انتقل الصراع على المؤسسات والقرار في لبنان، في ظل استمرار الفراغ الحكومي منذ أكثر من 4 أشهر، الى مرحلة جديدة أمس بدخول رئيس الجمهورية ميشال سليمان على خط السجال والمواجهة في شأن حادثة وزارة الاتصالات والخلاف فيها بين الوزير والمدير العام، وبين الوزير وقوى الأمن الداخلي، وبدعوة رئيس البرلمان نبيه بري الى جلسة نيابية تشريعية في 8 حزيران (يونيو) بالاستناد الى اجتهاد قانوني يتيح للبرلمان تعديل قانون مصرف لبنان المركزي ليبقى حاكمه رياض سلامة في منصبه حتى تشكيل حكومة جديدة، في ظل خلاف على هذا الاجتهاد مع رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري وقوى 14 آذار التي ترى التجديد لسلامة بمرسوم جوال يحظى بموافقة 20 وزيراً في الحكومة المستقيلة، باعتبار أن الأمر من صلاحية السلطة التنفيذية وأن عقد جلسة تشريعية في ظل حكومة مستقيلة غير دستوري ومخالف للميثاق. في هذا الوقت، استقبل أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مساء أول من أمس، في قصر الوجبة في الدوحة رئيس «جبهة النضال الوطني النيابية» وليد جنبلاط يرافقه وزير الأشغال غازي العريضي لعرض آخر التطورات على الساحة اللبنانية. وحضر اللقاء نائب رئيس مجلس الوزراء القطري ورئيس الديوان الأميري عبدالله بن حمد العطية. ومع انشغال كبار المسؤولين اللبنانيين بتداعيات الانفجار الذي استهدف الوحدة الإيطالية في قوات الأممالمتحدة الموجودة في جنوب لبنان عصر الجمعة الماضي، فإن التأزم السياسي الداخلي بلغ وتيرة سريعة على مستويات عدة. فقد شهدت لجنة الاتصالات النيابية نقاشاً قانونياً وسياسياً لأكثر من 5 ساعات حول نزاع وزير الاتصالات شربل نحاس (تكتل التغيير والإصلاح بزعامة العماد ميشال عون) مع المدير العام في الوزارة عبدالمنعم يوسف، حول تفكيك معدات لشبكة ثالثة للهاتف الخليوي، وحول نزاع نحاس مع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي. وفيما دافع نحاس عن موقفه مؤكداً صلاحياته كوزير، فند نواب من قوى 14 آذار مخالفته للقوانين والدستور في موقفه من شبكة الاتصالات هذه. ودخل السجال الإعلامي بين الجانبين متاهات فنية وقانونية عرضت خلالها مستندات كثيرة، لا سيما من نواب 14 آذار عنوانها التشكيك بأهداف نحاس من وراء السعي لتفكيك المعدات ومن وراء زيارته مبنى وزارة الاتصالات حيث هذه المعدات للطلب من قوى الأمن الانسحاب منها. وفي المقابل شكك فريق 8 آذار وحلفاء نحاس بالهدف من وجود الشبكة الثالثة متخوفين من أن يتم استخدامها في شكل غير قانوني (لم يتم تشغيلها الى الآن). وفيما كانت لجنة الاتصالات تغوص بنقاشات حامية من دون التوصل الى نتيجة واضحة، أصدرت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بياناً أعلنت فيه أنها «أبلغت وزير العدل إبراهيم نجار تعليمات الرئيس سليمان بالتأكيد على الطلب من معاليكم اتخاذ الإجراءات التي تنص عليها القوانين والأنظمة المرعية، في شأن عدم تنفيذ المدير العام لقوى الأمن مضمون كتاب معالي وزير الداخلية والبلديات رقم 9143 بتاريخ 26-5-2011 على إخلاء الطبقة الثانية من مبنى وزارة الاتصالات». وكان تم الاتفاق على مخرج لحماية المعدات، عصر الجمعة نتيجة اتصالات بين سليمان والحريري، قضى بتسليم وحدة من الجيش المهمة... ورد اللواء ريفي الذي يدعم موقفه الرئيس الحريري على مطالبة العماد عون أول من أمس بإحالته الى القضاء العسكري بعد كف يده، (تقدم نحاس بشكوى ضده لدى القضاء العسكري) بالقول: «الأمر لا يستحق إشغال الناس وينطبق عليه المثل الشعبي أن الجنازة حامية والميت كلب». وتمنى ريفي «أن يتحرك القضاء ليضع حداً للافتراءات القائمة على الكذب والتلفيق». وأكد أن ما قام به «قانوني يدخل ضمن صلاحيات قوى الأمن». وتساءلت مصادر في تيار «المستقبل» عما «إذا كان يحق للرئيس سليمان أن يطلب من وزير العدل محاسبة ريفي فضلاً عن غياب أي ملف قانوني في حقه». أما على صعيد دعوة بري الى جلسة تشريعية في 8 حزيران «لدرس مشاريع واقتراحات قوانين يقررها مكتب المجلس قبل عقدها»، على رغم عدم موافقة قوى 14 آذار، التي تقترح التجديد عبر مجلس الوزراء للحاكم سلامة ولاية جديدة بدل التمديد له الى حين تشكيل حكومة جديدة، فإن رئيس البرلمان اتصل بنائبه فريد مكاري (كتلة المستقبل) لإبلاغه أن جدول الأعمال سيقتصر على بند واحد هو موضوع حاكمية مصرف لبنان. وفيما يتوقع أن ترد كتلة «المستقبل» على هذه الدعوة باعتبارها غير قانونية وغير ميثاقية في ظل استقالة الحكومة، فإن مصادر نيابية أشارت الى أن المدة الفاصلة مع عقد الجلسة تفتح مجالاً للتوصل الى تسوية في شأنها. وإذا بقي النزاع بين الاجتهادين قائماً يُخشى من أن يؤدي ذلك الى فراغ في الحاكمية ليتولى النائب الأول للحاكم صلاحياته. وهاجم بري قوى 14 آذار في خطاب القاه مساء أمس معتبراً أن «ثورة الأرز أعادت لبنان 60 عاماً الى الوراء واستهلكت الأموال العامة وزادت الدين على المستقبل وأمنت المناخ للمزيد من التدخل الأجنبي وهذا سبب فشلها». وتحدث بري عن «استخدام بلدنا قاعدة ارتكاز لإسقاط سورية وهناك من يحاول قلب الجغرافيا وخلق تماس مع سورية من جهة الشمال».