لندن، بيروت - «الحياة» - رويترز - منذ اندلاع الاحتجاجات في سورية منتصفَ آذار (مارس) الماضي وتصاعد وتيرتها مع مرور الايام، أقدم النظام السوري على سلسلة من خطوات الترضية على أمل ان تؤدي الى تهدئة الشارع، إلا ان اعلان رجل الاعمال السوري رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الاسد، أنه سيترك العمل في التجارة ويتفرغ للعمل الخيري، أدت الى ردود فعل متباينة. وقال ناشطون وحقوقيون سوريون، إن الخطوة «لن تغير شيئاً» في واقع الاحتجاجات في سورية، مشيرين إلى انه من المستبعد ان تؤدي إلى إرضاء السوريين الغاضبين من عنف الحملة الامنية على المتظاهرين. وقال ناشط سوري لمحطة الاذاعة البريطانية (بي بي سي): «لن ينظر السوريون لهذا الاعلان بجدية. إنه محاولة لتخفيف الضغط عن النظام»، مشكِّكاً في قيمة الخطوة في ما يتعلق بالاستجابة الجدية لمطالب الاصلاح. ومع ان رامي مخلوف كان هدفاً لانتقادات حادة من المتظاهرين السوريين خلال الاسابيع الماضية، على أساس اتهامات باستغلال النفوذ، إلا ان خطوة تفرُّغه للعمل الخيري لم تقنع المتظاهرين على ما يبدو، إذ خرج الآلاف في سورية في تظاهرات كبيرة امس شملت أغلب مناطق البلاد. ومنذ أن اندلعت الاحتجاجات في آذار، استجاب النظام السوري بمزيج من اللجوء للقوة والعطاءات السياسية، لكن لم تنجح أي خطوة في وقف الاحتجاجات، فعندما قرر النظام مثلاً تغيير الحكومة ومنح آلاف الاكراد الجنسية السورية والعفو العام عن المعتقلين السياسيين وإلغاء قانون الطوارئ، قال ناشطون سوريون، على غرار عمار القربي من «المنظمة السورية لحقوق الانسان» ورامي عبد الرحمن من «المرصد السوري»، إن هذه الخطوات يجب ان تترافق مع سحب الجيش السوري من الشوارع وعودته الى ثكناته ووقف العنف ضد المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن العنف والقمع وبدء حوار وطني موسَّع يشمل كل القوى. وفيما يلي أهم الخطوات التي اتخذها النظام السوري لتهدئة الاحتجاجات في البلاد: قانون الطوارئ: رفع الرئيس السوري حالة الطوارئ في نيسان (ابريل) بعد شهر على بدء الاحتجاجات في مدينة درعا الجنوبية، ثم انتشارها في انحاء البلاد. وكان قانون الطوارئ هو القانون المعمول به منذ ان سيطر حزب البعث العربي الاشتراكي على السلطة عام 1963، والذي استُخدم لتبرير الاعتقال التعسفي والاحتجاز وحظر المعارضة. وقال نشطاء إن خطوة النظام ستظل رمزية الى حد كبير، الا اذا سَمح أيضاً باستقلال القضاء وأفرج عن السجناء السياسيين وكَبح جماح القوى الامنية واوقف الحملة العسكرية على المحتجين. منح الاكراد الجنسية السورية: بعد ايام قليلة على رفع حالة الطوارئ، أصدر الرئيس السوري مرسوماً يمنح الجنسية للمواطنين الاكراد في شرق البلاد. ويشكل الاكراد نحو عشرة بالمئة من تعداد السكان، البالغ 20 مليون نسمة. وكان 150 الفاً من الاكراد على الاقل، قد سجلوا باعتبارهم أجانب، وفقاً لتعداد عام 1962، ولم يقدم المسؤولون اي حصيلة عن تعداد الأكراد الذين مُنحوا الجنسية منذ الاعلان عن المرسوم. الحوار الوطني: أعلنت الحكومة في منتصف ايار (مايو)، أنها ستجري «حواراً وطنياً» في جميع انحاء البلاد في غضون ايام، لمعالجة القضايا التي فجرت الاضطرابات. وما زال مسؤولون يقولون ان الحوار سيمضي قُدُماً، لكن لم يقدموا جدولاً زمنياً وجدولاً بأعمال المحادثات، ولا الذين سيشاركون فيها. العفو العام: اصدر الرئيس السوري عفواً عاماً في 31 ايار، حيث قالت وسائل اعلام رسمية إنه سيشمل اعضاء في كل الحركات السياسية، بما فيها جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وهي عضوية كان ولا يزال يعاقِب عليها القانون بالإعدام. لكن لم يضمن العفو الحرية لجميع السجناء، ويقول نشطاء إن الآلاف مازالوا في السجون. اسعار الوقود: أعلنت الحكومة في ايار انها خفضت سعر الديزل بمقدار الربع «استجابة لمطالب المواطنين ولاعتبارات اقتصادية واجتماعية»، كما قالت إنها وضعت لجاناً لدراسة الاصلاح الاقتصادي وقانون اعلام جديد. لفتات موجَّهة للإسلاميين: في الايام الاولى للانتفاضة، سعت الحكومة إلى تهدئة المحافظين المتدينين، عبر رفع الحظر المفروض على ارتداء النقاب. وكشفت صحيفة رسمية عن اغلاق الكازينو السوري الوحيد في البلاد. تغيير الحكومة: استقال رئيس الوزراء ناجي العطري في 29 آذار. وعين الرئيس السوري مكانه عادل سفر، وهو ينتمي الى حزب البعث وشغل منصب وزير الزراعة في الحكومة السابقة. إقالة محافظين: اقال الرئيس السوري محافظ درعا في آخر آذار، بعد اندلاع الاحتجاجات هناك وفتْح القوى الامنية النار على المتظاهرين. وبعد شهر، أقال محافظ حمص، وهي المنطقة التي شهدت اشتباكات على نطاق واسع. ازاحة رامي مخلوف من الواجهة الاقتصادية اعلن رجل الاعمال النافذ اول من امس، انه سيترك الاعمال التجارية ويتفرغ للعمل الخيري، موضحاً انه سيتنازل عن ارباح اسهمه من «سيرياتل» للاتصالات للأعمال الخيرية، وسيطرح جزء من الاسهم للاكتتاب العام.