في تصريحات شديدة اللهجة تلت إصداره الأحد الماضي «تحذيراً أخيراً» للقوات الأجنبية بعد مقتل 14 مدنياً بينهم نساء وأطفال في ضربة جوية شنّتها مروحية تابعة للحلف الأطلسي (ناتو) في ولاية هلمند الجنوبية السبت، أعلن الرئيس الأفغاني حميد كارزاي أن الحلف شمال الأطلسي «قد يصبح قوة احتلال» في حال استمرت هذه الضربات التي «لم يعد الشعب الأفغاني يحتملها». وقال مذكراً بتاريخ أفغانستان الطويل في التعامل مع قوى الاحتلال، خصوصاً الاتحاد السوفياتي السابق الذي دخلت قواته أفغانستان عام 1979 وانسحبت منها بعد عشر سنوات: «إذا استمرّ القصف الجوي على منازل شعبنا بعدما حظرته الحكومة، سيتغير وجود الأطلسي من قوة تخوض حرباً ضد الإرهاب الى قوة محتلة». وزاد: «في تلك الحالة يشهد التاريخ على كيفية تعامل الأفغان مع قوى الاحتلال». واعتذر «الناتو» عن الحادث في هلمند، مشدداً على أن قواته تبذل قصارى جهدها للحد من سقوط ضحايا مدنيين أبرياء، فيما كرر كارزاي مرات ان «الحرب على الإرهاب» يجب أن تكون في باكستان حيث قواعد المتمردين، بدلاً من أفغانستان وحذَّر قائد القوات البريطانية في افغانستان الجنرال جيمس باكنال القادة السياسيين من أخطار إجراء خفض كبير لعدد قوات التحالف الدولي في هذا البلد، «لأنه قد يقوض الإنجازات التي تحققت العام الماضي». وقال الجنرال باكنال، الذي يشغل ايضاً منصب نائب قائد قوات الحلف الاطلسي (ناتو) في افغانستان لصحيفة «تلغراف»، إن «الوقت غير مناسب حالياً لإرسال إشارات متناقضة حول الالتزام بالحملة العسكرية في افغانستان». وزاد: «نعِم التحالف بشتاء جيد، ويجب ان نحافظ على ما كسبناه حتى خريف 2012 على الاقل، بعدما بدأنا نجني اليوم فوائد توفيرنا الوسائل لتعزيز الإستراتيجية التي اعتمدناها دائماً، علماً ان وسائل كثيرة لم تثمر الا في خريف 2010». وأشار الى ان «العمليات الليلية للقوات الخاصة أضعفت التمرد عبر اعتقال أو قتل زعمائه والاستيلاء على مخابئ للأسلحة والمتفجرات، ووضعته تحت ضغوط أكبر من أي وقت مضى، لكننا نتوقع أن يعود ويركز جهوده في ولايتي قندهار وهلمند الجنوبيتين». وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون أعلن اخيراً ان بلاده ستسحب 450 جندياً من افغانستان نهاية السنة الحالية، وذلك بخلاف رأي مسؤولي الدفاع في البلاد، الذين يعتبرون ان هذا الخفض اكبر مما يجب، علماً ان لندن تنشر حوالى 10 آلاف جندي في افغانستان معظمهم في هلمند، قُتل منهم 368 جندياً منذ نهاية العام 2001. وفي ظل تصاعد أعمال العنف في افغانستان خلال الأسبوعين الماضيين، مع بدء حركة «طالبان» هجومها المعتاد في الربيع بعد انتهاء موسم حصاد الأفيون، قتل ضابط برتبة عريف وجندي أستراليان في حادثين منفصلين، ما رفع الى 26 عدد الجنود الاستراليين الذين قضوا في افغانستان منذ بدء النزاع في هذا البلد، والى 274 عدد جنود الحلف الاطلسي الذين قتلوا في افغانستان منذ مطلع السنة. وأوضحت وزارة الدفاع الاسترالية ان الجندي أندرو غوردون (25 سنة) قتل برصاص اطلقه جندي أفغاني، ثم قضى بعد ساعات العريف ماركوس شون كايس إثر تحطم مروحية من طراز «شينهوك» خلال تنفيذها عملية نقل إمدادات في ولاية زابول. وتنشر استراليا حوالى 1550 جندي في أفغانستان، وتشمل مهمتهم الرئيسية تدريب الكتيبة الرابعة من الجيش الوطني. على صعيد آخر، اعلنت وكالة الاستخبارات الافغانية، ان الاعتداء الذي اسفر عن مقتل ستة اشخاص في شمال افغانستان السبت الماضي، بينهم قائد الشرطة في شمال البلاد الجنرال محمد داود داود وجنديان ألمانيان، نُفِّذ عبر تفجير قنبلة وضعت في رواق مكتب الحاكم وجرى التحكم بها من بعد، ولم يكن هجوماً انتحارياً. وأكد مركز قيادة الجيش الالماني في بوتسدام قرب العاصمة برلين فرضية تنفيذ الاعتداء بقنبلة «شديدة الانفجار» انفجرت لدى خروج مسؤولين افغان ودوليين كبار من اجتماع عالي المستوى، ما تسبب ايضاً في اصابة حاكم ولاية طخار وقائد قوات الحلف الاطلسي في شمال افغانستان الجنرال الالماني ماركوس كنايب. ونقِل كنايب الى ألمانيا لإجراء فحوص طبية، ويتوقع عودته الى افغانستان خلال ثلاثة اسابيع. وكثفت «طالبان» اخيراً اعتداءاتها التي تستهدف مواقع حساسة وآمنة في انحاء افغانستان، ما يثير مخاوف من اختراق صفوف قوات الأمن الافغانية ويبرز تكتيكاً جديداً يهدف الى تشويه سمعة الحكومة الافغانية والحلف الاطلسي. وفي زيارة مفاجئة لأفغانستان، اعلن رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر، أن هذا البلد «لم يعد مصدراً للارهاب العالمي، ما يشكل انجازاً لافتاً، لكن تهديد الارهاب لا يزال موجوداً ولم يتم القضاء عليه بالكامل». وأضاف مخاطباً جنود بلاده في قاعدة سبيروان غار بقندهار: «يظن البعض ان التضحيات التي تقدمونها، ومع نبأ مقتل زعيم القاعدة اسامة بن لادن، ان التهديد الارهابي قد زال. للأسف هذا وهم. لا نستطيع الادعاء ان الارهاب لا يهدد كوكبنا او حتى بلدنا نفسه». وتأتي زيارة هاربر في وقت تستعد القوات الكندية التي تنتشر في افغانستان منذ عام 2002 للانسحاب نهائياً بحلول نهاية السنة، تمهيداً لإرسال حوالى 950 مدرباً عسكرياً لتدريب القوات الافغانية. وخسرت الكتيبة الكندية في افغانستان 156 جندياً منذ عام 2002، آخرهم الاسبوع الماضي، في حادث لا يزال غامضاً، إذ اعلن وفاة جندي لإصابته «بجروح لا علاقة لها بالمعارك»، ما يدعو الى الظن بأنها نجمت من عملية انتحار على الارجح.