تفاوتت الردود على البرنامج النووي الايراني في المرحلة الاخيرة. ففي وقت يؤكد المسؤولون الايرانيون التزام هذا البرنامج القوانين الدولية، وعدم ابتعاده من مواثيق وكالة الطاقة الذرية الدولية، يصدر مدير الوكالة هذه، يوكيا امانو، تقارير متتالية يبدي فيها قلقه ازاء البرنامج الايراني. وتزامن تقريره الاخير مع مقالات صدرت في عدد من الصحف الاميركية والاوروبية تستند في وجهة نظرها الي مواقف الوكالة الدولية. ففي حين استبعد كنت والتز في مقال نشره قبل سنوات خطورة البرنامج الايراني علي السياسة الدولية، ولو بلغ مرحلة انتاج الطاقة الذرية، رأي سايمون هرش في صحيفة «نيويوركر» أن ثمة ميلاً الى تشكيل جبهة جديدة موجهة ضد ايران وأنشطتها النووية، ولو استندت هذه الجبهة الي معلومات خيالية وأسس افتراضية. وتعزى ازدواجية المواقف هذه الى عدد من الاسباب والذرائع. والذريعة الاولى هي بحث العالم الغربي عن ذريعة أو يزمع على فبركة ذرائع للاقتصاص من ايران. فالعالم هذا ينظر بعين الانحياز الى البرامج النووية في العالم. ويرقى الى البداهة ان مواقفه من ايران وسورية غير عادلة، في وقت يغض النظر عن البرنامج النووي الاسرائيلي، ولا يتابع تطوراته. والغرب ينتهج سياسة مزدوجة وغير عادلة إزاء البرامج النووية في منطقة الشرق الاوسط. والذريعة الثانية هي خطاب بعض المسؤولين في الجمهورية الاسلامية الايرانية السياسي. فخطابهم يولد حساسية في العالم الغربي، ولا يلقى استحساناً. فعندما يعلن مدير منظمة الطاقة النووية الايرانية ان بلاده تسعى في رفع مخزونها من اليورانيوم المخصب ثلاثة أضعاف، يفهم العالم الغربي أن ايران تستفز المجتمع الدولي. ولذا، يسعي الى انتهاج خطوات رادعة ازاء ايران، ويشجب سياستها النووية. ونشهد تصعيد المواجهة ضد ايران، وهي ترتبط بالملف النووي. وانتقلت عدوى المواجهة من ايران الي سورية، إثر موافقة 17 عضواً في مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية الدولية علي طرح الملف النووي السوري امام مجلس الامن الدولي، ورفض 11 عضواً الاحالة هذه، علي رغم اختلاف الموقفين الصيني والروسي عن الموقف البريطاني والفرنسي والاميركي من المسألة هذه، والموقفان المتفاوتان هذان يؤثران في الملف الايراني. وعلي رغم صدور بيان غير رسمي وقّعه ستة سفراء غربيين سابقين في طهران، يؤيد البرنامج النووي الايراني السلمي لترطيب الاجواء المعادية لايران، أستبعد نجاح مؤتمر طهران لنزع الاسلحة النووية في تقليل حدة الحملات الموجهة الى الجمهورية الاسلامية او الاسهام في حل الموضوع النووي الايراني. ولكن المؤتمر هذا قد يؤثر في الرأي العام العالمي وفي مواقف بعض البلدان. وأغلب الظن ألا يحال الموضوع الايراني الي مجلس الامن إحالة سريعة، في وقت تتجه الآمال الى احتمال احراز محادثات مجموعة خمسة زائداً واحداً نتائج جيدة، في وقت يولي المجلس اليوم الاولوية للملف السوري النووي في المرحلة الراهنة. * معلق سياسي، عن موقع «ديبلوماسي ايراني» الايراني، 13/6/2011، اعداد محمد صالح صدقيان