رفضت روسيا إنذاراً بريطانياً لتوضيح موقفها من تسميم «العميل المزدوج» السابق سيرغي سكريبال وابنته بغاز الأعصاب، بعدما حمّلت رئيسة الوزراء تيريزا ماي موسكو مسؤولية الهجوم وأمهلتها 24 ساعة للرد، مؤكدة أن لندن تحظى بدعم حلفائها للمضيّ في معاقبة الكرملين، إذا لم يُستجب لطلبها. وكانت ماي قالت إن «من المرجّح بشدة» أن روسيا مسؤولة عن الاعتداء، بعدما حدّدت بريطانيا المادة بأنها تنتمي إلى مجموعة «نوفيتشوك» لغازات الأعصاب التي طوّرها الجيش السوفياتي خلال سبعينات وثمانينات القرن العشرين. كما رجّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب تورط موسكو، قائلاً: «يبدو لي الأمر وكأنها روسيا، استناداً إلى كل الأدلة التي في حوزة (البريطانيين). ستتحدث تيريزا ماي إليّ، وما أن نحصل على الوقائع، إذا اتفقنا معهم، سنُدين دور روسيا». وكان وزير الخارجية الأميركي ريكس تليرسون، الذي أقاله ترامب أمس، أبدى بعد اتصال هاتفي مع نظيره البريطاني بوريس جونسون، ثقته بما توصّل إليه التحقيق في شأن احتمال تورط موسكو. لكن الخارجية الروسية اعتبرت أن «الحادث محاولة قذرة أخرى من السلطات البريطانية لتقويض صدقية روسيا»، مشددة على أن المزاعم «الزائفة» بتورط روسيا تشكّل استفزازاً، وأن التهديدات بفرض عقوبات على موسكو «لن تمرّ من دون رد». وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مخاطباً البريطانيين: «قبل أن تحددوا مُهَلاً، الأجدر بكم أن تَفوا بالتزاماتكم حيال القانون الدولي»، في إشارة إلى اتفاقية الأسلحة الكيماوية. وأكد أن «روسيا لا علاقة لها بتسمّم العقيد سكريبال في بريطانيا، وكل الاتهامات الموجهة إليها في هذا الصدد هي كلام فارغ وهراء». وأضاف: «كان على بريطانيا أن تُرسل إلينا طلباً رسمياً للاستيضاح عن المادة التي استُخدمت في محاولة قتل العميل. لكن لم نتلقَ طلباً مشابهاً وطلبنا في رسالة رسمية الاطلاع على المادة الكيماوية التي استُخدمت، لكن الرد جاء بالرفض». وتابع: «إذا طُبِقت الإجراءات التي تنصّ عليها الاتفاقية (الخاصة بالأسلحة الكيماوية)، فإن روسيا ستفي التزاماتها». وأعلنت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا استدعاء السفير البريطاني إلى مقرّ الوزارة، لمناقشة الأمر. إلى ذلك، أعلنت الحكومة البريطانية أن وزيرة الداخلية أمبر راد ستعقد اجتماعاً لمجلس الأمن الوطني «كوبرا»، لمتابعة التحقيق في الهجوم، فيما تتابع ماي اتصالاتها لتحديد الإجراءات التي ستتخذها ضد موسكو، بالتشاور مع المسؤولين الآخرين، ومع حلفاء بلادها. وذكر جونسون أنه تلقى «تشجيعاً كبيراً من أصدقاء أعربوا عن تضامنهم معنا، خصوصاً الرئيس إيمانويل ماكرون». وشدد فرانز تيمرمان، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، على أن موقف الاتحاد الأوروبي موحّد «لا يتزعزع»، في دعمه بريطانيا، فيما اعتبرت الحكومة الفرنسية أن الهجوم «ليس مقبولاً إطلاقاً». وقال وزير الخارجية الألماني المنتهية ولايته زيغمار غابرييل إن تورط موسكو سيكون «أمراً خطراً جداً». وكان الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ أعرب عن «قلق شديد»، قائلاً: «المملكة المتحدة حليفٌ مهم جداً وهذا الحادث يثير قلقاً شديداً. إن أي استخدام لغاز الأعصاب عمل مشين وليس مقبولاً».