أ ف ب، رويترز - بعد 5 أيام من مجزرة الحولة في وسط سورية جددت الدول ال15 الأعضاء في مجلس الأمن دعمها لخطة المبعوث الدولي كوفي أنان لإحلال السلام في هذا البلد، غير أنها ما زالت منقسمة حول سبل زيادة الضغوط على دمشق لحضها على تنفيذ هذه الخطة. وأكدت فرنسا سعيها لحل الأزمة السورية في إطار الأممالمتحدة، في رد على إعلان الولاياتالمتحدة إمكان البحث في إجراءات خارج مجلس الأمن. وفيما نوّهت ألمانيا بتعاون روسيا «بطريقة بناءة» في مجلس الأمن، انتقدت الولاياتالمتحدة أداء روسيا تجاه سورية محذرة من أنه يمكن أن يساهم في اندلاع حرب أهلية، فيما أكدت موسكو أن موقفها لن يتغير تحت الضغط. وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أمس تعليقاً على ما ذكرته السفيرة الأميركية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس الأربعاء من أن الأمر قد ينتهي بالدول الأعضاء في مجلس الأمن بالتصرف كل على حدة ما لم يتحرك المجلس سريعاً لاتخاذ إجراء لإنهاء الأزمة ذكرت وزارة الخارجية الفرنسية أمس إن باريس ترغب في بحث كل الخيارات لحل الأزمة السورية لكن في إطار مجلس الأمن، واعتبرت أن خطة السلام التي طرحها المبعوث الدولي كوفي أنان تمثل الفرصة الأخيرة. وذكرت الوزارة في بيان أن «فرنسا تدعم خطة مبعوث الأممالمتحدة الخاص والجامعة العربية من دون أن تستبعد أي خيار لإنهاء الأزمة في إطار مجلس الأمن». إلى ذلك، ذكرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الخميس أن روسيا تعاونت «بطريقة بناءة» حول سورية في مجلس الأمن، وذلك عشية لقاء مع فلاديمير بوتين في برلين. وصرحت ميركل في مؤتمر صحافي في شترالسوند شمال برلين في اختتام قمة رؤساء حكومات الدول الإحدى عشرة لبحر البلطيق «أريد أن أشير إلى أن روسيا عملت بطريقة بناءة» حول الأزمة السورية في مجلس الأمن. وأضافت: «كانت هناك دائماً لحظات كنا نريد أن نفعل فيها المزيد، لكني أعتقد أن لدينا عدداً من القواسم المشتركة، مثل الدفاع عن حقوق الإنسان». وتابعت: «سأتحدث بالطبع مع فلاديمير بوتين (الجمعة) بخصوص سورية، لكن ليس من المستحسن التكلم حول الموضوع قبل حديثنا»، معتبرة أن «ما يحدث في سورية كارثة، وسنبذل قصارى جهدنا لتخفيف معاناة الناس». ويتوقع أن تلتقي المستشارة الألمانية الرئيس الروسي ظهر الجمعة في برلين، في أول زيارة له إلى ألمانيا منذ عودته إلى الكرملين. وسيعقدان مؤتمراً صحافياً مشتركاً بعد انتهاء المحادثات بينهما. كلينتون تحذر من حرب أهلية وفي غضون ذلك، انتقدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون معارضة روسيا لتحرك في الأممالمتحدة حول سورية محذرة من أن السياسة الروسية يمكن أن تساهم في اندلاع حرب أهلية. وقالت كلينتون أمام جمهور غالبيته من الطلاب في كوبنهاغن إن الروس «يقولون لي أنهم لا يريدون حرباً أهلية وقلت لهم باستمرار إن سياستهم ستساهم في اندلاع حرب أهلية». وحذرت من ان اعمال العنف في سورية يمكن ان تؤدي الى حرب اهلية او ان تتحول الى حرب بالوكالة. وقالت انها تحدثت الاربعاء مع كوفي انان الذي يحاول توسيع نطاق مهمته ليتمكن من التعامل بفاعلية اكبر مع نظام الاسد. واضافت: «يجب ان نقنع الروس، لان المخاطر التي نواجهها فظيعة». وتزور كلينتون الدنمارك في اول محطة ضمن جولة اسكندينافية. وعرضت وزيرة الخارجية الأميركية أسباب رفض التدخل العسكري في سورية رغم المذبحة التي وقعت يوم الجمعة في بلدة الحولة، وأبرزها إن المجتمع السوري أكثر تنوعاً، وبه انقسامات عرقية أكبر، ولا توجد معارضة موحدة، كما أن الدفاعات الجوية السورية أقوى وقدرات جيشها تفوق كثيراً قدرات جيش العقيد الراحل معمر القذافي. واضافت إن الكثافة السكانية في سورية تزيد احتمالات وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين في أي عمل مسلح. وأكدت كلينتون أنه علاوة على ذلك لا يوجد تأييد دولي بسبب معارضة روسيا والصين في مجلس الامن