أحدث قطاع الطيران التجاري خلال مئة عام من وجوده ثورة في العالم بمساهمته في التنمية الاقتصادية للدول، إلاّ أن شركات الطيران المجتمعة في الدوحة تجد صعوبة في تحقيق أرباح. ومنذ الرحلة الأولى في فلوريدا مطلع 1914 "غيّر الطيران العالم بشكل لا يوصف، وهو تغيير للافضل"، وذلك بحسب كلمات المدير العام لمنظمة النقل الجوي الدولية (اياتا) توني تايلر. وتضم المنظمة 242 شركة طيران تمثل 84 بالمئة من اجمالي حركة الطيران في العالم، وهي تعقد حاليا جمعيتها العمومية التي تستمر حتى الثلاثاء في العاصمة القطرية الدوحة. وبحسب المسؤول في إياتا، فإن 3.3 بليون راكب سيسافرون جوا هذه السنة، فيما سيتم نقل 52 مليون طن من البضائع بواسطة الطائرات. وهناك مئة الف رحلة طيران كل يوم في العالم الذي يوفر فيه قطاع الطيران 58 مليون وظيفة. الا ان تايلر اسف لكون "الاداء المالي (لشركات الطيران) ليست على قدر القيمة التي يخلقها القطاع". وتوقع تايلر ان تبلغ ارباح شركات الطيران 18 بليون دولار هذه السنة بعد ان كانت المنظمة توقعت في وقت سابق هذه السنة ارباحا عند مستوى 18.7 بليون دولار. وذكر تايلر ان هامش الارباح يبقى ضئيلا للشركات بالرغم من التوقعات بزيادة صافي الارباح لشركات الطيران هذه السنة بمقدار 10.6 بليون دولار مقارنة بالعام 2013. وستوازي الارباح هذه السنة ثلاثة اضعاف ارباح القطاع في 2012 تقريبا. وقال ان "الرقم يبدو مبهراً إلاّ أن الواقع الاقتصادي هو ان هامش الربح سيكون بنسبة 2.4% فقط من اصل عائدات تبلغ 746 بليون دولار". وبحسب تايلر، فان الربح هو بمعدل اقل من ستة دولارات للراكب الواحد. إلاّ أن "الخبر الجيد" بحسب تايلر هو "ان ارباح شركات الطيران تتحسن. العائد الوسطي على راس المال المستثمر هو اليوم عند مستوى 5.4% مقارنة ب1.4% في 2008". إإلاّ أن شركات الطيران ما زالت بعيدة عن نسبة عائد يصل الى المستويات التي يرغب بها المستثمرون عند 6 الى 8%. لكن الامكانيات مهمة في القطاع، شرط تليين الانظمة التي تحكم الطيران حاليا. وتندد "اياتا" منذ زمن طويل بعدم القدرة على تعزيز عمليات الدمج بين الشركات في القطاع اذ ان الدول وضعت قواعد صارمة للاستحواذ على حصص في شركات الطيران الاوروبية او الاميركية. وتمكنت الشركات من تجاوز هذه العقبة بشكل جزئي من خلال الاتفاقات الثنائية مثل الاتفاق بين الخطوط الجوية الفرنسية وشركة دلتا الاميركية في الرحلات العابرة للمحيط الاطلسي، ام من خلال التحالفات الجوية مثل تحالف "سكاي تيم" او "ستار الاينس". الا ان القطاع يبقى يعاني من تشرذم كبير مع وجود مئات شركات الطيران في السوق. وشدد الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية أكبر الباكر الاثنين خلال الجمعية العمومية على اهمية الطيران التجاري في النمو الاقتصادي، ودعا الدول الى عدم تجاهل هذا القطاع الذي يمكن ان يشكل وسيلة مهمة لقيادة النمو. ودعا الباكر الحكومة الهندية بشكل خاص الى ان "ترى في الطيران وسيلة مهمة جدا للتنمية الاقتصادية في الهند". كما دعا تايلر من جهته الحكومات الى "خلق ظروف مناسبة" لنمو النقل الجوي على غرار الخطوات التي تتخذ في قطاعات اخرى. وفي مجال سلامة الطيران، ما زال القطاع تحت وطأة صدمة اختفاء رحلة شركة الخطوط الجوية الماليزية "ام اتش 370"، وقد شددت الشركات على عزمها اخذ التدابير اللازمة في هذا المجال. وقال تايلر في هذا السياق "ان فقدان الرحلة الماليزية يؤكد وجود حاجة ملحة ففقدان طائرة مدنية دون ترك اي اثر لفترة طويلة هو امر غير مسبوق في التاريخ الحديث للطيران. ان ذلك الامر يجب بكل بساطة الا يتكرر". وذكر في هذا السياق بان "اياتا" يفترض ان تقدم مشاريع اقتراحاتها في هذا الاطار الى المنظمة الدولية للطيران المدني في ايلول (سبتمبر). ودعا تايلر الى مقاربة عالمية لهذه الاشكالية. وستتطرق "إياتا" الثلثاء الى سبل رصد الطائرات. وقال تايلر إن "هدفنا النهائي هو ان نتمكن من توقع الحوادث المحتملة والتأكد من عدم حصولها. ان هذا الامر ليس خيالاً علمياً". وأضاف أن "كل معلومة جديدة وكل تطوير في قدرتنا على التحليل يقربنا من هذا الهدف".