اقترب الوضع اللبناني مما يشبه الفوضى السياسية جراء الاصطفاف السياسي بين «قوى 14 آذار» و «قوى 8 آذار» بسبب تفاقم الخلافات حول إدارة بعض المؤسسات وبين عدد من الوزارات، في ظل استمرار الفراغ الحكومي الذي يظلّل صراعاً على النفوذ والقرار والصلاحيات. وامتد الانقسام السياسي الى أعلى المستويات مع حصول خلاف بين رئاستي الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال، إضافة الى الخلاف بين رئاسة المجلس النيابي ورئاسة الحكومة إن في ما يتعلق بمعالجة ذيول الإشكالات داخل وزارة الاتصالات أو بين الوزير شربل نحاس وبين المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، أو بين الأخير ووزير الداخلية المعتكف زياد بارود، أو حول موضوع دعوة رئيس البرلمان نبيه بري الى جلسة تشريعية في 8 حزيران (يونيو) المقبل للتمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والتي تعترض عليها قوى 14 آذار معتبرة إياها غير دستورية وغير ميثاقية. وفيما استمر النزاع بين وزيرة المال والوزير نحاس حول صلاحية صرف رواتب لمؤسسة «أوجيرو»، فإن تقدم الأول بشكوى ضد المدير العام في الاتصالات عبدالمنعم يوسف أمام القضاء، وضد ريفي في القضاء العسكري ومطالبة رئيس الجمهورية ميشال سليمان وزارة العدل بتحريك القضاء لاتخاذ إجراءات حيال ريفي لرفضه تنفيذ أمر الوزير بارود، وإصرار رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون على ملاحقة المديرين العامّين، تنقل الخلافات السياسية الى القضاء وسط تساؤل في الجسم القضائي عن مخاطر إقحامه في التنازع على الصلاحيات بين فريقي الصراع على القرار لمن في الدولة. وفيما دعا بري الى اجتماع لهيئة مكتب المجلس للبحث في جدول أعمال الجلسة التشريعية، اعتبرت مصادر قوى 14 آذار أن التمديد لحاكم مصرف لبنان عبر قانون في مجلس النواب «يقفز فوق صلاحيات مجلس الوزراء»، مؤكدة أنه يمكن التجديد له عبر مرسوم جوال يوقعه 20 وزيراً أو دعوة مجلس الوزراء المستقيل الى الاجتماع لاتخاذ قرار بالتجديد له ولاية كاملة، وأن هذه الخطوة يمكن تبريرها بأن الضرورة تقتضي الإقدام عليها. وكان الخلاف حول هذا الموضوع مدار بحث بين رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والرئيس سليمان. وقالت مصادر مطلعة إن رئيس الجمهورية أبلغ السنيورة أنه يقوم بجهد من أجل التوصل الى مخرج يتم التوافق عليه بين الجميع. وناقش السنيورة، وبعده النائب أحمد فتفت من «المستقبل»، مع سليمان قراره المطالبة بمحاسبة اللواء ريفي قضائياً والتحفظ عنه، وسط انتقادات من نواب في كتلة «المستقبل» لخطوة رئيس الجمهورية، وهجوم من بعضهم على الوزير بارود متهمين إياه بأنه لم يحرك ساكناً إزاء مخالفات ارتكبها ويرتكبها آخرون، تقع تحت صلاحياته. وإذ دافع فتفت عن ريفي مؤكداً أن تصرفه (برفض طلب بارود سحب قوى الأمن من حراسة معدات وزارة الاتصالات بطلب من مؤسسة أوجيرو) كان قانونياً، أكد أن سليمان متمسك بإحالة اللواء ريفي على القضاء. وقالت مصادر «المستقبل» إنه جرى إبلاغ سليمان أن «لا أحد فوق القانون لكن ليس بهذه الطريقة تعالج النزاعات على الصلاحيات داخل المؤسسات، خصوصاً أن ريفي كان يقوم بحماية ممتلكات عامة والمشكلة ليست بينه وبين الوزير بارود، بل بين بارود وبين قوى سياسية أخرى». وكان العماد عون اعتبر أن طلب سليمان من وزير العدل إبراهيم نجار اتخاذ إجراءات قانونية حيال ريفي «بداية القطار على سكة القانون»، وتمنى «ألا يأخذ الأمر شهوراً». ورأى رئيس «حزب الكتائب» الرئيس أمين الجميل أن ما يجري «مدمّر»، وانتقد تعطيل دور رئيس الجمهورية واعتبر، بعد لقائه بري، أن مجلس النواب «لا يستطيع أن يقوم مقام الحكومة». واستغرب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الدعوة الى محاكمة ريفي، معتبراً أن قوى الأمن الداخلي في ظل ريفي «هي القلعة الأمنية الوحيدة المتبقية التي لا تتأثر بأحد وعصية على الاختراقات من حزب الله».