بعد هدوء نسبي استمر بضعة ايام، تجددت الاشتباكات بين القوات الحكومية ومسلحي تنظيم «القاعدة» في محافظة أبين، إثر توزيع المسلحين الذين يطلقون على أنفسهم تسمية «أنصار الشريعة» بياناً توعدوا فيه بالتصفية الجسدية لعدد من القادة العسكريين في سلاح الطيران اليمني، قالوا إنهم متورطون في قصف المدنيين في مدينتي جعار وزنجبار، اللتين تخضعان لسيطرة المسلحين. وأفادت مصادر محلية وشهود في مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين ل «الحياة»، بأن الاشتباكات تجددت في مساء الخميس، بين المسلحين وقوات اللواء 25 ميكانيكي المتمركز في محيط المدينة، كما سمع دوي انفجارات في عدد من المواقع داخل المدينة، يعتقد أنها ناتجة عن غارات جوية للطيران اليمني ضد مواقع المسلحين. على صعيد آخر، نشر أحد المنتديات التابعة لتنظيم «القاعدة» على الإنترنت رسالة تتضمن صورة لمسؤول أمني بارز في محافظة تعز (وسط البلاد) تتحفظ «الحياة» عن ذكر اسمه ومنصبه، قالت إنه متورط في قتل المحتجين المطالبين بإسقاط النظام في «ساحة التحرير» أواخر أيار (مايو) الماضي. وتُظهر الصورة أحد المسلحين بزي مدني وهو يطلق النار على المعتصمين، وإلى جانبه مسلحان آخران يرتديان قناعين. ويقول النص المرفق، إن الصورة لأحد المسؤولين الأمنيين البارزين في المدينة خلال اقتحام قوات الأمن، مدعومة بالمدرعات، ساحة الاعتصام في تعز، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف المحتجين المطالبين بإسقاط النظام. وتطالب الرسالة قادة تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» بالتصفية الجسدية لهذا المسؤول، الذي تعتبر أن نشر معلومات عنه «واجبُ رصدٍ ومتابعةٍ وتحرٍّ»، حتى يتمكن عناصر «القاعدة» من «تطبيق القصاص العادل بحق هذا المُجرم وإنزال حُكم الله عليه، مواصَلةً لمسيرة قطف الرؤوس ونفي الخَبَث التي بدأتموها». ودرج تنظيم «القاعدة» في اليمن خلال السنوات الماضية على تنفيذ سلسلة من الاغتيالات طالت عدداً من المسؤولين الأمنيين، خصوصاً في المحافظات الجنوبية من البلاد، في إطار عمليات أطلق عليها «عمليات نفي الخَبَث عن جزيرة محمد من العملاء والمرتدين». وكان مسلحو «القاعدة» وزعوا في زنجبار أول من أمس، بياناً باسم «أنصار الشريعة في ولاية أبين»، أعلنوا فيه عن مكافآت مالية قدرها 25 مليون ريال يمني (نحو 23 ألف دولار) لمن يقتل أو يدلي بمعلومات عن 12 قائداً عسكرياً قالت الجماعة إنهم متورطون في قصف المدنيين. وذكر البيان أسماء عدد من كبار الضباط، بينهم: قائد اللواء 25 ميكانيكي، وقائد مطار العند الحربي، وأركان حرب مطار العند، ومدير العمليات الحربية، وقائد سرب طيران بمطار العند، بالإضافة إلى ثلاثة طيارين وأربعة قادة عسكريين. وقال البيان إن «المجاهدين على استعداد لمواجهة الحكومة اليمنية وكل من يتعامل معها من الطغاة». وظهر اسم «أنصار الشريعة في ولاية أبين» أواخر آذار (مارس) الماضي عندما استولى مسلحون إسلاميون على جعار، وأطلقه مسؤول الهيئة الشرعية في «القاعدة» عادل العبّاب، ويكنى «أبو الزبير»، ويعتبر مفتي التنظيم. وكان العباب نشر قبل أسابيع حواراً على شبكة الإنترنت قال فيه إن «المجاهدين متواجدون بكثرة في صعدة والجوف، ولكن الشيعة الحوثيين أكثر منهم». وقال أيضاً «المجاهدون يسيطرون على مناطق واسعة في أبين، وعلى بعض المناطق في شبوة تحت اسم «جماعة أنصار الشريعة» لتحبيب الناس في الشريعة». ودعا «مفتي التنظيم» المستثمرين الى ضخ اموالهم في جعار «لقضاء حوائج الناس» اليومية، وطلب «خبراء لتشغيل الإذاعة وغيرها». ويبدو ان تنظيم «القاعدة» اختار اسم «أنصار الشريعة» لتلافي الرفض الشعبي، باعتبار أن تطبيق الشريعة مطلب للكثير من اليمنيين في تلك المناطق. ومنذ ليل الإثنين - الثلاثاء، بدأ مسلحو القاعدة في التوسع خارج زنجبار، فشنوا هجوماً مباغتاً على مدينة الحوطة التابعة لمحافظة لحج المجاورة، مستهدفين عدداً من المقرات الحكومية بالقذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة. وأدى ذلك الى نزوح العديد من السكان إلى خارج المدينة، فيما شوهد المسلحون الذين يغطون وجوههم وهم يجوبون الشوارع على متن سيارات مكشوفة حديثة الصنع قبل ان يتواروا. وفي مدينة عدن، كبرى مدن الجنوب اليمني، تتحدث مصادر محلية عن مخاوف لدى السكان من تكرار سيناريو زنجبار، بعد ان نجح العشرات من مسلحي «أنصار الشريعة « في التسلل إلى المدينة خلال اليومين الماضيين وشن هجمات عدة على دوريات للشرطة، واغتيال ضابط في الجيش برتبة عقيد، بتفجير سيارته في مدينة البريقة، فيما تمكن حراس فندق «فينيسيا» في منطقة خور مكسر، وهو أحد أرقى المجمعات السياحية في المدينة، من إحباط محاولة لتفجيره بعبوات ناسفة.