دفعت بعض ما تعرضه قنوات الأطفال من تجاوزات دينية وأخلاقية الآباء والأمهات لشراء برامج وأفلام الأطفال على أشرطة ممغنطة لمتابعة ومراقبة ما يشاهده أبناؤهم. في الوقت الذي تشهد فيه سوق أشرطة DVD بحسب عاملين فيه نشاطا ملحوظا بعد إقبال كثير من الأسر خلال السنوات الثلاث الماضية على شراء برامج الكرتون والرسوم المتحركة التي أنتجت على زمانهم, ولم تعد تعرض على شاشات التلفزة في الوقت الحالي في خطوة منهم لاستبدال ما يشاهده أطفالهم بالإنتاج القديم. ومن أهم البرامج التي سجلت طلبا مرتفعا في الفترة الأخيرة كما أكد عدد من العاملين في مجال بيع أشرطة دي في دي ل ''الاقتصادية'' البرامج التي أنتجت قبل 30 عاما مثل عدنان ولينا، هايدي، السنافر، سندي بل، بيل وسبيستيان، وسالي, بالإضافة إلى البرامج التعليمية والعلمية والتربوية مثل افتح يا سمسم والأناشيد الدينية التي تفتقر لها السوق على حد قولهم. وبينت الدكتورة هدى الغفيص مستشارة تربوية، أن التأثير النفسي للرسوم المتحركة على الأطفال كبير جدا حيث دلت نتائج دراستها ''أثر الرسوم المتحركة على القيم العقدية للأطفال ''أن أعلى تأثير نفسي على الإناث كان عند تخيل الجن والشياطين حيث بلغت نسبته 56 في المائة على من أجريت عليهن الدراسة بينما أعلى نسبة لدى الذكور كانت عند تخيل وجود شرور في الفضاء وذلك بنسبة 53 في المائة. وأضافت، إن الدراسة التي حللت برامج أربع قنوات فضائية ورصدت نتائج مشاهدة الأطفال لها في السعودية كشفت أن نسبة العبارات المخالفة للشريعة بلغت 61 في المائة في جانب الإيمان بالله، بالإضافة إلى العبارات المخالفة في جانب الإيمان بالملائكة والكتب السماوية والرسل واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره. مؤكدا في الوقت ذاته أن الإفراط في استخدامِ الخيالِ في الرسوم المتحركة في غاية الخطورةِ على تكوينِ مدركات الأطفال و يؤدي إلى تشويه الحقائق المحيطة بهم وإضعاف نموهم العقلي، لافتة إلى ضرورة أن يوظف الخيال في الرسوم المتحركة بصورة قليلة و ربطه بالحياةِ الواقعيةِ حتى ينمي الأطفال ميولهم نحو أشياءَ حقيقيةٍ في مجتمعهم. وحذرت من خلال الدراسة إنتاجِ أو إعادةِ إنتاج ِما فيه زرع الخوف في قلب الطفل، كون الطفل مِن سنتين إلى خمسِ مهيأ نفسياً لتقبل هذه المثيرات والتأثُّر بها, وكذلك استيراد البرامج وتقديمها كما هي للأطفال رغم ما فيها من تجاوزات تمس العقيدة والأخلاق وترسيخ للعنف والشعوذة والسحر والتفكك الأسري. في المقابل لا يعول الدكتور مساعد المحيا, أستاذ مشارك في قسم الإعلام في كلية الدعوة والإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, على المحطات الفضائية في تقديم برامج تربوية ترتقي بالطفل العربي المسلم، مؤكدا أن الفضائيات تبحث عن أكبر عدد من المشاهدين ضاربة بمسؤوليتها الاجتماعية عرض الحائط من خلال استيراد البرامج وتقديمها كما هي للأطفال رغم ما فيها من تجاوزات تمس العقيدة والأخلاق وترسخ العنف