شكّلت الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف في سورية السبت، أول مواجهة مباشرة علناً بين العدوين اللدودين إسرائيل وإيران، بعد أشهر من التوترات، لكن الجانبين لا يرغبان على ما يبدو في خوض حرب حالياً، كما قال محللون. وهي المرة الأولى يعلن فيها الجيش الإسرائيلي في شكل واضح ضرب «أهداف إيرانية» في سورية، كما أنها المرة الأولى التي يتم فيها إسقاط مقاتلة اسرائيلية منذ العام 1982، كما أوردت وسائل الإعلام الإسرائيلية. وشنّ الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات على أهداف سورية وإيرانية رداً على اختراق طائرة ايرانية من دون طيار أطلقت من سورية مجالها الجوي، كما يقول الجيش الإسرائيلي، لكن طهران نفت هذا الأمر. ورأت سيما شاين التي شغلت في السابق منصب نائب مدير الملف الإيراني في وزارة الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية، أن تسلسل الأحداث يشير إلى أن العسكريين الإيرانيين في سورية لم يقوموا على الأرجح بتنسيق عملية الطائرة من دون طيار مع القيادة السياسية في طهران. وقالت: «من ناحية سياسية بالنسبة إلى إيران، أعتقد أن هذا كان أسوأ توقيت»، في إشارة إلى الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، إضافة إلى جهود طهران الديبلوماسية للحفاظ على الاتفاق النووي. ووفق شاين، فعلى الأرجح أن «الحرس الثوري الإيراني» قرر، سواء في طهران او مهمته في سورية، أن «هذا أفضل وقت تشغيلي بالنسبة إليهم». ورجحت وقوع حوادث مماثلة ولكنها استبعدت اندلاع مواجهة كاملة، قائلة «في الوقت الحالي، سيقوم الجانبان بتحديد الرد. ولن يكون هناك تصعيد في المستقبل القريب جداً». وفيما أثنى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على الغارات معتبراً أنها شكّلت «ضربة قوية للقوات الإيرانية والسورية»، ركّزت وسائل الإعلام الإيرانية المقربة من النظام على إسقاط الطائرة الإسرائيلية من جانب الدفاعات الجوية السورية، وكتبت إحدى الصحف أنها «نهاية السماء الآمنة للنظام الصهيوني في سورية». ولا ترغب إسرائيل في أن تعزز عدوتها اللدود إيران، وجودها العسكري في سورية عبر دعمها نظام الرئيس بشار الأسد. لكنّ ايران تبدو مصممة على البقاء هناك، فيما يظهر النظام السوري أكثر عزماً على التصدي للغارات الجوية الإسرائيلية داخل البلاد، كما يقول محللون. ورأى المحلل في «مجموعة الأزمات الدولية» أوفر زالزبرغ أن المواجهة الأخيرة في سورية زادت من فرص اندلاع حرب على المدى الطويل. وقال: «اقتربنا خطوة إلى الأمام»، موضحاً «ليس بسبب الحادث نفسه بل نرى أن الجانبين يتخذان الآن مواقف أكثر حزماً». وفي طهران، رأى المحلل السياسي مجتبى موسوي أن النيران السورية المضادة للطائرات التي أسقطت الطائرة الإسرائيلية تمثل «تحولاً في استراتيجية سورية وحلفائها»، مؤكداً أن ايران مصممة على البقاء في سورية. وأضاف «اسرائيل والولايات المتحدة تسعيان إلى منع أو تحديد وجود ايران في سورية بعد الحرب»، مشيراً إلى أن «ايران لن تتراجع ولن تترك سورية لأنها حليف جيوإستراتيجي مهم بعد سنوات من القتال ودفع الثمن لإنقاذها».