علمت «الحياة» أن الرئيس محمود عباس يُعد للانسحاب كلياً من قطاع غزة وإلقاء أعباء الحكم على حركة «حماس»، في أعقاب معلومات وصلته عن مسؤولية الحركة، أو أحد أجنحتها، عن استهداف موكب رئيس الحكومة رامي الحمدالله الأسبوع الماضي، في وقت أكد قيادي بارز في «حماس» ل «الحياة» أن الحركة «ستنصب المشنقة» لمن ارتكب الجريمة أياً يكن. بموازاة ذلك، لاقى خطاب عباس أمام القيادة الفلسطينية ليل الإثنين- الثلثاء، استنكاراً من الإدارة الأميركية التي دعته إلى الاختيار بين «خطاب الكراهية» و «العودة إلى عملية السلام». وفي رام الله، كشف مسؤولون فلسطينيون ل «الحياة» أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي طلب من عباس، في اتصال هاتفي، تأجيل تنفيذ قراراته تجاه غزة أسبوعاً تُجري خلاله مصر اتصالات مع «حماس» لتدارك الموقف، موضحين أن عباس أبلغ السيسي بأنه لن يقبل من الحركة أقل من التنازل الكامل عن الحكم في غزة. وقال عباس في كلمته أمام اجتماع القيادة: «إما أن نتحمل مسؤولية كل شيء في قطاع غزة أو تتحمله سلطة الأمر الواقع (حماس)». وأضاف: «بصفتي رئيساً للشعب الفلسطيني، قررت اتخاذ الإجراءات الوطنية والقانونية والمالية كافة»، مشيراً إلى خطوات مقبلة ضد حماس على المستويات الحياتية والسياسية المختلفة. وتابع أن هذا الحادث «لن يمر، ولن نسمح له بأن يمر». ورأى مراقبون في كلمة عباس انتهاءً لمرحلة تقاسم السلطة في غزة، القائم منذ سنوات على تولي حكومة رام الله المسؤوليات المدنية من صحة وتربية وتعليم ومعابر ورواتب وغيرها فيما تتولى «حماس» المسؤوليات الأمنية، كما يرون أن عباس يعيد ترتيب أوضاع منظمة التحرير، من دون أن يترك للحركة منفذاً للدخول إليها. وقال مسؤول إن الإجراءات ستشمل كل أوجه عمل السلطة في غزة، من صحة وتعليم ومعابر ورواتب وغيرها. وأضاف: «إما أن يتحملوا مسؤولية الحكم كاملة، أو أن يتنازلوا عنها كاملة، نحن لا تمكننا مواصلة تمويل انقلابهم». وسارعت «حماس» إلى الرد على خطاب عباس بالمطالبة بإجراء انتخابات عامة للشعب الفلسطيني لاختيار قيادته. لكن مقربين من الرئيس أكدوا أن الانتخابات لن تُجرى قبل إنهاء الانقسام وعودة غزة إلى السلطة. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني إن المنظمة تُعد لعقد المجلس الوطني في 30 الشهر المقبل، لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة للمنظمة، ووضع برنامج سياسي لمواجهة المساعي الأميركية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية. وأضاف أن المنظمة ستعمل على مواجهة المشروع الأميركي الرامي إلى عزل غزة وإقامة دولة فيها من خلال تجديد الشرعيات، وتعزيز مؤسسات الشعب الفلسطيني. وفي غزة، قال قيادي بارز في «حماس» إن «المكتب السياسي للحركة اتخذ قراراً عقب التفجير بتعليق مرتكب هذه الجريمة على المشنقة، حتى لو كان رئيس الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار». وأضاف أن «هذه الجريمة موجهة ضد حماس، المتضرر الأكبر من ارتكابها، وهي بريئة منها تماماً». وكانت عبوة ناسفة انفجرت أثناء مرور موكب الحمدالله تبين أنها مصنوعة من مادة البلاستيك، فيما لم تنفجر عبوة أخرى تبعد عنها 37 متراً. وكشف القيادي تفاصيل أخرى عن التفجير، قائلاً: «من خلال شريحة الهاتف الخليوي الموجودة في العبوة غير المنفجرة، تم التوصل إلى طرف خيط عن الفاعل، بينما لم تتمكن الأجهزة الأمنية من الوصول إلى مالك الهاتف الخليوي الذي أجرى اتصالاً هاتفياً مع هذه الشريحة، لكنها لم تنفجر». وكشف أن شركة الهاتف الخليوي الفلسطينية «جوال» وشركة «الوطنية موبايل» سلمتا السلطة الفلسطينية «كشفاً بأسماء مستخدمي أرقام صادرة عنهما ساعة وقوع التفجير». وأكد أن السلطة «رفضت» التعاون مع الأجهزة الأمنية في القطاع، كما «رفضت تسليم كشوف الأسماء، ما أبقى المجرم حراً». إلى ذلك، شنّت واشنطن وتل أبيب هجوماً على الرئيس الفلسطيني على خلفية وصفه السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان ب «ابن كلب». وكان عباس قال في لهجة غاضبة في خطابه أمام القيادة الفلسطينية، إن إدارة ترامب «اعتبرت أن الاستيطان شرعي، وهذا ما قاله أكثر من مسؤول أميركي، أوّلهم سفيرهم في تل أبيب دايفيد فريدمان، الذي قال (الإسرائيليون) يبنون في أرضهم، ابن الكلب، يبنون في أرضهم؟ وهو مستوطن وعائلته مستوطنة. ماذا ننتظر منه؟». وردّ فريدمان، متسائلاً: «هل هذه معاداة سامية أم حوار سياسي؟ الحكم لا يرجع إلي، بل أترك الأمر لكم»، فيما وصف المبعوث الأميركي لدى الشرق الأوسط جايسون غرينبلات كلام عباس ب «غير الملائم تماماً»، وقال إن عليه أن «يختار بين خطاب الكراهية وجهود ملموسة وعملية لتحسين حياة شعبه وإيصاله إلى السلام والازدهار». وأضاف: «ملتزمون تجاه الفلسطينيين في سبيل إحداث تغييرات لا بد منها من أجل تعايش سلمي... نحن بصدد وضع اللمسات الأخيرة على خطتنا للسلام، وسنعرضها حين تتهيأ الظروف الملائمة». ودخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على الخط، وقال في تغريدة على «تويتر»: «للمرة الأولى منذ عشرات السنين تتوقف الإدارة الأميركية عن تدليل الزعماء الفلسطينيين وتقول لهم: كفى. صدمة الحقيقة جعلتهم يفقدون صوابهم على ما يبدو».