توسعت مروحة المواقف العالمية المنددة، بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه فرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات الأميركية من الصلب بنسبة 25 في المئة وعلى منتجات الألمنيوم بنسبة 10 في المئة، وتهديده بفرض «رسوم على أساس المعاملة بالمثل» على شركاء الولاياتالمتحدة التجاريين الذين يردون بتدابير مماثلة. إذ أعلنت بكين أمس، أنها «لا تريد حرباً تجارية»، لكن لن تقف «مكتوفة الأيدي» أمام التهديدات الأميركية لصادراتها. وقال الناطق باسم الجمعية الوطنية الشعبية (البرلمان) تشانغ يسوي في لقاء مع الصحافيين قبل الدورة السنوية العامة، إن الصين «ستتخذ ما يلزم من إجراءات». وتُعدّ الصين منتجاً رئيساً للصلب والألمنيوم في العالم، لكن تؤمن جزءاً ضئيلاً من الواردات الأميركية من هذين المنتجين، بالتالي لن يكون لهذه الرسوم الجديدة تأثير كبير عليها في حال إقرارها. لكن تشانغ أبدى مخاوف إزاء الانزلاق في دوامة تخرج عن السيطرة، في وقت تضاعف واشنطن التحقيقات ورسوم مكافحة إغراق الأسواق ضد العملاق الآسيوي في مجالات كثيرة تمتد من الغسالات إلى الألواح الشمسية. وفتحت السلطات الصينية في هذا السياق، تحقيقاً مضاداً للإغراق بحق الذرة البيضاء الأميركية، كما لا تستبعد استهداف صادرات الصويا الضخمة الأميركية. وزار ليو هي المستشار المقرب من الرئيس الصيني شي جينبينغ واشنطن الأسبوع الماضي، في محاولة لإعادة الزخم إلى العلاقات الاقتصادية بين الدولتين. لكن تصريحات ترامب صدرت أثناء زيارته، فكانت مثابة صفعة لبكين. في المقابل، يعوّل منتجو الصلب في كندا والبرازيل والمكسيك وكوريا الجنوبية وتركيا، وفي شكل كبير على السوق الأميركية التي تمثل أهمية قصوى لهم. ويوضح ذلك ردود الفعل الصينية الأولية المعتدلة على تصريحات ترامب، مقارنة بالتنديد الشديد الصادر عن كندا وأوروبا. واكتفت بكين بدعوة الولاياتالمتحدة إلى «الامتناع عن استخدام أدوات حمائية». ورأى وزير الخارجية وانغ يي، أن الرسوم على الصلب والألمنيوم التي تفرض تحت شعار الأمن القومي «لا أساس لها». ويأمل بعض حلفاء الولاياتالمتحدة مثل كنداوأستراليا في إعفائهم من الرسوم الأميركية. وأعلن اتحاد صناعي واسع النفوذ في كوريا الجنوبية أمس، أنه اتصل بأعضاء في الكونغرس، لطلب إعفاء سيول من أي تدابير جمركية جديدة. كما أعرب وزير التجارة الأسترالي ستيف سيوبو، عن مخاوفه من أن «يؤدي تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، إلى حرب تجارية عالمية ما سيقوض انتعاشاً اقتصادياً لا يزال هشاً». وحاولت كانبيرا إقناع الولاياتالمتحدة، باستبعاد أستراليا من هذه الرسوم الثقيلة، مشيرة إلى «تفاهم تم التوصل إليه مع واشنطن خلال قمة العشرين العام الماضي». ورصد سيوبو في حديث إلى قناة «سكاي نيوز أستراليا»، في اليومين السابقين «ردوداً من كندا والاتحاد الأوروبي»، ملاحظاً «عودة الحكومة الأميركية إلى الحديث عن فرض رسوم على السيارات». وقال: «هذا ما يقلقني، في حال استمر هذا التصعيد في الخطاب، وأيضاً تطبيق زيادة الرسوم على الواردات والصادرات في اقتصادات كثيرة في نهاية المطاف(...)، فإن ذلك سيؤدي إلى تباطؤ في النمو». ولفت إلى أنه تحدث أول من أمس، إلى نظيره الأميركي ويلبور روس، من دون أن يتمكّن «من ضمان إعفاء أستراليا من الرسوم الأميركية»، معتبراً أن القضية في النهاية ستحتاج إلى «قرار من الرئيس». وكان مسؤول أميركي أفاد بأن «لا إعفاء لأي دولة»، لكن «سيُنظر في إعفاءات محتملة في شكل منفصل، وستُدرس كل قضية على حدة». وتطرق رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم تيرنبول أمس، إلى الموضوع منتقداً بشدة «وضع معوقات في وجه الاستيراد»، ورأى أنه «طريق مسدودة». وقال للصحافيين في سيدني، إن «الحمائية ليست سلماً لإخراجك من فخ تباطؤ النمو، انه مِعول تحفر به إلى أعمق». وألمح ترامب إلى احتمال فرض رسوم جمركية على واردات السيارات الأوروبية، في حال رد الاتحاد الأوروبي على قراره فرض ضرائب على الفولاذ والألومنيوم. وكتب ترامب في تغريدة: «إذا أراد الاتحاد الأوروبي زيادة الرسوم والعقبات الضخمة أصلاً على الشركات الأميركية العاملة هناك، فسنطبق ببساطة ضرائب على سياراته التي تدخل بحرية إلى الولاياتالمتحدة، بينما يجعلون من بيع سياراتنا أمراً شبه مستحيل هناك». وندد ب «خلل كبير في التوازن التجاري». وفي السياق، أعلنت «الإمارات العالمية للألمنيوم» أمس، «الاستعداد جيداً» لأي أوضاع في السوق، في حال مضى ترامب قدماً في فرض رسوم كاسحة على واردات الصلب والألومنيوم.