في اللغة العربية يطلقون عليها مسمى «الهرة»، وتشتهر في دول الخليج باسم «القطو»، في حين تلقبها بعض الدول المجاورة بمسميات أخرى، أشهرها «البسينة، والبسة، والسنور، ولضيون» وفي السودان يطلقون عليها كديسة، وغيرها من الألقاب، فاختلفت المسميات لكن المسمى واحد. ويبدو أن محبي هذا النوع من الحيوانات على قدر كبير من الشغف بتربيته، وقد لا تبدو أسباب تضحية أصحابها بها وبيعها واضحة، أو بالأخص لمن يبيعها بتسويق مغر. في السوق المفتوحة يمكنك متابعة كيف تجري تجارة القطط في السعودية، عمليات البيع والشراء، ارتفاع الأسعار وانخفاضها، لا توجد منصة واضحة لتقدير القيمة أو النوع، كل شيء يجري باجتهاد شخصي، لكنك من خلال الأسواق الإلكترونية ستعرف أن الحد الأدنى لسعرها هو200 ريال، فيما يتجاوز الحد الأقصى لسعرها أعلى من هذا المبلغ بكثير . في المجتمع السعودي غالباً ما يتم التعامل مع «اقتناء القطط» بوصفه هواية، أو تجارة في النادر، لكن أسعارها ومضمون الربح فيها ليس ثابتاً، فالنوع والشكل له علاقة كبيرة بسعر القطة التي تبدو بالنسبة إلى محبيها كل شيء. ومن عجائب القطط أنها، على رغم إلفها لأصحابها، تضطر أحياناً إلى الهرب بلا عودة، لأسباب يصعب تفسيرها، لكنها في كل الأحوال تصنف ضمن أكثر الحيوانات المحبّبة إلى الإنسان، إذ نرى الإنسان يميل دوماً إلى تربيتها والعناية بها، فهي تمتاز بنظافتها وطاعتها للإنسان، حين يربّيها على ذلك. تأكل القطط وتشرب كل شيء، ولكنها لا تقترب من العظام أبداً، فهي تأكل ما يقدّم لها وما اعتادت عليه، في حين يراوح عمرها ما بين 12 و 14 عاماً، وقد يصل إلى 20 عاماً. تعتبر القطط من الحيوانات المدلّلة قليلة الحركة، فيجب على من يقوم بتربيتها العناية بها جيّداً، وتوفير كلّ حاجاتها من ماء وطعام ومكان آمن للنّوم والرّاحة، وتنظيفها دورياً. تقوم القطط كثيراً باصطياد الفئران والحمام والعصافير، فهي مع أنها أليفة فإنّها صيّادة. وتكوين القطط في الغالب متشابه، فهي تملك مخالباً وأسناناً حادّة، وعيناها برّاقتان، وتلد الأنثى في العام الواحد ثلاث إلى أربع مرّات، وتبلغ فترة الحضانة لها ثمانية أسابيع، تقوم فيها الأم بملازمة صغارها، إذ تضع نحو ستة صغار في كل ولادة. لكن ما سبق ليس كل شيء عن القطط، فمقابل مميزاتها يقول الخبراء هناك عيوب وأخطار جراء تربيتها، أهمها الأمراض التى تنتقل منها إلى الإنسان، مثل التهاب ملتحمة العين، ويكون على هيئة احمرار العين، مع إفرازات صديدية، وعلاجه مثل الإنسان بالقطرات والمراهم، والوقاية تتمثل بغسل الأيدي جيداً بعد ملامسة القطة عند إصابتها بالمرض، وعدم السماح لها بالتنقل في المنزل والصعود إلى فرش البشر وأماكن جلوسهم، أثناء إصابتها بالمرض. تصاب القطط كذلك بالفايروسات، مثل السعار، وهو مرض قاتل في