غريبة تلك النزعة الطفولية التي يملكها المشاهد العراقي والتي تدفعه في كثير من الأحيان الى الشغف بمتابعة أفلام الرسوم المتحركة أكثر من الاطفال، بحيث ان القنوات الخاصة بصغار السن تلقى اهتماماً مباشراً من الكبار أكثر من الاطفال. وغالباً ما تختلف العائلة العراقية حول طبيعة القناة أو البرنامج الذي تشاهده، وينقسم افرادها طبقاً لميولهم وأمزجتهم في آرائهم حول البرامج والمسلسلات. لكنّ هؤلاء من النادر أن ينقسموا في مشاهدة افلام الرسوم المتحركة التي تستهوي الجميع من دون استثناء. وبمرور الزمن تحولت تلك الرسوم الى حلول وسيطة عند اختلاف الآراء في طبيعة البرامج التي يتابعها كل فرد في العائلة، لا سيما تلك الرسوم الكرتونية التي سبق وشاهدوها في مرحلة الطفولة. اما الصغار الذين من المفترض ان يكونوا أكثر ميلاً لمتابعة تلك البرامج الطفولية، فلم تعد تلك الرسوم تستهوي الاجيال الجديدة منهم، وبات كثر يدمنون مشاهدة افلام الكبار وافلام الرعب اكثر من ميله لمتابعتها. والقضية الأهم في هذه التوجهات الطفولية العفوية هي إهمال الأسر لطبيعة البرامج التي يتابعها الصغار وعدم اهتمامها بالانتقائية بما يناسب اعمارهم، فالصغار مفتونون بأفلام الاكشن لما تحتوية من حركة ومشاهد بطولة مختلقة تدغدغ مخيلتهم الصغيرة وتستقطب اهتمامهم . أمير حيدر (6 سنوات) أحد الاطفال الذين أدمنوا مشاهد الرعب واعتادوا متابعة افلام الكبار، يشاهد الافلام التي يشاهدها والداه وجده في شكل يومي وبات موسوعة فريدة لحفظ اسماء الافلام والممثلين الذين يجسدون ادوار البطولة. يقول أمير ان افلام الرسوم المتحركة هي للاطفال الصغار الذين لم يدخلوا المدرسة ولا يعرفون كيف يكتبون اسماءهم، اما أمثاله الذين سينهون المرحلة الدراسية الاولى في الابتدائية فلا يحتاجون الى متابعة هذه الرسوم. أمير الذي يقضي ساعات طويلة يومياً امام شاشات التلفاز لمتابعة الافلام العربية والاجنبية، لا يختلف كثيراً عن شدن (7 سنوات ) التي تواظب هي الاخرى على متابعة افلام الرعب مع خالها الاصغر. فالخال الذي يدرس علوم الكومبيوتر في الجامعة لا يتوانى عن مشاهدة تلك الافلام مع الصغيرة التي تستمتع بتلك المشاهد ولا تشعر بالخوف كما يحدث عند بعض الاطفال. شدن تقول انها دخلت المدرسة واصبحت كبيرة ولا تريد ان تتابع برامج الصغار وافلام الرسوم المتحركة، وتوضح انها تحب افلام الاكشن وافلام الرعب اكثر بكثير من تلك البرامج التي تصفها بأنها تناسب جدها. الصغيرة التي تحدثت ببراءة عن ميولها نحو برامج التلفزيون تقول ان جدها وجدتها وخالتها يحبون افلام الرسوم المتحركة اكثر منها، وانهم يشاهدونها باهتمام بالغ وكأنهم ما زالوا صغاراً لم يدخلوا المدرسة بعد، تماماً كما كانت هي تفعل ذلك من قبل.