صعّد البيت الابيض لهجته من سورية داعياً الى «وقف فوري للوحشية والعنف» وحذر من ان الرئيس بشار الاسد يقود شعبه الى «طريق خطير» داعياً الشعب السوري الى المحافظة «على وحدته والعمل على تفادي النزاع المذهبي»، الأمر الذي يعكس قلقاً أميركياً من اندلاع حرب أهلية في سورية ويظهر محدودية الخيارات المتاحة لواشنطن. وأصدر الناطق باسم البيت الأبيض جيمس كارني بياناً ليل الجمعة – السبت جدد فيه «الإدانة الأميركية الشديدة لاستخدام الحكومة السورية العنف في البلاد وخصوصاً في المنطقة الشمالية الغربية». وأضاف: «يجب ان يكون هناك وقف فوري للوحشية والعنف». وشدد البيت الابيض على ان «الحكومة السورية تقود البلاد على طريق خطر»، لافتاً الى ان «قوات الامن السورية تواصل اطلاق النار على المتظاهرين ومهاجمتهم واعتقالهم، وما زال هناك معتقلون سياسيون في السجون». ويتضمن البيان اشارة واضحة من واشنطن الى ان صبرها بدأ ينفد في شأن سورية بعدما دعا كبار مسؤوليها مراراً الاسد الى البدء بإصلاحات او الابتعاد، من دون ان تصل الى حد المطالبة بتنحيه عن السلطة. وقال كارني «كنا دعونا الحكومة السورية في وقت سابق هذا الاسبوع الى اظهار اقصى درجات ضبط النفس وليس الى الرد على الخسائر التي قيل انها لحقت بصفوفها بالتسبب بسقوط مزيد من الضحايا المدنيين». وأضاف ان «الحكومة السورية تقود سورية الى طريق خطير». واكد انه «لهذا السبب من الضروري ان يبقى السوريون موحدين، وان يعملوا لمنع نزاع مذهبي والسعي وراء طموحاتهم في شكل سلمي». وختم البيان بأن «هذا النوع من العنف المروع هو الذي يدفع الولاياتالمتحدة الى دعم صدور قرار عن مجلس الامن يدين اعمال الحكومة السورية ويدعو الى وقف فوري لاعمال العنف وانتهاكات حقوق الانسان الاساسية». ويعكس البيان والأجواء في العاصمة الأميركية قلقاً لدى الإدارة من أن استمرار العنف في هذا الشكل قد يجر سورية إلى حرب أهلية و «نزاع مذهبي»، كما أورد البيت الأبيض للمرة الأولى منذ اندلاع الاحتجاجات. وتعزز مصادر هذا القلق القراءة الأميركية للوضع في سورية، وإدراك واشنطن بعدم امتلاك المعارضة السورية القدرة الكافية اليوم تنظيمياً وسياسياً لتغيير النظام، وفي المقابل عدم وجود خيارات دولية كافية بالإجماع لتغيير المعادلة. ومن هنا تراهن واشنطن على تكثيف الجهود الديبلوماسية والعقوبات الفردية على الحكومة والقيادة السورية، لتسهيل المرحلة الانتقالية. وتتخوف الإدارة من أن إصرار الحكومة على توظيف جميع وسائل العنف سيخرج الأمور عن السيطرة، وخصوصاً بسبب الرقعة الواسعة للتظاهرات. كما تنقل مصادر موثوقة ل «الحياة» استغراب الأميركيين من تقليل الجانب السوري الرسمي من أهمية ما يجري، وعدم إدراك الحكومة السورية لحجم وفداحة الموقف. وكان الناطق باسم الخارجية مارك تونر أعلن أن الولاياتالمتحدة تريد «زيادة الضغوط» على الرئيس السوري لدفعه إلى وقف أعمال العنف. وأضاف تونر انه وبمعزل عن الجهود المبذولة في الأممالمتحدة والعقوبات التي فرضتها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي على نظام الأسد فان واشنطن «ستبحث في إمكانات أخرى» مشيراً الى «خيارات أخرى على الطاولة» لزيادة الضغط على النظام السوري. ولاحقاً ورداً على سؤال عما إذا كانت «كل الخيارات على الطاولة»، وهي عبارة تعني باللغة الديبلوماسية إمكان اللجوء إلى الخيار العسكري ضد الأسد، أجاب مسؤول أميركي طالباً عدم الكشف عن هويته «هناك الكثير من الخيارات على الطاولة». من جهة أخرى أشار تونر إلى أن الإدارة الأميركية تجري «اتصالات» مع المعارضة السورية في دمشق. وقال «لا أريد إعطاء الكثير من التفاصيل لان هؤلاء الأشخاص يواجهون حتماً خطراً هائلاً، ولكن السفارة لديها اتصالات مع أشخاص في المعارضة ومن المجتمع المدني»، مشيراً إلى أن واشنطن «تحاول تكوين فكرة عن المعارضة». وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون اعرب الجمعة عن «قلقه الشديد» من استمرار اعمال العنف في سورية، مؤكداً ان استخدام السلطات السورية القوة العسكرية ضد المدنيين امر «غير مقبول» وان «من واجبها» حماية شعبها، داعياً السلطات السورية الى البدء ب «اصلاحات حقيقية».