معظم الأحوال لكل من يصاب به من إنسان أو حيوان. والنجاة منه أمر نادر جداً، ويصاب الحيوان بالمرض نتيجة تعرضه للعض أو الخدش من حيوان آخر مصاب، فيصاب الإنسان به عندما يتعرض أيضا للعض أو الخدش من الحيوان المصاب، أو عند تلوث جروح الإنسان بلعاب الحيوان المصاب بالمرض. وبعد انتقال العدوى يصل الفايروس إلى الجهاز العصبي ويؤثر فيه بشدة، فتحدث التشنجات الشديدة وتغير الشخصية وأعراض أخرى كثيرة تنتهي بالوفاة غالباً. والقطط أقل بكثير من الكلاب في نقلها العدوى، لأنها غالباً تكون ساكنة إذا أصيبت بالمرض، ولا تصاب بحال التهيج والعض التي تصيب الكلاب، والتطعيم متوافر لكل من الإنسان والقطط. ومن فوائد القطط مساعدة مرضى التوحد الذي يتسبب في صعوبة التفاعل والتواصل الاجتماعي، ويساعد اقتناء القطط فعلياً في علاج هكذا حالات، بحسب مزاعم بعض المجربين. ومع أن القطط تبدو لغير الاختصاصيين فصيلاً واحداً فإنها في الواقع أنواع كثيرة وشعوب وقبائل، لكل منها خصائصه وأوصافه وعاداته، فهناك القط الفارسي، والحبشي، والمانكس، والسيامي، والهيملايا، والأبيس، والريفي، والأكزوتيك، والأنجورا، والنروجي، وماين كون، والياباني، وغيرها. سعودية تجعل بيتها «ملجأ» للحيوانات الضالة! وكانت شابة سعودية حولت منزلها إلى مأوى للحيوانات الضالة، في فكرة أخذت حيزها تدريجياً، حتى تبلورت إلى ملجأ للحيوانات، في مدينة الرياض. وعلى رغم أن المبادرة نشأت من خلالها، فإنها كما تقول بالمثل: «يدٍ واحده ما تصفق»، وعلى رغم ما قد تفتحه لها المبادرة من أبواب الشهرة، ولربما المال، فإن مؤسسة ملجأ الرياض للحيوانات اعتبرت نفسها ليست بطلة منفردة، فالفضل الأكبر للمتطوعين، الذين منحوا معها الحيوانات أوقاتهم. سارة الفهاد، التي بدأ مشروعها متأثراً بنشأتها وطفولتها، تقول: «ببساطة الطفلة الصغيرة، كنت أجمع الحيوانات الضالة في منزلنا، أداويها، وأؤويها بطرق تتناسب مع عمري الصغير آنذاك، وحين نضجت، تأسست لدينا جماعة تطوعية، فكان مقر مأوى الحيوانات في منزلنا. في عام 2014 فتتحنا الملجأ، وبدأنا نستقبل المتبنين بعد العلاج وإعادة التأهيل. مع الوقت تأسس فريق تطوعي، رأيت كيف يقتنص من وقته لأجل خدمة الحيوان، هؤلاء لهم أهدافهم ومشاغلهم في الحياة، لكنهم يولون الحيوانات جانباً كبيراً من الاهتمام. لمست حينها كيف يكون للعمل الجماعي ذوق وطعم لا يوصف، لك أن تتخيلي لو كنت بمفردي، سيكون فرق كبير بين ذلك وبين أسرة المتطوعين الموجودة الآن. هذا الجانب الإنساني له مكانة رفيعة في حياة أولئك الأشخاص الذي تراوح أعمارهم بين 13 و40 عاماً». وأضافت: «فعلنا ذلك لأنه لا يوجد من يؤوي تلك الحيوانات، ولكثرة المفاهيم المغلوطة، التي تدعو بعضهم إلى إيذائها بلا سبب، وهي من وجهة نظرنا في حاجة إلى الرعاية أكثر من غيرها