أعاد إضراب نفذه أواسط الشهر الجاري طلاب كلية الطب في جامعة تعز، إلى الواجهة، قضية ضعف الدروس التطبيقية في الجامعات اليمنية، فيما تواصل الحكومة إنشاء جامعات جديدة في المحافظات من دون أن يترافق ذلك مع توفير متطلبات رئيسة مثل المختبرات والأساتذة المؤهلين. وتتضاعف فداحة مشكلة التعليم الجامعي في اليمن حين يتعلق الأمر بتخصصات مهمة ووثيقة الصلة بحياة الناس مثل مهنة الطب. فعلى رغم تزايد أعداد خريجي الجامعات اليمنية، تستمر الشكوى من تدني مهاراتهم العملية. وتنتشر الأخطاء الطبية في شكل يودي أحياناً بحياة البعض، فيما يعزف كثيرون عن التداوي لدى الأطباء المحليين ويتوجهون بدلاً من ذلك إلى خارج البلاد وهؤلاء يكونون غالباً من كبار القوم ومسؤولين في السلطات الصحية نفسها. وتقع الجامعة اليمنية بشقيها الحكومي والخاص في ذيل القائمة العالمية لمعيار جودة التعليم. لكن اللافت في تفاقم مشكلة ضعف التعليم الجامعي هو تداعي الطلاب إلى إيجاد حلول لها. فلئن عرف عن الطالب اليمني لا مبالاته في هذا الجانب إلا أن التغير الذي طرأ على قوانين سوق العمل وانحسار فرص التوظيف الحكومي وبروز الكفاءة كمعيار أساس للعمل في القطاعات الخاصة أمور دفعت الطلاب إلى الضغط لتحسين نوعية التعليم. واشتكى الطلاب المضربون من عدم توافر مدرسين لبعض المواد مثل التشريح والأدوية، وعدم توافر المعيدين والمشرفين في أقسام المستشفيات، وإغلاق بعض أقسام المستشفيات الحكومية أبوابها أمام الطلاب ومنعهم من الدخول إليها وطردهم منها، مع عدم توافر قاعات دراسية في المستشفيات، وخلو قاعات الكلية من أجهزة العرض والمعدات الأخرى إضافة إلى التزايد المستمر لعدد الطلاب المقبولين من دون توافر قاعات تستوعب هذه الزيادة. وكانت حادثة ما سمي ب "سفاح صنعاء" وهو طبيب تشريح سوداني أدين عام 2000 باغتصاب طالبتين في كلية الطب وقتلهما، أفضت إلى خفض عدد ساعات الدروس التطبيقية. بيد أن مصادر أكاديمية أكدت أن وضع التردي الذي عليه كليات الطب هو جزء من تدهور عام تعانيه العملية التعليمية في البلد. واشتكى خريجون من تأخر إعلان نتائج امتحاناتهم ما يؤثر سلباً أيضاً على بدء السنة التطبيقية. وقال غفران القدسي المتخرج حديثاً من كلية الطب في جامعة صنعاء إن نتائج دفعته تأخرت نحو 3 اشهر الأمر الذي وضع المتخرجين في فراغ كبير. وذكر القدسي أن الخريج يمضي سنة كاملة يطبق في المستشفيات الحكومية من دون أجر وهو غير موجود في أي بلد آخر علماً أن ثمة طلاباً يجدون عملاً في مستشفيات خاصة وإن كانوا لم يتخرجوا بعد وبعضهم لم يتجاوز المستوى الخامس. وبات تخلف التعليم الجامعي وتقليديته واحدة من المشاكل التي تعوق تنمية البلد. وتشير تقارير دولية إلى عدم مواكبة التعليم الجامعي لسوق العمل. وخلال السنوات الأخيرة شرعت بعض الكليات مثل الهندسة، إلى إقامة ندوات وورش عمل بالتنسيق مع شركات القطاع الخاص والمنظمات المعنية بهدف إيجاد برامج مشتركة تتيح للطلاب فرصة التدرب في شركات القطاع الخاص. وتقول السلطات ان شح الموارد المالية هو سبب القصور في توفير مختبرات ومتخصصين في المواد التطبيقية خصوصاً بعدما رفعت دول عربية مثل الكويت يدها عن دعم التعليم في اليمن.