وجّه المحافظون الأصوليون في إيران ضربة جديدة الى الرئيس محمود أحمدي نجاد، باعتقال محمد شريف ملك زاده، بعد يومين على استقالته من منصب نائب وزير الخارجية للشؤون المالية والإدارية، تجنباً لعزل الوزير علي أكبر صالحي. وأوقف ملك زاده بعدما استدعاه القضاء صباح أمس، ووُجهت إليه اتهامات قبل اعتقاله. وهو شغل منصب سكرتير «الهيئة العليا لشؤون الإيرانيين في الخارج» التي أسسها العام 2010 اسفنديار رحيم مشائي، مدير مكتب نجاد، كما عمل في «مؤسسة التراث الثقافي والسياحة» التي كان يرأسها مشائي، المتهم بتزعّم «تيار منحرف» يستهدف تقويض نظام ولاية الفقيه. وعزا نواب معارضتهم تعيينه نائباً لوزير الخارجية، الى انه «على وشك الاعتقال» بسبب اتهامات تتعلق ب»تعاملات مالية وغير مالية». لكنه نفى كلّ الاتهامات الموجهة إليه. ويُعتبر ملك زاده من أبرز الشخصيات القريبة الى نجاد، إذ أبلغ صالحي مجلس الشورى (البرلمان) ان تعيينه في الوزارة أتى بناءً علي توصية من الرئيس. وقالت مصادر في طهران ان ملك زاده هو ضمن المربع القريب من نجاد، والذي يشمل محمد رضا رحيمي النائب الأول للرئيس والمتهم بالفساد في «شركة التأمين الإيرانية»، ورئيس ديوان الرئاسة حميد بقائي المتهم بالفساد في «مؤسسة التراث الثقافي والسياحة» وفي المناطق الاقتصادية الحرة، إضافة الي مشائي. وتحدثت المصادر عن احتمالات لتعاطي نجاد مع اعتقال ملك زاده: أن يكرر اعتكافه، كما فعل بعد رفض مرشد الجمهورية علي خامنئي إقالته وزير الاستخبارات حيدر مصلحي، أو يطلب من المرشد العفو عن هذه الشخصيات ليتمكن من إكمال ولايته الرئاسية حتي العام 2013، أو يلتزم الصمت تجنباً لأي تصعيد في الصراع الذي لا يخدم برامج يحاول تنفيذها، وفي مقدمها إصلاح الاقتصاد. وتعتقد المصادر بأن كلاً من هذه الاحتمالات يُعتبر انتكاسة لنجاد، خصوصاً بعدما مُني بثلاث هزائم أمام البرلمان الثلثاء الماضي، إذ استقال ملك زاده ورفض النواب منح ثقتهم لمرشحه لتولي وزارة الرياضة والشباب، كما قرر البرلمان إلغاء اتفاق لدمج وزارتي النفط والطاقة. في غضون ذلك، صعّد الأصوليون حملتهم على مشائي، إذ اتهمه حسين طائب، رئيس استخبارات «الحرس الثوري»، بالسعي الى إطاحة نجاد والنظام، محذراً من «فتنة» أكبر من تلك أعقبت انتخابات الرئاسة العام 2009. أما القيادي الأصولي مهدي طائب، شقيق حسين طائب، فحذر من «فتن كبري»، مشيراً الى ان «التحقيقات مع بعض المتهمين في تيار الانحراف، أثبتت امتلاكهم أدوات تحمل نجمة داود التي ترمز الى الصهيونية». تزامن ذلك مع إعلان النائب علي اكبر أوليا ان مئة نائب سيطرحون الأسبوع المقبل مذكرة لمساءلة نجاد، في شأن خطة رفع الدعم عن سلع أساسية وامتناعه عن تطبيق قوانين يقرّها البرلمان وقضية إقالة مصلحي. ورجّح موقع «أيندة» نهاية قريبة لنجاد، من خلال تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، تتزامن مع الانتخابات النيابية في 2 آذار (مارس) المقبل. في غضون ذلك، استقال مجتبى ذو النور نائب ممثل خامنئي لدى «الحرس الثوري»، من منصبه. وإذ ربطت وسائل إعلام مؤيدة لنجاد، استقالة ذو النور بانتقاداته للرئيس الإيراني، عزتها مصادر أخرى الى نيته الترشح للانتخابات النيابية. وكان اعتبر قبل يوم من إعلان استقالته، ان نجاد ومشائي «توأمان» لا يمكن فصلهما، مشيراً الى ان الأول يعتقد بأن الثاني «على اتصال مباشر بالإمام المهدي». وفي خطوة تشدد الضغط على نجاد، طالب 25 نائباً بعزل وزير الداخلية مصطفى محمد نجار، لاتهامه بالفشل في أداء مهماته. وأُلقيت قنبلة حارقة فجر الاثنين الماضي على مكتب رئيس «مجلس تشخيص مصلحة النظام» هاشمي رفسنجاني، ما أدى الى جرح موظف وحرق وثائق ومعدات. وتعرّفت أجهزة الأمن الى الفاعل، إذ صورته كاميرات المراقبة في مقرّ المجلس. على صعيد آخر، اتهمت وزارة العدل الأميركية أفراداً وشركات في فرنسا ودولة الإمارات بالتواطؤ لتصدير مكونات لمروحيات هجومية ومقاتلات الى طهران، في ما «يُعدّ انتهاكاً للحظر المفروض على إيران، فضلاً عن قوانين أميركية تخص الصادرات وأخرى تتعلق بمكافحة التزوير».