من الأرواح، كثير من الناس يسألوننا عن سبب هذا الاهتمام، فكان الجواب أن البشر قادرون على التعبير، في حين لا يستطيع الحيوان التعبير عن آلامه، ومع التغيرات التي حدثت أخيراً، نأمل برفع الوعي بأهميتها». أما المجموعة التطوعية، فقالت: «إن هدفها نشر مفهوم الرفق والرحمة بالحيوانات الأليفة وتوعية المجتمع بنوعية تربيتها، ولدينا مبادرات اجتماعية، أهمها حملة إطعام القطط المشردة، وتوعية طلاب وطالبات المدارس في شأنها، وكذلك حملة إطعام الطيور، ونحن الآن بصدد التوسع في المكان والأفكار». مدير الملجأ محمد القحطاني، روى الجانب الآخر من قصة الفهاد، إذ أفاد بأن مؤسسة الملجأ فقدت حيواناً كانت تربيه، فآلمها رحيله، فقررت تأسيس ملجأ للحيوانات في منزلها». دعوة إلى كيان سعودي بمواصفات شبيهة ب«سفاري» تحت إمضاء شخصي جماعي، وفي بادرة قد لا تكون الأولى في السعودية، لكنها أحد أهمها في الوقت الحالي، يسعى مجموعة من السعوديين إلى تبني فكرة تعزيز مفاهيم الرفق بالحيوان، وقال عضوها المؤسس صالح البليهي إنه وزملاءه يحلمون بفضائية تلفزيونية، ومستشفى بيطري عالمي المستوى يتضمن كوادر عالية المستوى، كما نشاهد في قناة «أنيملز بلنت»، فنحن أولى برعاية الحيوان والرفق به من غيرنا. ولم يتحصل الطامحون إلى تنفيذ فكرتهم على ترخيص رسمي بعد، ويقول البليهي، إنه يفضل أن تتخذ مسار «إطالة فترة التأسيس، والهدف من ذلك بناء قاعدة متينة تليق بتوجه السعوديين، بوصفهم مسلمين، لتتناسب مع حجم المشكلة، لكننا لا نطمح إلى الفانتازيا الإعلامية بقدر السعي نحو جمعية سعودية عالمية، إذ لم نسع حتى الآن بطلب ترخيص رسمي، لأننا نود تحقيق العدد المنافس والمحترف من الأعضاء، ووضع أسس متينة لقاعدة هذا المشروع الإنساني». ويبدو أن الأعضاء المؤسسين فاعلون في شكل جماعي لخدمة الحيوانات متى اقتضت الحاجة، ويتواصلون مع المهتمين في هذا الجانب، من خلال موقع التواصل الاجتماعي في شكل جاد، على أمل الوصول إلى صيغة تمكنهم من الانطلاق بحيثية مدروسة على أسس متينة. وفي خصوص العقبات التي واجهتهم، قال: «حتى الآن لم نواجه أية عقوبة بيروقراطية، في حين وجدنا الدعاء والتعاطف من كل الشرائح، إنما تأسيس جمعية للرفق بالحيوان ذات مستوى عالمي يحتاج إلى الصبر والإعداد الاحترافي». وتطرق إلى منحى الجمعية بعد التأسيس، مبيناً: «نأمل بدعم يتناسب وأهداف الجمعية، كالحصول على مقر رئيس بالرياض، ثم نتفرع لبقية المناطق، كذلك نسعى إلى تعاون يتضمن الكليات البيطرية، ونحن مستعدون لتوفير ما يلزم من إمكانات، وأملنا بجميع الأطراف، جهات وأفراداً». ويحكي البليهي ل«الحياة» قصة الجمعية، قائلاً: «بدايتها ملء فراغ، فالواقع يستوجب وجود جمعية للرفق بالحيوان، ولأننا في عصر السرعة، عصر التقنية، تصلنا بين الحين والآخر