خرج الآلاف من المدنيين من جيب داخل الغوطة الشرقية المحاصرة الخميس مع تقدم قوات النظام داخل بلدة رئيسة، في «نزوح جماعي» يعدّ الأكبر منذ بدء التصعيد من شأنه أن يسرّع عملية طرد مقاتلي المعارضة من آخر معاقلهم قرب دمشق. ودخلت أمس قافلة مساعدات إنسانية تحمل مواد غذائية إلى مدينة دوما، فيما تسبّب قصف بقذائف الهاون على المدينة بتوقف إفراغ حمولتها لوقت قصير قبل استئنافه مجدداً. ودخلت قوات النظام ليل الأربعاء بلدة حمورية التي تعد من البلدات الرئيسة الواقعة في جيب تحت سيطرة «فيلق الرحمن» في جنوب المنطقة المحاصرة وسيطرت عليها، بعد انسحاب مقاتلي الفيلق ثاني أبرز فصائل المنطقة منها. وتواصل القصف على البلدة ومحيطها على رغم «هدنة» يومية اعلنتها روسيا في 27 شباط (فبراير) الماضي، ويتخللها فتح ممر انساني لخروج المدنيين. وغداة تقدم قوات النظام داخل البلدة، خرج الآلاف من المدنيين الخميس في اتجاه مناطق سيطرة قوات النظام في منطقة عدرا، حيث كانت حافلات وسيارات اسعاف بانتظار نقلهم الى مراكز إقامة موقتة قرب دمشق. وحمل المدنيون وغالبيتهم من النساء والأطفال أغراضهم وحقائبهم، وخرج معظمهم سيراً على الأقدام ويجر بعضهم عربات أطفال، بينما استقل آخرون دراجات نارية وسيارات، عبر ممر من بلدة حمورية باتجاه منطقة عدرا. وقدر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن عدد المدنيين الذين خرجوا من حمورية وبلدات مجاورة بينها كفربطنا وسقبا وجسرين بأكثر من 12 ألف مدني. وأشار الى انسحاب فصيل «فيلق الرحمن» من المناطق المحيطة بالممر الإنساني، مؤكداً أن خروج هؤلاء هو «النزوح الجماعي الأكبر منذ بدء قوات النظام هجومها على الغوطة» في 18 شباط (فبراير) الماضي. ورجح ناطق باسم الجيش الروسي وفق ما نقلت عنه وكالات روسية خروج ما لا يقلّ عن 13 ألف شخص من حمورية. وتشنّ قوات النظام حملة جوية عنيفة، ترافقت لاحقاً مع هجوم بري تمكنت خلاله من السيطرة على أكثر من 70 في المئة من مساحة المنطقة المحاصرة ومن تقسيمها الى ثلاثة جيوب، فيما أدى الهجوم حتى الآن إلى مقتل 1249 مدنياً من بينهم 252 طفلاَ، وفق «المرصد». وفاقم الهجوم من معاناة 400 ألف مدني يقيمون في المنطقة وفق الأممالمتحدة، وتحاصرهم قوات النظام في شكل محكم منذ عام 2013، ما تسبب بنقص فادح في المواد الغذائية والأدوية واللوازم الطبية. ودخلت أمس قافلة مساعدات مشتركة بين الأممالمتحدة و «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» و «الهلال الأحمر السوري» الى مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة والتي تقع تحت سيطرة «جيش الإسلام». وضمّت القافلة 25 شاحنة تحمل مواداً غذائية مخصصة ل26100 شخص، كما افاد المنسق الإعلامي للجنة الدولية للصليب الأحمر بافل كشيشيك لوكالة «فرانس برس». وذكرت اللجنة عبر حسابها على موقع «تويتر» إن المساعدات «جزء بسيط مما تحتاجه هذه العائلات». وكان لافتاً دخول رئيس اللجنة الدولية بيتر ماورير الذي يزور سورية منذ أيام في عداد القافلة. وذكر «الهلال الأحمر العربي السوري» إن قافلة تحمل نحو 340 طناً من المساعدات الغذائية دخلت الغوطة بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأممالمتحدة. وكانت يولاندا جاكميه الناطقة باسم اللجنة ذكرت أن القافلة تنقل مواد غذائية تكفي نحو 26 ألف شخص لمدة شهر إضافة إلى إمدادات أخرى. وقالت إن القافلة تنقل 5220 حصة غذاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر و5220 جوال طحين من برنامج الأغذية العالمي. والحصة الواحدة تكفي لإطعام أسرة من خمسة أفراد لمدة شهر. وبعد وصولها الى دوما، وأثناء إفراغ حمولتها، سقطت قذائف هاون عدة قريبة ما أدى إلى توقف العملية لنحو عشرين دقيقة، قبل أن يتم استئنافها في وقت لاحق. وأتى إدخال المساعدات الى المدينة التي تشهد تراجعاً ملحوظاً في وتيرة القصف منذ مطلع الأسبوع، غداة إخراج دفعتين من الحالات المرضية مع مرافقيهم من المدنيين، بناء على اتفاق بين «جيش الإسلام» والجانب الروسي بوساطة من الأممالمتحدة. وأجلي منذ الثلثاء الماضي 220 مدنياً على الأقل من بينهم 60 حالة مرضية، وفق «المرصد»، الى مركز إيواء موقت قرب دمشق.