تنتظر ميمونة الحسيني (25 سنة) حلول العام 2012 بفارغ الصبر، لا لشيء يتعلق بالعام نفسه، بل لأنه سيشهد موعد انتهاء فترة تدريبها، فالنظام الأساسي لنقابة المحامين اليمنيين، المخوَّلة منح بطاقة مزاولة المهنة، يشترط أن يمضي خريج الشريعة والقانون 3 سنوات تدريب لدى مكتب محاماة أو مؤسسة قانونية معترَف بهما، وأن يكون خلال هذه الفترة قد ترافع في 5 قضايا على الاقل، وأن يَرِدَ اسمُه في حيثيات الأحكام القضائية الصادرة فيها، كشرط رئيس للحصول على بطاقة ممارسة المهنة. وتستغرب الحسيني وجود مثل هذا الشرط، الذي تصفه بالمجحف وغير العادل. وتعتقد بعدم وجود دول تعمل بمثل هذه القواعد باستثناء اليمن، علماً أن بلداناً كثيرة تفرض هذه المدة وأكثر أحياناً. وتلفت الحسيني الى معاناة الخريج من سريان هذا الشرط، سواء لجهة طول فترة التدريب أم لجهة استغلال بعض مكاتب المحاماة للخريجين من زملائهم لأن بعض المكاتب لا تمنح المتدرب شيئاً، حتى أجور المواصلات. وقياساً بنظام كلية الطب البشري الذي يفرض على الخريج قضاء سنة تدريبية للتطبيق في المستشفى الجامعي او في مستشفيات حكومية أخرى، تبدو كلية الحقوق الأكثر تشدداً في إلزامية التدريب عقب التخرج، علما أن كليات الشريعة والقانون متهمة بأنها من الكليات الجامعية الأكثر انفلاتاً في الكفاءة التعليمية والانضباط. وصار البعض يطلق على تلك الكلية تسمية متهكِّمة هي «كلية القبائل والعسكر»، في إشارة الى كثرة الملتحقين بها من ابناء هاتين الفئتين، خصوصاً أن غالبية طلابها «منتسبون» في الغالب، ولا يحضرون طوال السنة إلا لأداء الاختبارات. وتؤكد الحسيني تخلُّف المنهج النظري عن الواقع العملي، وتقول: «نصادف خلال عملنا في المحاكم اشياء لم نتعلمها في الجامعة ولم تلحظها الكتب»، مشددة على أهمية أن تتناسب المناهج التعليمية مع متطلبات سوق العمل. وتلك مسألة يشكو منها كثير من الطلاب والأساتذة في تخصصات مختلفة، ما دفع بعض المراكز البحثية غير الحكومية الى تنظيم ورش مشتركة تجمع القطاع الخاص والعام ومسؤولي التعليم الجامعي، بهدف البحث في سبل ردم الفجوة القائمة بين التعليم وسوق العمل. وتقترح الحسيني إلغاء شرط مدة التدريب الطويل بعد التخرج على طلاب القانون، واستبداله بالتدريب اثناء الدراسة، مع إجراء اختبارات قبول عند التوظيف. وتشير تقارير حديثة كثيرة الى افتقار طلاب وأساتذة بعض الكليات التطبيقية في اليمن الى التدريب العملي الكافي. ويدعو باحثون الى ايجاد إستراتيجية للتعليم العالي تستوعب التطورات الحاصلة في مختلف المجالات. ويقول طلاب في تخصصات مختلفة، مثل الاتصالات والحاسوب، إن بعض وسائل التكنولوجيا التي يعملون عليها اثناء تدربهم في الشركات، هي من التعقيد لدرجة يشعرون معها وكأنهم لم يتعلموا شيئاً في الجامعة. ويقول اشرف (26 سنة): «إنه لأمر مخجل أن تضطر بعض شركات الاتصالات الى الاستعانة بالطواقم الاجنبية لاصلاح بعض الاجهزة لديها، خصوصاً في أمور يتضح لاحقاً أنها بسيطة». ولئن شرع بعض الكليات في تنظيم برامج تدريبية لطلابها، بيد أن الملاحظ أن تنفيذ هذه البرامج يكون في الغالب روتينياً، ويفتقر الى الضوابط اللازمة للوصول الى الهدف المرجو منه. وتذكر رؤى نعمان، الطالبة في كلية الهندسة في جامعة عدن، أن برامج التدريب الصيفي التي تنفذها الكلية بالتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة، تأتي في الغالب شكلية، ولا تلقى حرصاً لا من قبل الكلية والمؤسسات ولا حتى من قبل الطلاب أنفسهم. ويبدو أن اليأس من إحداث تغيير في نظام الكفاءة العملية للخريجين يخلق نوعاً من التعايش مع هذا الواقع، ليظهر تحايل بعض الطلاب على مطلب التدريب. ويلجأ بعض الخريجين أو الطلاب إلى الوساطة او الرشوة ليحصل من المؤسسة على شهادة بأنه أمضى فترة التدريب بنجاح. في المقابل، وجد بعض الصحف المحلية والمواقع الإلكترونية في طلاب الإعلام الراغبين في التدرب، فرصةً سانحة للحصول على عاملِين بأجور زهيدة أو رمزية. ويروى الكثير عن استغلال القائمين على بعض الوسائل الاعلامية لجهود الشباب بطرق بعضُها يبدو مذموماً وغير اخلاقي. وهناك من يشير الى «اصطياد» يمارسه بعض رؤساء التحرير للمتدرب الجيد، ليبقيه معه أطول فترة ممكنة بوعود مختلفة، مثل تحسين الاجر والتوظيف، ثم يمر الوقت والمتدرب لا يزال على حاله.