مقاطع مؤلمة تصور مجتمعنا في شكل سلبي، عدا عن كون الأمر مرفوض على الأوجه كافة ومحرم شرعاً، كما أن للجمعية أهدافاً إنسانية تتعلق بالرحمة والرفق لمخاطبة العالم من خلال قناة الجمعية، ومن ضمن التصور أيضاً أن تتوجه الجمعية نحو إنشاء حسابات في موقع يوتيوب يعرف بطبيعة عمل الجمعية». وأضاف «إذا سمح للجمعية الاستثمار فيمكن أن تكون لها حديقة بمستوى حديقة سفاري في أفريقيا، لتكون مصدر دخل ذاتي تصرف من خلاله على أعمالها، ثم يتحول نتاج العمل إلى مشروع استثماري على مراحل عدة، ومن أهم أهدافها نشر الوعي وتشجيع التبني، بعد تأهيل الحيوانات، بالشراكة مع جهات أخرى، كوزارة التعليم والجمعيات الخيرية، ضمن نشاط غير منهجي». وزاد: «نطمح إلى منح الجمعية متنزه سعد، ويقع على مسافة 100 كلم شرق مدينة الرياض، ليكون المقر الرئيس للجمعية، هذا من حيث الموقع والمساحة، ولدينا تصورات أخرى لتكوين مصدر دخل للجمعية، منها التبرعات والهبات السعودية فقط، وهي مقترحات في حال وافقت الجهات المسؤولة على الجمعية، وحينها ستضم الجمعية، في حال تأسيسها، محاسباً قانونياً معتمداً، بحسب النظام، ليتولى حسابات الجمعية، في شكل شفاف ومفتوح يعرض على الهواء من الموقع الخاص بالجمعية». وتضم الجمعية عدداً من المؤسسين، أبرزهم الكاتب خالد الوابل، وعبدالرحمن الحصان، وخالد المحيميد، والدكتور عبدالله الشاوي، والدكتور محمد القنيبط، وغيرهم من الأسماء. نقل القطة من الرياض إلى جدة ب900 ريال في صحيفة «الحيوان والإنسان»، علاقة ذات نفس خاص، حين يقع ما يشبة الحب بينهما. لدى سؤال أحدهم: ماذا تستفيد من علاقة مع حيوان واحد من بين عشرات الأشخاص؟ يجيبك من غير تردد قائلاً: «الحب» قبل أن يفسر بأن ذلك الحيوان «تجده يستقبلك حال عودتك إلى البيت. لا ينتظر ماذا تحمل يداك معه. إن عدت ومعك طعام سيأكل معك، وإن لم يكن لديك شيء سيكتفي بالجلوس إلى جانبك». قد يكون هذا السر هو الذي دفع العامل الباكستاني عامر إلى إطلاق مشروعه، الذي كان في البداية «لمساعدة الآخرين في عمل لا يخلو من البركة، لمساعدة حيوانات الشوارع، أنقلها من منزلٍ أو مدينة إلى أخرى، ويختلف سعر النقل، بحسب مسافة الكيلومترات، فعلى سبيل المثال أنقل الحيوانات من الرياض إلى جدة ب900 ريال، وإذا كان هناك أكثر من حيوان في الحافلة نفسها فسيتم تقسيم السعر على الحيوانات المنقولة». ويقول إن فتاة من المدينةالمنورة، مهتمة بالحيوانات ساعدته، من خلال تفعيل حساب في مواقع التواصل الاجتماعي، لتسهيل تواصل الآخرين معه، «وهكذا انطلقت الفكرة بعد بقائي من دون عمل فترة من الزمن، وما يشجع أكثر على هذا العمل ردود الفعل الإيجابية، إذ سمعت أن إحدى النساء كتبت في «إنستغرام»، بعد أن ساعدت قطتها، تدعو لي أن أدخل الجنة بلا حساب، فما أكبر تلك البركة!