استأنفت المحكمة الفيديرالية في فلوريدا الأميركية جلساتها أمس، في قضية قتل الشاب نيكولا كروز البالغ 19 سنة 14 تلميذاً و3 معلمين بالرصاص داخل مدرسة باركلاند في 14 الشهر الجاري، والتي جددت الجدل في شأن فاعلية القوانين الأميركية لحيازة السلاح. ومن المقرر أن يعود التلاميذ إلى مدرسة باركلاند اليوم. وعرض الادعاء أدلة فحص عينات شعر المتهم وبصماته والحمض النووي الخاص به وصوراً له، ووثائق وفرتها السلطات، وذلك في غياب كروز الذي تنازل عن حقه في حضور جلسة الاستماع، علماً انه محتجز في سجن براوارد كونتي. أما الدفاع فاهتم بابعاد القاضية اليزابيت شيرر عن المحاكمة بحجة أنها «تميل إلى تأييد المدعين، ما يحرم كروز من حق نيل محاكمة عادلة». وعشية جلسة المحاكمة، وافقت لجنة في مجلس شيوخ ولاية فلوريدا على قانون لرفع سن الأشخاص الذين يسمح بشرائهم السلاح من 18 إلى 21 سنة، مع فرض مدة 3 أيام للموافقة على عملية البيع. وسمح القانون أيضاً بحمل المعلمين أسلحة في المدارس، وهو ما اقترحه الرئيس دونالد ترامب بعد الحادث، وربطه بموافقة إدارات المدارس على خضوع المعلمين لتدريب باشراف مسؤولي إنفاد القانون، ونيل إذن مكتب الشريف. وجادل محامون بادراج بند يطالب بمنع بيع أسلحة هجومية في القانون، وانضم اليهم تلميذان في مدرسة باركلاند يدعيان كاترين غيرا وبيلا اوربينا. وقالت اروبينا: «هذه الأسلحة قتلت أشخاصاً كثيرين، وهي معدات عسكرية لا يحتاج المدنيون إلى امتلاكها». أما غيرا فجادلت بأن «ممارسة رياضة الصيد لا تتطلب امتلاك اسلحة هجومية، وليست أهم من أرواح المدنيين». وعلى رغم أن أعضاء في اللجنة صفقوا لكلام الشابتين البالغتين 15 من العمر، لكن التصويت جاء لمصلحة رفض بند منع بيع أسلحة هجومية، وذلك بفارق صوت واحد (7 في مقابل 6 معارضين). وفيما صرح الرئيس ترامب، خلال لقائه 35 حاكم ولاية في البيت الأبيض ليل الاثنين، بأنه كان سيسارع حتى من دون امتلاك سلاح لصد المهاجم الذي استهدف المدرسة، واصفاً الشرطي سكوت باترسون الذي لم يتدخل في مواجهة المهاجم بأنه «جبان وتصرف في شكل مقرف»، افاد محامي سكوت بأن موكله «لم يتدخل لأنه اعتقد بأن غطلاق النار يحصل في الخارج، وهو مستاء جداً من عدم قدرته على التدخل». ومع استئناف النواب الأميركيين جلساتهم بعد أسبوع عطلة ووسط ضغوط متزايدة من أجل التصدي للعنف المسلح، شدد ترامب على ضرورة أن «يقاوموا الجمعية الوطنية للبنادق احياناً، وليس التصرف من منطلق الخوف منها». ومنذ هجوم 14 شباط (فبراير)، دعا ترامب إلى إصلاحات تتضمن تشديد التحريات على عمليات شراء الأسلحة. لكن لا يزال على البيت الأبيض أن يعلن دعمه لقوانين محددة في الكونغرس حيث يواجه فرض قيود فيديرالية على حمل السلاح عقبات رئيسية، خصوصاً في عام سيشهد تنظيم الانتخابات النصفية للكونغرس. وكان ترامب تناول الغداء الأحد مع رئيس الجمعية الوطنية للبنادق واين لابيير، وأبلغه ضرورة إحداث تغييرات في ما يتعلق بحيازة الأسلحة. وهو قال لحكام الولايات ليل الإثنين: «سنجري تحريات مشددة جداً. لا اريد أن يحمل شخص مضطرب مسدساً». ويطالب معظم الديموقراطيين بأن تؤتى جهود السيطرة على حمل الأسلحة ثمارها في الكونغرس، في وقت أظهر استطلاع جديد للرأي أجرته محطة «سي إن ان» الإخبارية أن 70 في المئة من الأميركيين يؤيدون تشديد قوانين حيازة الأسلحة، بزيادة 18 نقطة عن تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. لكن ليسة واضحة طبيعة الاجراءات التي قد يمررها الكونغرس وسط خلافات حزبية، وتجنب نواب جمهوريين بارزين التصريح في شأن المسألة. ويسعى السناتور الجمهوري بات تومي والديموقراطي الوسطي جو مانشين إلى إعادة إحياء مشروع قانون قدماه عام 2013 من اجل توسيع التحريات لتشمل التدقيق في عمليات شراء الأسلحة التي تتم عبر الانترنت وخلال المعارض. وقال مانشين لصحافيين: «يجب أن يدعم ترامب الخطوة من أجل تمرير مشروع القانون في مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الجمهوريون». وأبدى جمهوريون من الضواحي، حيث تلقى الدعوات لتشديد الرقابة على امتلاك الأسلحة رواجاً، انفتاحهم على اقتراح رفع العمر القانوني لشراء البنادق نصف الآلية من 18 إلى 21، أو حظر اجهزة تحوّل هذا النوع من الأسلحة إلى رشاشات. كما أكدت السناتورة سوزان كولينز، وهي جمهورية معتدلة، أنها تدعم توسيع التحريات والنظر في مسألة الوضع النفسي والعقلي لمشتري الأسلحة. لكن محافظين كثيرين يرون أن «تضييق قوانين السلاح يعتدي على حق المواطنين الدستوري في امتلاك أسلحة». وقال السناتور عن لويزيانا جون كينيدي «لا نحتاج إلى مزيد من القيود على امتلاك أسلحة، بل إلى مزيد من السيطرة على الحمقى». ويدعو بعض الجمهوريين إلى اقرار قانون يجبر الوكالات على تزويد «النظام الوطني الفوري لفحص السجل الجنائي» بالمعلومات. اما زعيم المعارضة الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر فقال: «يجب تنفيذ أكثر من توسيع التحريات عبر تحرير الجمهوريين من القبضة الحديد للجمعية الوطنية للبنادق». القضاء ضد ترامب على صعيد آخر، وجهت المحكمة العليا الأميركية صفعة للرئيس ترامب، بعدما طالبت إدارته بمواصلة توفير حماية من الترحيل يريد رفعها عن مئات الآلاف من المهاجرين الأميركيين اللاتينيين الذين دخلوا الولاياتالمتحدة في شكل غير قانوني، وهم أطفال. ورفضت المحكمة نظر طعن الإدارة بأمر أصدره القاضي الفيديرالي في سان فرانسيسكو، وليام ألسوب، في 9 كانون الثاني (يناير)، وينص على وقف قرار ترامب المقرر تنفيذه بدءاً من آذار (مارس) المقبل لإنهاء برنامج «داكا» الخاص بالمهاجرين «الحالمين»، والذي كانت اقرّته اداره سلفه الديموقراطي باراك أوباما عام 2012. وتجادل إدارة ترامب بأن أوباما «تجاوز صلاحياته الدستورية بإنشاء البرنامج بلا نيل موافقة الكونغرس».