توارى رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة يحيى السنوار عن الأنظار منذ أكثر من شهر، ولم يعد يلتقي أي فئات، ولا يمارس أي نشاطات، ولا يدلي بأي تصريحات؛ ذلك أنه يشعر بالخذلان والغضب نتيجة تعثر خطوات المصالحة وعدم قدرته على تحقيق آماله في طي صفحة الانقسام، وفتح صفحة جديدة، خصوصاً مع حركة «فتح» والرئيس محمود عباس. وعلى رغم أن السنوار حقق، منذ انتخابه رئيساً للحركة في القطاع قبل نحو عام، نجاحات مهمة في العلاقات الوطنية، خصوصاً مع حركة «الجهاد الإسلامي»، و «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، وبدرجة أقل مع بقية الفصائل، إلا أنه فشل حتى الآن، في إقناع عباس و «فتح» بوضع أيديهم بيديه. ووصف مقربون من السنوار وآخرون التقوا به مراراً وتكراراً شخصية الرجل الذي أمضى نحو نصف عمره في السجون الإسرائيلية، بأن «لديه نوايا حقيقية وصادقة لإنهاء الانقسام». وقالوا ل «الحياة» إنه «يتمتع بحسّ وطني عالٍ جداً، ولديه توجهات حقيقية وجادة نحو توحيد الصف الوطني، بما فيه الأجنحة المسلحة لتكون نواة جيش وطني فلسطيني يسعى إلى تحرير فلسطين». وأضافوا أن «قواعد حركة حماس وكوادرها، الذين دعموا قراراته وخطواته نحو المصالحة بشدة، باتوا يقتنعون شيئاً فشيئاً بأن فتح لم تساعده على طي صفحة الماضي، وخذلته، وأظهرته أمام حركته والشارع الفلسطيني كأنه باعهم وهماً، أو على الأقل لم يحقق لهم شيئاً على أرض الواقع». وتزداد خيبة الأمل والإحباط، بعدما أمضى وفد من الحركة برئاسة رئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية ثلاثة أسابيع في القاهرة من دون أن تُعلن أي نتائج، وفي الوقت ذاته، يواصل الوفد الأمني المصري عقد عشرات اللقاءات منذ أسبوع في غزة، من بينها لقاءان مع السنوار وثالث مع هنية وقيادة الحركة، من دون أن يتصاعد الدخان الأبيض. في الأثناء، واصل رئيس حكومة التوافق الوطني رامي الحمدالله طرح شروطه على «حماس»، والتي يعتبرها «متطلبات» إنجاز المصالحة، إذ جدد أمس دعوته الحركة ل «التمكين الفعلي» للحكومة في قطاع غزة. وقال الحمدالله في كلمة ألقاها في بلدية عنبتا في مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية أمس، عقب تفقده سير العمل في مشروع تأهيل الشارع الرئيس غرب البلدة، إن الرئيس عباس والحكومة «جاهزان لتحمل المسؤوليات كافة تجاه قطاع غزة بمجرد تمكين الحكومة». وأكد «التزام القيادة والحكومة المصالحة الوطنية، وتحقيق الوحدة»، مشيراً إلى أنه «بناء على ذلك، تم إدراج 20 ألف موظف من موظفي حماس على موازنة عام 2018، ولم تتبقَّ أي عقبة أمام إنجاز المصالحة الوطنية». وجدد الحمدالله مطالبته «حماس» ب «تمكين الحكومة مالياً من خلال الجباية، والسيطرة الكاملة على المعابر، والتمكين الأمني للشرطة والدفاع المدني لفرض النظام العام وسيادة القانون، وتمكين السلطة القضائية من تسلّم مهامها في القطاع، والسماح بعودة الموظفين القدامى جميعاً إلى عملهم»، علماً أن اتفاق القاهرة وضع جدولاً زمنياً لإنجاز هذه الملفات وليس دفعة واحدة. وأتت شروط رئيس الحكومة في وقت واصل الوفد المصري، الذي يضم مسؤول ملف فلسطين في الاستخبارات المصرية اللواء سامح نبيل، والعميد في الاستخبارات عبد الهادي فرج، والقنصل المصري العام لدى السلطة الفلسطينية خالد سامي، عقد اجتماعات مكثفة مع وزراء ورسميين وفاعليات حزبية وشعبية. ويكتنف الغموض مصير المصالحة ومستقبلها، في ظل تعتيم مفروض على محادثات القاهرةوغزة، وعدم صدور أي إشارات إيجابية عنها، فيما يزداد التوتر واليأس والإحباط والفقر في أوساط الغزيين. وما زاد الطين بلة، قول عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» جبريل الرجوب قبل أيام قليلة إن مصر «أخطأت» في طريقة معالجة الانقسام والتعامل مع عباس و «فتح». وأضاف الرجوب أن «المصريين أرسلوا مدير الاستخبارات العامة في حينها خالد فوزي محمَّلاً برسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكومة»، في إشارة إلى زيارته الضفة الغربيةوغزة مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. واستنكر الرجوب بشدة «تجاهل» السيسي عباس وحركة «فتح» في هذه الرسالة.