لم يعد التعبير عن الحزن يقتصر على التوشح بالأسود أو الانزواء أو الدخول في مرحلة اكتئاب، مهما كان سبب الحزن. وفي ظل التغيّرات التي تشهدها مجتمعاتنا العربية من كسر للتابوات والتخلي عن كل ما هو غير مفيد من عادات وتقاليد، وجد البعض طريقة جديدة للتعبير عن مشاعرهم تجاه أقارب أو أصدقاء أو أحباء أصابهم الحزن، من خلال إهدائهم دمية سوداء (دب) من باب الدعابة. واعتبر البعض أن هذه الهدية هي الاختيار الأمثل للمطلقات وغير المتزوجين والأرامل، في محاولة لإخراجهم من عالمهم المغلف بالحزن. تقول آية منصور (26 سنة) وهي مطلقة: «تزوجت قبل 6 سنوات وانفصلت بعد سنتَي زواج على رغم قصة حب جمعتنا، إلا أن طباع زوجي تغيرت كثيراً بعد السنة الأولى، إلى درجة أن الانفصال كان ضرورة». وتضيف: «أفرح جداً عند تبادل هدايا الدمى السوداء مع صديقاتي المطلقات والأرامل، لأنها لا تدل على التعاسة أو الحزن كما يظن البعض، ولكنها رمز لكسر المألوف أو المعتاد». ويقول رجب هلال صاحب أحد المحلات المتخصصة في بيع الهدايا: «الإقبال على شراء الدمية السوداء يزداد في شكل ملحوظ، خصوصاً من الفئة العمرية ما بين 25 و35 سنة، ففي هذه الفترة تزداد حالات الانفصال ويلاحظ أن معظم المقبلين على شراء هذه الدمية من الفتيات لأنهن أكثر تأثراً بالمشكلات العاطفية مقارنة بالذكور». ويوضح أن الأحجام المتداولة للدمى متوسطة الحجم وكلها متّشحة بالسواد، «ولكن أحياناً يكسر سوادها اللون الأبيض في مساحة صغيرة من منطقة الصدر». وحول تفسير هذه الظاهرة في المجتمعات العربية، تقول أستاذة علم النفس الاجتماعي ابتهال محمد: «كل ظاهرة مجتمعية يتبعها تفسير أو تعليل نفسي، وتعد هذه الظاهرة صحية لأن الإنسان الذي يصل إلى درجة في التعبير عن مشاعره وإن كانت سلبية فهذا يعد أمراً صحياً». وتضيف: «اختيار هذه الفئة للدمية السوداء كرمز للهدايا يوضح أن هناك تفاعلاً مع الحياة، على رغم أن اللون يعبر عن الحزن».