والشعوذة والسحر والتفكك الأسري. وأضاف المحيا أن الأطفال اليوم أصبحوا يستخدمون أجهزة الآيفون باحترافية والآي باد بشكل جيد ومن خلاله يستخدمون الكثير من الألعاب ويدخلون على الإنترنت وعلى كثير من المواقع وبالتالي اختلفت نوعية البرامج التي تعد للطفل لتحاكي ما يمكن أن يبحث عنه من مغامرة وحب الاستطلاع بعيدا عن الأسلوب التقليدي الذي كانت عليه. وحمل أستاذ الإعلام، الأسرة دورا كبيرا لافتا إلى أن الأمهات انصرفن إلى العمل والدراسة ووجدن في قنوات 24 ساعة مخرجا سريعا لإشغال الأطفال قائلا:''إن النسبةَ الأعلى لما يتابعه الأطفال هو الرسوم المتحرّكة المستوردة من بلاد غير عربية، وتكمن الخطورة في أن قطاعًا كبيرًا مِن الآباء والأمهات لا يتنبه لخطورةِ أثرها في الأطفال، فيلجأ إلى شغلِ أوقات الصغار بها لتعدد مسؤولياتهم، وتأتي المشكلة مِن سرعة تفاعل الأطفالِ مع مادتها ، وشِدَّة حرصهم على متابعتها، وزيادة ولعهم بتقليد أبطالها ،مطالبا بتحديد البرامج من قبل الوالدين ومتابعة ما لا يقل عن 40 في المائة مما يشاهده الطفل يوميا وتصحيح المفاهيم الخاطئة له في حال عرضها. إلى ذلك أكدت فايزة المحسن, تربوية وأم لثلاثة أطفال، أنها أصبحت تحرج أمام أطفالها من المشاهد التي تعرض في الرسوم المتحركة وأفلام الأطفال والتي تنقل حرفيا العادات الغربية من اللباس واحتساء المشروبات الروحية والتسليط على العلاقات المحرمة, وأحيانا التجاوزات الدينية الواضحة من خلال تصوير الذات الإلهية تتحدث من السماء إلى بعض الحيوانات . وتضيف قائلة ''ما يعرض حاليا على مدار 24 ساعة يفتقد في معظمه الروح التربوية والتعليمية لذلك لجأت للبحث عن البرامج القديمة التي كنت أشاهدها في صغري باعتبارها أفضل في القيمة التربوية, وتسلط الضوء على التكافل والتعاون واحترام الآخرين, بعكس ما يعرض حاليا من الاستهانة بالوالدين والآخرين والتراشق بالأطعمة''. وتصف مها الدوسري معلمة رياض أطفال, أن ما يشاهده الأطفال حاليا سلسلة من أفلام الرعب والتصوير الخيالي المبالغ فيه عن الأرواح والأشرار منوهة إلى أن من الملاحظ على الأطفال أنهم أصبحوا أكثر حركة وميلا للعنف والشجار كونهم يشاهدون فترات طويلة من برامج عن الأشباح والنزاع بين قوى الشر والخير والتحولات الجسدية للشخصيات الكرتونية وإظهار الأبطال وهم يدخنون. وتؤكد نورا فايز, أم لطفلين في مرحلة الروضة، أن برامج الكرتون باتت ترسخ لدى الأطفال حب الحيوانات المحرمة مثل الخنازير وتصويرها على أنها حيوانات أليفة ولطيفة وتعاني من ظلم غيرها دائما حتى بات يتردد اسم الخنزير بشكل عادي بين الأطفال بعد أن كان يشعرهم بالنفور. وتروي قائلة إنني قررت تغيير نوعية البرامج بعدما صدمت بطلب ولدي اقتناء خنزير, وعندما حاولت أن أشرح له لم يصدقني وبات يؤكد أنه حيوان جميل وودود, ومن خلال متابعة البرامج وجدت أن الصورة المقدمة عن هذا الحيوان جميلة جدا فضلا عن عرضه في أكثر من 90 في المائة من الرسوم والأفلام على الفضائيا.