وجهت الدول المانحة للفلسطينيين رسالة تحدٍ إلى الإدارة الأميركية عندما عقدت اجتماعاً دولياً موسعاً في روما أمس، جمعت خلاله 100 مليون دولار كدعم إضافي ل «وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين» (أونروا)، في وقت أثارت كلمة وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل أمام الاجتماع، ردود فعل فلسطينية غاضبة. وعلى رغم أن المبلغ الذي جمعه اجتماع روما لا يغطي سوى نحو ثلث قيمة المنحة الأميركية التي قلّصتها إدارة الرئيس دونالد ترامب (300 مليون دولار)، كما يمثل أقل من ربع العجز المالي الذي تعانيه الوكالة (446 مليون دولار) العام الحالي، إلا أنه أكد بوضوح دعمه قضية اللاجئين، ورفضه الإجراء الأميركي تجاه «أونروا»، في وقت تدرس منظمة التعاون الإسلامي مع البنك الإسلامي للتنمية، إنشاء صندوق استثماري وقفي لدعم اللاجئين الفلسطينيين (راجع ص4). وأعلن المفوض العام ل «أونروا» بيير كريهينبول عقب الاجتماع الوزاري الاستثنائي ل «حفظ الكرامة وتشارك المسؤولية وحشد العمل الجماعي من أجل أونروا»، أن الوكالة حصلت على تعهدات بمئة مليون دولار، مضيفاً أن «التمويل لدينا الآن يكفي حتى الصيف». وأكد أن الاجتماع «أظهر التزاماً دولياً تجاه الوكالة واللاجئين، إذ حضره كبار المسؤولين من أكثر من 70 بلداً، إلى جانب منظمات دولية». وأثار وزير الخارجية اللبناني ردوداً فلسطينية غاضبة في لبنان، بعدما دعا «أونروا» إلى «شطب كل لاجئ فلسطيني من قيودها، في حال تغيّبه عن الأراضي اللبنانية أو حصوله على جنسية بلد آخر، حتى تخفف من أعبائها المالية من جهة، وتساهم في خفض أعداد اللاجئين في لبنان من دون التعرض لحق العودة الذي هو مقدس، من جهة أخرى». وأتى رد رئيس الدائرة الإعلامية في حركة «حماس» في الخارج رأفت مرة، سريعاً على هذا التصريح، فاعتبره «مخالفاً للقوانين الدولية ولميثاق الأممالمتحدة وشرعة حقوق الإنسان وقرارات القمم العربية التي تجمع على صفة اللاجئ وحقه في الحصول على الحقوق كافة». وذكر بأن «المجتمع الدولي، ممثلاً بأونروا، هو المسؤول عن رعاية شؤون اللاجئين الفلسطينيين، والحكومة اللبنانية معنية باحترام حقوق الإنسان واللاجئين». ولاحظ أن تصريح باسيل «يتزامن مع خطط الإدارة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية ويضر بمصالح الفلسطينيين». وقال باسيل في كلمته أيضاً: «استقبلنا اللاجئين الفلسطينيين عملاً بقواعدنا الإنسانية، كما نفعل مع السوريين الآن، على أساس موقّت يقضي بوقف القتل وتأمين العودة أممياً. وأنشئت أونروا لتأمين حاجاتهم الإنسانية إلى حين العودة، فتبين أن القتل استمر، وأن الهدف هو دمج اللاجئين تحضيراً للترانسفير الكبير». وقال: «في حال أردنا مقاربة الأمر كما يفعل المجتمع الدولي معنا في موضوع النازحين السوريين، فإننا ندعو هذا المجتمع الدولي نفسه إلى تنظيم حملة العودة الطوعية للاجئين الفلسطينيين، إذ إن كل مقومات العودة الآمنة متوافرة في الحال الفلسطينية». وسأل: «كيف لمجتمع دولي عاجز عن الإيفاء بالتزاماته تجاه أونروا، أن يطلب من لبنان إدماج النازحين السوريين فيما هو يلغي المنظمة التي تعنى باللاجئين الفلسطينيين، وكأنه ينبئنا بأن السيناريو نفسه سيتكرر: النازح واللاجئ يبقيان على أرضنا فيما الوعود تتبخر تاركة لبنان وحيداً». وكان الاجتماع الوزاري في روما، انعقد على وقع اعتصامات نظمتها جمعيات أهلية فلسطينية في لبنان، رداً على وقف الالتزامات الأميركية ل «أونروا». وتُليت توصيات تطالب ب «التمسك بالوكالة وخدماتها والتراجع عن الإجراءات التقشفية التي اتخذت». وفي غزة، نظمت اللجنة الوطنية لدعم «أونروا» أمس سلسلة بشرية رفضاً للإجراءات الأميركية، طالبت خلالها مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة بإصدار «قرار تاريخي ومصيري» باقتطاع موازنة الوكالة مباشرة من موازنة المنظمة الدولية. ورفعت لافتات كتب عليها: «لا حل عادلاً للقضية الفلسطينية إلا بعودة اللاجئين إلى ديارهم وأراضيهم»، و «التخلي عن أونروا يعني انفجار قنابل اللاجئين الموقوتة».