شددت قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر على أن الرئيس المقبل «لن يكون من الجيش»، مؤكدة أن «المؤسسة العسكرية غير راغبة في السلطة، ولم ولن تقفز عليها». ودافعت القيادات خلال لقاء مع شباب قاطعته ائتلافات الثورة الرئيسة، عن القضاء العسكري وقوات الشرطة العسكرية المتهمة باستخدام العنف ضد المتظاهرين. وكان المجلس دعا الشباب إلى «حوار» في مسرح عسكري في القاهرة، عقده مساء أول من أمس، في غياب قوى رئيسة منها «حركة شباب 6 أبريل» و «ائتلاف شباب الثورة»، لكن المشاركين فوجئوا بأن جدول اللقاء الذي اتسم بفوضى عارمة، لا يتضمن حواراً، بل محاضرات لقيادات المجلس عن دور الجيش في الثورة والتعريف بالقضاء العسكري الذي كان عشرات يتظاهرون ضد إحالة المدنيين عليه أمام مسرح الجلاء التابع للجيش، حيث عقد اللقاء. وتحدث خلال اللقاء مساعدا وزير الدفاع اللواء محمد العصار واللواء ممدوح شاهين، واللواء محمود حجازي، ومدير إدارة الشؤون المعنوية في القوات المسلحة اللواء إسماعيل عتمان. وأكد الجنرالات أن «القضاء العسكري هو هيئة قضائية مستقلة فيها الضمانات كافة مثل القضاء الطبيعي»، كما حذروا من «وجود قوى معادية للثورة تسعى إلى تأجيج الفتنة الطائفية والوقيعة بين الجيش والشعب». وأكد شاهين أن المجلس سيتخذ قراراً وشيكاً في شأن المجالس المحلية التي يطالب الثوار بحلها، وعزا التباطؤ في محاكمة رموز النظام السابق إلى «حرص القضاء على الحصول على الأدلة الكافية ضد المتهمين». لكن رسائل الجيش لم تؤتِ ثمارها في تلطيف الأجواء المتوترة منذ فترة مع الائتلافات الشبابية التي لعبت دوراً رئيساً في اندلاع الثورة التي أطاحت الرئيس المخلوع حسني مبارك. وانسحب عشرات الشباب من اللقاء احتجاجاً على غياب الحوار وانتقاء الأسئلة الموجهة إلى قيادات المجلس، إضافة إلى سوء التنظيم والفوضى التي عمت اللقاء. ووزع ضباط من الجيش قبل بداية اللقاء استطلاعاً للرأي على الحضور تضمن 23 سؤالاً تنوعت بين الرأي في أداء المجلس العسكري، وما يهدد الثورة، ونظام الحكم الأمثل، والمرشح المفضل لرئاسة البلاد، ووضع الاستطلاع أسماء عمرو موسى ومحمد البرادعي وأحمد شفيق وكمال الجنزوري، وتجاهل أسماء أخرى أعلنت نيتها المنافسة مثل أيمن نور وحمدين صباحي. في غضون ذلك، بدأت وزارة العدل التحقيق مع ثلاثة قضاة متهمين «بالإدلاء بأحاديث صحافية من دون الحصول على إذن مسبق». وانتقد القضاة الثلاثة في أحاديث لوسائل إعلام، إحالة المدنيين على القضاء العسكري، معتبرين أن هذه المحاكم لا تضمن للمتهمين الحقوق نفسها التي يتمتعون بها أمام القضاء المدني. وكان وزير العدل محمد عبدالعزيز الجندي أحال القضاة الثلاثة حسن النجار وعلاء شوقي وأشرف ندا، على تحقيق داخلي، مؤكداً أنهم لم يحصلوا على تصريح مسبق من المجلس الأعلى للقضاء قبل الإدلاء بأحاديث لوسائل الإعلام. ونقلت صحيفة «الأهرام» عن القضاة الثلاثة قولهم إن القانون لا يلزمهم بالحصول على تصريح مسبق. وقال عضو «مجلس القضاء الأعلى» نائب رئيس محكمة النقض أحمد مكي إنه «ليس شرطاً على القضاة أن يحصلوا على إذن مسبق للحديث إلى وسائل الإعلام لأن هذا يعد مساساً بحريتهم كمواطنين». وأضاف أن «تعبير القضاة عن آرائهم في وسائل الإعلام وتوضيحهم دور القضاء الطبيعي والقضاء العسكري لا يعد إساءة إلى القضاء العسكري، ومطالبة القضاة بخضوع المدنيين للقضاء الطبيعي لا تعد إهانة للقضاء العسكري أو تشكيكاً في نزاهته». من جهة أخرى، وجّه المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين» محمد بديع انتقادات إلى القوى السياسية المطالبة بوضع دستور جديد للبلاد قبل إجراء الانتخابات النيابية. وأكد رفضه «أن تعين فئة من الناس، أو نخبة من أصحاب الرأي نفسها وصياً على الشعب حتى يبلغ رشده، ويستكمل وعيه». وأشار إلى أن «هذا السلوك من سمات النظام السابق والحزب الوطني المنحل، استناداً إلى تصور خاطئ بأن الشعب قاصر وعاجز عن إدراك مصلحته». ودعا القوى السياسية إلى «احترام رأي الغالبية باعتباره أساس الديموقراطية». ورأى أنه «ليس للأقلية أن تناقش رأياً اجتاز دور المناقشة، أو تشكك في رأي وضع موضع التنفيذ». وطالبها ب «التحرك متحدة في ما تتفق عليه وترك ما تختلف فيه»، كما ناشدها عدم النزول إلى ميدان التحرير «إلا بما اتفقنا عليه من مطالب». إلى ذلك، أوصت لجنة النظام الانتخابي في «مؤتمر الوفاق القومي» بإلغاء نسبة 50 في المئة عمال وفلاحين في انتخابات مجلس الشعب، كما اقترحت تشكيل لجنة قضائية مستقلة للانتخابات، تقوم بالإدارة والإشراف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمجالس المحلية «من إعداد القوائم والإشراف على عملية الاقتراع، وانتهاء بعمليات الفرز وإعلان النتائج». وناقشت اللجنة في اجتماعها أمس في مقر مجلس الشعب قانون الانتخابات الرئاسية. وأوصت بعدم أحقية رئيس الجمهورية في تعيين أي عدد من أعضاء مجلس الشعب، إضافة إلى «تقسيم الدوائر الانتخابية على المستوى القومي بحيث يكون عددها من 80 إلى 88 دائرة وفقاً لقاعدة دائرة لكل مليون نسمة تقريباً، على أن يراعى في هذا الوضع الخاص بمحافظات الحدود من حيث عدد السكان».