فور إعلان تشكيلة الحكومة اللبنانية، أدلى رئيسها نجيب ميقاتي بتصريح وضع فيه الخطوط العريضة أو الثوابت التي ستعمل حكومته في ضوئها، شارحاً ما حصل في الساعات القليلة الأخيرة قبل إعلان مراسيم الحكومة ولا سيما مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. ودعا ميقاتي الى «الانصراف فوراً الى العمل وفق المبادئ والأسس التي أكدنا التزامنا بها مراراً وأهمها التمسك بتطبيق دستور اتفاق الطائف تطبيقاً كاملاً والدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله، وتحرير ما تبقى من أرضه المحتلة من العدو الإسرائيلي ومعاودة حوار وطني هادف وبناء حول المواضيع التي تتباين آراء اللبنانيين حيالها تحت سقف المؤسسات الدستورية». وأعرب عن ثقته بأن «هذه الثوابت التي يجمع عليها اللبنانيون هي التي تحفظ وحدة لبنان واستقراره وتحقق التضامن بين أبنائه وتحمي صيغة العيش المشترك وتلتزم الأصول والقواعد التي تميز بها لبنان، فنتمكن من مواجهة التحديات الداخلية والخارجية بمسؤولية وطنية جامعة تستجيب لأماني اللبنانيين وطموحاتهم وتجعلهم يطمئنون الى غدهم وأمنهم». وأعلن عن اختياره شعار «كلنا للوطن كلنا للعمل» للحكومة الجديدة، وقال: «ليقيننا أن اللبنانيين ملوا من الكلام ويتطلعون الى الاهتمام بما يعانون منه في حياتهم اليومية اقتصادياً واجتماعياً وصحياً» وتربوياً، وإذا كانت دول العالم منشغلة بأحداث ومتغيرات تشهدها دول عربية شقيقة فإنها في الوقت نفسه تتابع ما يجري عندنا لتستكشف قدرتنا على حماية وطننا وتجنيبه اضطرابات سياسية وأمنية ومالية واقتصادية وتمكينه من مواصلة دوره الرائد في محيطه والعالم ودفاعه عن القضايا العربية العادلة وفي طليعتها تحرير الأراضي العربية المحتلة وحق الشعب الفلسطيني الشقيق في العودة الى أرضه وقيام دولته المستقلة وعدم توطينه في الدول التي تستضيفه ومنها لبنان». وأكد ميقاتي «أن هذه الحكومة حريصة كل الحرص على العلاقات الأخوية المتينة التي تجمع لبنان مع كل الدول العربية الشقيقة من دون استثناء وستسهر على تنميتها وتطويرها في المجالات كافة وهي تتطلع الى تعاون صادق مع هذه الدول يقوم على احترام كامل ومتبادل لسيادة كل دولة واستقلالها وسلامة أراضيها». وأكد «وفاء لبنان بالتزاماته العربية والإقليمية والدولية لأنه من الثوابت في سياسة الحكومة التي ستحترمها بالتوازي مع تمسكنا بكرامتنا وحرية قرارنا النابع من المصلحة الوطنية العليا التي لا تهاون فيها ولا مساومة». وأضاف ميقاتي: «هذه الحكومة التي لي شرف رئاستها هي حكومتكم جميعاً في أي موقع كنتم، في المولاة أو في المعارضة أو في الوسطية الفاعلة والمتفاعلة وهي تدرك أن مسيرتها ليست مفروشة بالورود ولا هي خالية من العوائق والأفخاخ والتحديات لكنها تدرك في المقابل أن إرادتكم الواحدة والمتضامنة وإيمانكم بوطنكم وقناعتكم بأن لا بديل من العيش المشترك تشكل كلها جسر العبور الى نجاحها في التجاوب مع أمانيكم وأمالكم في مواجهة الأزمات وقطع دابر الفتن مما يحفظ الوجود ويحمي الوحدة ويصون الكيان». وشدد ميقاتي على أن «هذه الحكومة ستكون حكومة كل لبنان وستعمل من أجل جميع اللبنانيين فلا تفريق أو تمييز بين من سيوليها ثقته أو من سيحجبها عنها ولا مسايرة لفريق على حساب آخر ولا تسليم بمنطق المنتصر والمهزوم ولا ممارسة كيدية أو انتقامية فكل ذلك لم يكن ولن يكون من شيمنا أو عاداتنا أو تقاليدنا لأننا نشأنا وسنستمر بإذن الله على احترام قيم العدالة والمساواة والتسامح والمحبة والانفتاح». ودعا الى عدم الحكم على النيات أو الأشخاص بل احكموا على الأداء والممارسة وأنا على ثقة بأن حكمكم سيكون عادلاً والله ولي التوفيق». ووجه رداً على سؤال، كلمة «احترام وشكر الى الرئيس بري، فهذه التشكيلة ما كانت لتبصر النور لولا تضحيات الرئيس بري وسعيه الدؤوب ووطنيته المميزة لإظهار هذه التشكيلة». وعن احتمال تحفظه عن التشكيلة، قال: «أقول لولا الرئيس بري لما أبصرت النور، هذا ما أعتقده». وقيل له انه إذا أعلنت الحكومة من القصر الجمهوري ستعتبر هذه الحكومة من طرف واحد وحكومة أمر واقع، فقال: «من الطبيعي أن تعرض من القصر الجمهوري». وقيل له انه «قيل أن الرئيس ميقاتي إذا أعلن التشكيلة اليوم من القصر الجمهوري»، فقال: «أعتقد أن السؤال ليس كاملاً. إذا عرضتها اليوم من القصر الجمهوري، هل إذا عرضتها غداً يمشي الحال؟ عرضتها اليوم». وقال ميقاتي: «في الساعات الأخيرة كان قراري أن أقدم على هذا الموضوع، لا يمكن ترك الأمور لأنها بدأت تسوء لدرجة كان من الصعب تشكيل أي حكومة بعد اليوم». وعما إذا كان بري أبدى تحفظات لدى مغادرته القصر الجمهوري وما إذا كان راضياً، قال: «لا أذيع سراً، نعم كانت توجد تشكيلة بناء على طلب الرئيس بري وأقول بناء الى وطنيته وتضحياته وأنا أقدر جداً ما قام به الرئيس بري اليوم، جرى بعض التعديل على التشكيلة». وليامز يهنئ ولاحقاً، هنأ ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان مايكل وليامز الرئيس ميقاتي بتشكيل الحكومة، وقال خلال زيارته في دارته أمس، إن «هذا العمل يشكل بعد أشهر من الاستشارات تطوراً مهماً للبنان». ورأى أن «تشكيل حكومة لبنانية جديدة من شأنه إطلاق ورشة مواجهة التحديات الكبيرة التي يواجهها لبنان لا سيما اقتصادياً وسياسياً وأمنياً»، متمنياً أن «تدعم الحكومة الجديدة تطبيق القرار 1701 والتزامات لبنان الدولية».