حيث استخدمت موسكووبكين حق النقض (الفيتو) مرتين لمنع صدور قرار ضد سورية. واضافت «أن القتل المستمر للأبرياء من جانب كل من الجيش والميليشيات الموالية للحكومة وبشكل متزايد من قبل المعارضة (...) يمكن ان يتحول حرباً اهلية تمزقها الانقسامات المذهبية التي قد تأخذ شكل حرب بالوكالة في المنطقة». وقالت: «لنتذكر ان ايران موجودة بعمق في سورية، وجيشها يقوم بتدريب الجيش السوري. فيلق القدس الذي هو احد فروع الجيش، يساعدهم في تشكيل هذه الميليشيات المذهبية». واضافت: «نعلم ان الامر يمكن ان يصبح أسوأ بكثير مما هو عليه الآن». وقالت في وقت لاحق في مؤتمر صحافي مع نظيرها الدنماركي إنها ستسعى لتغيير موقف روسيا. واضافت: «أعتقد أنهم (الروس) في الحقيقة يدعمون النظام في وقت ينبغي أن نعمل فيه بشأن عملية انتقال سياسي». ولفتت الى ان «المخاطر التي نواجهها رهيبة»، وحذرت من أن العنف بين القوات الحكومية والميليشيات التي تؤيد الأسد من جهة، وبين قوات المعارضة من جهة أخرى سيتحول إلى ما هو أسوأ بكثير. وكان المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني اعتبر أن الدول التي لا تزال تدعم نظام الرئيس السوري تقف في «الجانب الخطأ من التاريخ»، مجدداً إبداء «خيبته» إزاء موقف موسكووبكين من هذا الملف. وقال «أبدينا بوضوح خيبتنا إزاء الفيتو الذي فرضته روسيا والصين على قرار (مجلس الأمن) في شأن سورية، والذي يطالب الأسد بإنهاء حملته الوحشية ضد شعبه». وأكد كارني في معرض حديثه عن المشاورات بين واشنطنوموسكو في شأن سورية أن الولاياتالمتحدة أعربت «خلال هذه المحادثات عن رأيها القائل بأن دعم نظام الأسد هو بمثابة الوقوف في الجانب الخطأ من التاريخ». وفي إشارة إلى مجزرة الحولة التي حمل مجلس الأمن النظام السوري المسؤولية في ارتكابها والتي راح ضحيتها 108 قتلى على الأقل بينهم 49 طفلاً، اعتبر كارني أن الرئيس «الأسد سيبقى إلى الأبد في الذاكرة لما ارتكبه نهاية الأسبوع الماضي ولما فعله خلال الأشهر ال15 الماضية». وأضاف أن الأسد «ضيع فرصة لقيادة عملية انتقالية سياسية كانت لتحسن وضع سورية في المجتمع الدولي، والأهم أيضاً، كانت لتحسن حياة هؤلاء المواطنين. وهذا لن يتغير». موسكو لن تغير موقفها تحت الضغط وفي موسكو، أعلن ديمتري بيسكوف الناطق باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس أن الموقف الروسي حول سورية «متوازن وثابت ومنطقي تماماً» وأن «هذا الموقف سيتغير تحت ضغط أي كان، ليس صحيحاً». وأضاف أن «موقف روسيا لا يستند إلى انفعالات غير مناسبة في وضع بمثل هذا التعقيد». ودعا السفير الروسي لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيجوف الخميس القادة الغربيين إلى إبداء ضبط النفس. وقال في تصريح بالدائرة التلفزيونية المغلقة من بروكسيل «آمل في أن يبدي القادة الأوروبيون ودول أخرى ضبط نفس وقدرة على تقييم الوضع بوضوح بهدف تجنب طريق التصعيد الخطر أو التدخل العسكري». واعتبرت موسكو الأربعاء أن أي تحرك في مجلس الأمن ضد سورية سيكون «سابقاً لأوانه». ونددت بخطوة طرد سفراء سوريين من بعض الدول معتبرة أنها «تأتى بنتائج عكسية». إلى ذلك، حضت الصين العالم على إعطاء خطة كوفي أنان فسحة من الوقت حتى تنجح، ولفتت إلى عدم وجود حلول فورية لأزمة معقدة بهذا الشكل. وقال ليو وي مين المتحدث باسم الخارجية الصينية في بيان أمس: «تعتقد الصين أن الموقف في سورية الآن هو بالقطع معقد وخطير للغاية. لكن في الوقت نفسه نعتقد أن جهود الوساطة التي يقوم بها أنان فعالة وعلينا أن نثق فيه أكثر ونعطيه المزيد من الدعم». واستطرد: «إنها مشكلة تتخمر منذ بعض الوقت وحسمها يحتاج إلى بعض الوقت. لا أتصور أن تنطلق جهود أنان بلا عوائق إذ ستكون هناك انتكاسات وتعقيدات». وعبرت الصين مراراً عن مخاوفها من أن يؤدي أي تدخل دولي أكثر قوة في سورية إلى تصعيد العنف أو يفتح الطريق أمام جهود يقودها الغرب لتغيير النظام.