على رغم تعداد دراسة سعودية صدرت أخيراً بالإنجازات التي أحرزتها الأجهزة الأمنية في ضرباتها الاستباقية للتمويل الإلكتروني للإرهاب، إلا أن اللواء الدكتور نايف المرواني يقر في دراسته نفسها بوجود تحديات حقيقية تتصل بهذا الشأن. وفي بدايات الدراسة المذكورة تتعرض لمفهوم التحديات الأمنية، واصفة التمويل الإلكتروني بأنه يكتسب نعت «التحدي الأمني»، لأنه جريمة تعد من إحدى تحديات القرن ال21، وأن التحدي الماثل للعيان في هذا الشأن في اتجاهين: الأول يختص بمواجهة الإرهاب من الناحية الأمنية، والثاني يختص بمنع تمويل الإرهاب، ويندرج تحت ذلك تحدي منع تمويل الإرهاب إلكترونياً. ولفتت الدراسة إلى أن اعتماد السعودية أسلوب الإجراءات الوقائية مع الإرهاب بعامة ومع تمويله بخاصة يأتي ضمن اعتمادها سلسلة من الإجراءات الوقائية لمكافحة تمويل الإرهاب، نظير التزامها بقرار مجلس الأمن رقم 1373 لعام 2001 الذي يتضمن تجميد مصادر تمويل الإرهابيين المشتبه فيهم. والتزامها بالاتفاق العربي لمكافحة الإرهاب. واتفاق دول مجلس التعاون الخليجي لمكافحة الإرهاب والذي شمل 7 فصول تحوي 49 مادة، من ضمنها ما يتعلق بتدابير مكافحة تمويل الإرهاب وفق منطوق المواد التالية: وضع تدابير لمتابعة الأنشطة المالية للأفراد والهيئات، للكشف عن أنشطة دعم وتمويل الإرهاب بما يتفق مع التشريعات والأنظمة الداخلية لكل دولة، والعمل على منع أو نقل أو تحويل أموال من الدول الخليجية أو إليها، يشتبه في استخدامها في أنشطة تمويل الإرهاب ودعمه. ووفقاً للرصد الذي أجراه المؤلف، قام بحصر أهم إجراءات مكافحة تمويل الإرهاب في السعودية، في تجميد أموال الإرهابيين والتنظيمات الإرهابية، ومكافحة جرائم غسيل الأموال، ومراقبة تنظيم الأعمال المصرفية، ومراقبة تمويل أنشطة الجمعيات الخيرية والأهلية. واحتفت الدراسة بنجاح الضربات الاستباقية للإرهاب بوصفها من تدابير الأمن الوقائي التي تهدف إلى حفظ الأمن والسكينة للمواطنين بمنع وقوع الجريمة، وتعرف أيضاً بالتدابير الاحترازية الوقائية أو العلاجية لمكافحة الجريمة، قبل وقوعها. يتابع المرواني: «تنفيذ الضربات الاستباقية، يقتضي توفر القدر المناسب من المعلومات، لأنها هي خط الدفاع الأول عند وقوع العمليات الإرهابية، والتعامل مع الإرهابيين يتوقف على درجة النجاح التي يحققها جهاز الأمن في معرفة المعلومات الكافية، وفي الوقت المناسب، إلى جانب عنصر المفاجأة والتنبؤ». ويرى الباحث أن الضربات الاستباقية هي أكثر وسائل المكافحة أهمية، وهي السبيل لتفادي الخسائر المحتملة، مقارنة بالعمليات الأخرى التي تنفذها الأجهزة الأمنية وتتسم بالمواجهة الحقيقية مع الإرهابيين، وما تحمله من مخاطر في الأرواح والممتلكات. ومن خلال التوثيق والإحصاء بدا من البحث أن الأجهزة الأمنية السعودية انتهجت أسلوب وطريقة الضربات الاستباقية كإجراءات أمنية وقائية تهدف إلى ضبط الإرهابيين، وما يمتلكونه من أسلحة ووسائط إلكترونية تستخدم كأدوات في التمويل، سواء بتقديم الأموال عبر شبكة الإنترنت، أو تقديم وتبادل المعلومات والخبرات ذات الصلة بالأعمال الإرهابية. وأسفرت عمليات الضربات الاستباقية عن إحباط وضبط عدد من العمليات الإرهابية خلال الفترة من 2003 حتى 2009. وتوصل الكاتب إلى أن مجموع الضربات الاستباقية التي نفذتها الأجهزة الأمنية السعودية المناط بها مكافحة الإرهاب بلغ 38 ضربة، تنوعت بين ضبط خلايا إرهابية وأعداد من المطلوبين أمنياً بمداهمة أوكارهم وضبط الأسلحة والذخائر والأموال التي بحوزتهم، والوسائط الإلكترونية التي تستخدم كأدوات لتمويلهم، والقبض على من يأويهم أو يتستر عليهم، بمن فيهم مراجعهم الدينية الذين يحضونهم على الفكر التكفيري، ويستفتونهم في ما يقدمون عليه من أعمال إرهابية. وشملت هذه الضربات معظم مناطق المملكة، وأسفرت عن ضبط عدد من الوسائط الإلكترونية.