال مصير شاليت السجين لدى حماس، في انتهاك واضح للقانون الانساني الدولي». وأضاف ان «المجلس الاوروبي يطالب بالافراج الفوري عنه». وفي باريس، وضعت السلطات الفرنسية صورة لشاليت امام مبنى البلدية إحياء لمرور خمس سنوات على أسره، وقال وزير الخارجية ألان جوبيه في بيان اول من امس في هذه الذكرى: «أود ان اقول مجدداً، ان وضع مواطننا المعتقل في ظروف لا تراعي أدنى المبادئ الاساسية للقانون الدولي الانساني مرفوض». واضاف ان «شاليت هو حتى اليوم الرهينة الفرنسي الذي بقي في الاعتقال لأطول فترة على الاطلاق». وشدد على ان باريس مستمرة في «المطالبة بمنح الصليب الاحمر الحق في زيارته طبقاً لأحكام القانون الدولي»، مضيفاً: «ندفع شركاءنا ونواصل بلا كلل عملنا من إجل الإفراج» عنه بالتنسيق مع باقي جهود الوساطة الجارية. وأكد ان «قناعتنا هي انه يجب استغلال الوضع الجديد الناشئ عن المصالحة الفلسطينية من اجل مضاعفة هذه الجهود». وكانت مجموعات اسرائيلية وفلسطينية ودولية لحقوق الانسان، أصدرت أول من امس بياناً مشتركاً دعت فيه الناشطين في غزة لإنهاء المعاملة «اللاإنسانية» لشاليت. وكان نتانياهو اعلن اول من امس أنه امر مصلحة السجون الاسرائيلية بالحد من المزايا الممنوحة للسجناء الفلسطينيين المعتقلين لارتكابهم جرائم امنية، رداً على استمرار رفض «حماس» السماح بزيارة الصليب الاحمر لشاليت.