أخيراً التقيت ب«أم محمد» مؤسسة «جمعية الرحمة التطوعية للرفق بالحيوان»، فكم كنت أرغب دوماً برؤية ذلك القلب، وتلك الأيدي التي طالما امتدت لتمسح على رؤوس كائناتٍ لم يلتفت إليها أحد سواها، كان ذلك اللقاء قبل أسبوعين وتحديداً في (يوم التبنّي) الذي تقيمه الجمعية بجهود تطوعية للمهتمين من المنطقة الشرقية، كانوا قد تجمعوا بروح الفريق وبمحبة وبابتساماتٍ صادقة حول أقفاصٍ وحيوانات نظيفة وسعيدة، يمهّدون ويحتفلون ويجيبون عن استفسارات الزوّار والراغبين باحتضان قط جديد وضمّه لعائلتهم وتخفيف عبء المسؤولية عن الجمعية التي تأسست عام 1430ه (mercy_paws@) خصيصاً لإنقاذ الحيوانات الأليفة المعنّفة والتي تعاني التشرّد والمرض، حيث تسعى الجمعية لتبنيها وعلاجها وتعقيمها والبحث لها عن مأوى يمكن أن تقضي فيه بقية حياتها، خاصة تلك القطط التي تم جلبها من خارج المملكة ومن أجواء وبيئة مختلفة وغريبة بهدف التجارة بها، ثم التخلي عنها بسبب المرض أو عدم الرغبة في دفع مزيد من النفقات. ولأن هذه الحيوانات لم تعتد العيش خارج عناية الانسان، فإنها لا تستطيع مواجهة العالم الخارجي وحدها أبداً، وربما تبقى أياماً فقط ثم تفارق الحياة، حيث إنها غير معتادة على البحث ولا الأكل من بقايا الطعام ولا حاويات القمامة، وأيضاً ليست معتادة على الصراع مع باقي الحيوانات من أجل البقاء، إضافة إلى الذعر أو الرعب الذي يسببه لها ضجيج الشوارع. استطاعت «جمعية الرحمة» وحتى هذه اللحظة انقاذ أكثر من 510 حيوانات بجهود فردية تحت رعاية السيدة الفاضلة «أم محمد» التي تؤوي وحدها أكثر من 300 قط في منزلها تتكفل بإطعامها وعلاجها على حساب صحتها ووقتها وعائلتها الكريمة التي ساندتها ووقفت بجانبها، وما زالت. كما تعمل من خلال الجمعية والمتطوعين معها الذين يؤمنون بروحها المحلقة في كسب الأجر على توعية المواطنين بالسيطرة على اعداد الحيوانات المتزايدة والضالة بطريقة إنسانية كالتعقيم بدلًا من قتلها أو تسميمها. لكن للأسف.. تتوقف الجمعية من حين لآخر عن استقبال الحيوانات بسبب الضغط الكبير عليها، ولهذا ومن مبدأ تفعيل العمل بقانون الرفق بالحيوان الذي صدر عن مجلس التعاون الخليجي في منتصف 1434ه، فإن الرحمة تأمل من المسؤولين الالتفات لجهودها ومنحها ملجأ للحيوانات ومساعدتها في تجهيزه، وذلك لتطبيق ما أكدت عليه وزراة الزراعة على المستوى القانوني والحقوقي بإيجاد وتأسيس مؤسسات مجتمع مدني مهتمة بترسيخ ثقافة الرفق بالحيوان. رغم أنه لا يمكن للعديد منا أن يستوعب الاحسان لكائن آخر غير الانسان على الأرض.. إلا أن جميع الكائنات الحيّة تستحق الحياة وتشعر بالتعذيب والألم بنفس الدرجة التي نشعر بها نحن إن كنا في مكانها، أتحدث طبعاً عن (الاحساس) وليس عن (العقل) الذي بسببه يتعيّن علينا أن نكون أكثر احتراماً وأخلاقاً تجاه من كرمنا الله عنهم، خاصة أن الخالق سبحانه وتعالى لم يخلق وجهاً واحداً للخير، بل إن للخير أوجها عديدة، فلكل انسان ما نوى، وما أحبّ، وآوى.. ورحم.