بادرت فتيات سعوديات إلى إطلاق جمعيات وحملات تطوعية للرفق بالحيوان، في الوقت الذي أنهت فيه وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية درس إنشاء أول جمعية أهلية سعودية للرفق بالحيوان، ورفعتها إلى جهات عليا، تمهيداً لاعتمادها بوصفها «أول جمعية» في البلاد. واختارت وزارة البيئة العاصمة الرياض مقراً لأول جمعية سعودية معنية بالرفق بالحيوان، وسيتم إنشاء فروع أخرى للجمعية مستقبلاً. وتهدف الجمعية إلى حماية الحيوانات من الأذى، وعدم الإضرار بها، ودعم المهتمين والناشطين في مجال الرفق بالحيوان بالمملكة، والسعي إلى التنسيق مع الجامعات السعودية لدعم كرسي أبحاث في مرحلة الدراسات العليا في مجال الرفق بالحيوان. ويأتي هذا في ظل تنامي ظاهرة تعذيب الحيوانات وتوثيقها ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تتكرَّر أخيراً بطريقة لافتة وصادمة للمجتمع، فمن قتل حصان، إلى حرق ثعلب، وصيد جائر لأعداد كبيرة من الضبان، ودهس كلب صغير، وقطع ذيل إحدى القطط بشكل مستفز. وتقذف عدسات الهواتف بشكل مستمر بهذه المشاهد، وتحتفظ مواقع التواصل بذاكرة مزدحمة وأرشيف واسع من تلك المناظر «المؤسفة» التي تثير استياء السعوديين. إلا أنه سرعان ما تهدأ الغضبة ويعود الأمر إلى طبيعته، حتى يستفزهم مقطع جديد يصور الإضرار بشكل بشع بحيوان بريء. ومنذ سنوات وبدافع الرأفة بالحيوان، بادرت فتيات سعوديات إلى منع الظواهر السلبية والقاسية في شوارع السعودية، عبر إنشاء جمعيات تطوعية للرفق بالحيوان، إضافة إلى عدد من المبادرات في التوعية المجتمعية، وأخرى تتكفل بإيواء ومعالجة الحيوانات المنبوذة والمعرضة للمخاطر. ففي الرياض افتتحت السعودية سارة الفهاد ملجأً لتبنّي الحيوانات والعناية بها، وضم أي حيوان من أي نوع كان. فيما تهتم بتربية الحيوانات، والرفق بها، واحتضان الحيوانات الضالة أو المتخلّى عنها. وتقوم الفهاد ومجموعة من المتطوعات والمتطوعين بالرفق بالحيوانات، والعناية بها في الملجأ، وترحب بأية راغب في تبني حيوان من الملجأ بعد إجراء مقابلة معه من موظف مختص، لمعرفة مدى جديته في الخطوة، وبعد دفع رسوم رمزية في مقابل هذه الخدمة، تشمل التطعيمات وغيرها. وافتتحت روان الدجاني من مدينة جدة صفحات إلكترونية على الإنترنت، بالتعاون مع متطوعات أخريات، لتقديم المشورة والنصح لكل من يحتاج إليها وإلى الراغبين في تبني الحيوانات أو العناية بها. وتشتكي الدجاني في حديثها إلى «الحياة»، من عدم وجود جمعية نظامية يمكن أن تساعد في المشروع، وتقدم الدعم لمثل هذه المبادرات، مؤكدةً أن عدداً من المهمتين بتربية الحيوانات والرفق بها يفتتحون صفحات على الإنترنت لجمع التبرعات وتوجيه الراغبين إلى مراكز العلاج، لدفع كلفة علاج الحيوانات المصابة، رأفة بها وعناية بظروفها. وفي جدة أيضاً، تعلمت سارة عبدالفتاح مع إخوتها مساعدة الحيوانات الأليفة من والديهما، اللذين كانا يساعدان الحيوانات الأليفة في الحي، ويجلبون الحيوانات المريضة إلى المنزل، مخصصين لها غرفة خاصة للعلاج. ويشاركهم طبيب بيطري بعد ما عرف أن مشروعهم «غير ربحي»، من خلال تقديم العلاج لحيواناتهم بأسعار رمزية. وأنشأت بشاير الصمدي مع إحدى صديقاتها جمعية تطوعية لرعاية وعلاج الحيوانات الأليفة، وخصصتا حساباً تطوعياً لعلاجها، وفي مرحلة لاحقة تبحثان عمّن يتبناها. وانضم لهما متطوعون آخرون، وخصصوا منزلاً للحيوانات الأليفة خصوصاً القطط، وتعالج الحيوانات المريضة في العيادات البيطرية، ومن ثم تبحث لها عن متبنٍ بعد اكتمال علاجها. وفي مدينة الجبيل (شرق السعودية)، بدأت جمعية حقوق الحيوان عملها بمبادرة من متطوعات سعوديات، أنشأن جمعية تطوعية خاصة للرفق بالحيوان، وبدأن حل مشكلات القطط. وتسعى كلٌّ من خولة عبدالرحمن الغامدي، وأمل أحمد يماني من خلال الجمعية إلى «إنقاذ القطط وتوفير منازل لتقديم الرعاية اللازمة لها». وتمكنتا من إنقاذ مجموعة من القطط. وبدأت حملة الجمعية للرفق بالحيوان منذ أربع سنوات من مدينة جدة، وتوسعت في نطاق المدينة، والآن لديها متطوعون في الرياض، والدمام، والجبيل، والطائف. وصادفت الحملة حالات كثيرة جداً لقطط تأذت من البشر وبعضها نفق، وقليل منها تمكن من العيش مع الإصابة. وبهذا الخصوص نظمت الجمعية حملات إطعام في مدينتي الخبر والدمام والواجهة البحرية، لبث ثقافة الرفق بالحيوان وتوعية الناس بأهميتها. يُذكر أن وزارة البيئة والمياه والزراعة أعلنت في 21 نيسان (أبريل) العام الماضي، نظام الرفق بالحيوان، كاشفةً عن اللائحة التنفيذية له. وذلك بعد مرور أقل من عام على صدور موافقة دول مجلس التعاون الخليجي على نظام الرفق بالحيوان الذي أقرّه مجلس الوزراء السعودي منتصف العام 1434ه. وتضمن النظام عقوبات مشددة على منتهكي حقوق الحيوان، تبدأ من غرامة 50 ألف ريال للمرة الأولى، وتصل إلى حدود 400 ألف ريال عند تكرار المخالفة. ويشمل نظام الرفق بالحيوان جميع أنواع الحيوانات، مثل: الطيور، والزواحف، والبرمائيات، والأسماك وغيرها، ويلزم ملاك الحيوانات والقائمين على رعايتها اتخاذ جميع الاحتياطات التي تضمن عدم الإضرار بها، أو إلحاق الأذى أو التسبب في ألمها أو معاناتها. ويحظر النظام استخدام الحيوانات لأغراض التجارب العلمية، إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهة المختصة، على أن يُنشأ سجل لدى الجهة المختصة لقيد التراخيص الصادرة باستخدام الحيوانات لأغراض التجارب العلمية. ويمنح النظام الحق للموظفين المخولين بدخول أي منشأة للتفتيش، والتأكد من تطبيق أحكامه ولائحته التنفيذية. وإذا كانت المنشأة عبارة عن منازل سكنية خاصة فيتعين الحصول على إذن مسبق من الجهة المعنية.